هرجيسا – منذ 1997 وأشا علي إبراهيم، 41 عاما، تجري عملية تشويه الأعضاء التناسلية (الختان) على الفتيات في ديامي، في هرجيسا، وغيرها من أنحاء الصومال. فشهرى يوليو/تموز وأغسطس/آب هما شهرا الذروة لنشاطها على مدار العام. حيث قالت أشا لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "هذا هو موسم الذروة، عندما يجلب الآباء طفلاتهن لقطع (أعضائهن التناسلية(."
تعتبر شهور يوليو/تموز وأغسطس/آب وسبتمبر/أيلول أقرب إلى "موسم القطع" بالنسبة للكثير من الفتيات حول العالم، حيث تعني عطلة الصيف المدرسية أن لدى الفتيات الوقت للخضوع لممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان). وعلى الرغم من ندرة البيانات الرسمية المتوفرة، يقول الخبراء إن ممارسة الختان تُجري أثناء فترة الأجازة المدرسية في مناطق من غينيا ونيجيريا والصومال.
بل إنه في بعض الحالات، تسافر الفتيات خارج بلدانهن للخضوع لهذه الممارسة. وفي أماكن أخرى، يكون الختان مقدمة لـ زواج الأطفال، الذي قد يحدث أيضا أثناء الإجازة المدرسية.
يُمارَس تشويه الأعضاء التناسلية للإناث لأسباب متنوعة. ففي بعض المناطق، تأتي الممارسة من بسبب الاعتقاد بأنه لابد من قطع الأعضاء التناسلية للفتيات للسيطرة على الرغبة الجنسية لديهن. وفي مناطق أخرى يكون السبب هو فكرة أن الفتاة التي لم تخضع لهذه الممارسة تكون قذرة وقبيحة، أو أن الختان شرط أساسي للزواج. لكن هذه الممارسة تؤدي لمشكلات صحية خطيرة، منها النزف والعدوى والمضاعفات أثناء الولادة بل وحتى الوفاة.
إلا أنه في كل الحالات، فإن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (الختان) هو أمر معترف به دوليا باعتباره انتهاكا لحقوق الإنسان.
المخاطر
خضع ما يقرب من 98 في المائة من النساء والفتيات في الصومال إلى شكل من أشكال تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، بحسب دراسة مسحية صادرة في 2011. أما النوع الأكثر شيوعا فيتضمن قطع الأعضاء التناسلية ثم خياطتها مقفلة، وهو ما يمكن أن يؤدي لأضرار خطيرة ومزمنة.
تخضع الفتيات الصوماليات عادة لهذا الإجراء في سن تتراوح بين السابعة والعاشرة من العمر، لكن السيدة إبراهيم تقول إن الفتيات التي يتم إحضارهن من خارج البلاد – خاصة من الولايات المتحدة وأوروبا – عادة ما يكنَ في سن أكبر، بين 12 إلى 14 عاما. وقالت: "يكون من الصعب إلى حد ما القيام بهذه الممارسة على النسيج الأكثر نضجا، كما تكون مقاومة الفتيات الأكبر سنا أكثر من نظيراتهن الأصغر."
والسيدة إبراهيم على دراية ببعض المخاطر. فعندما اضطلعت بدور الخاتنة الذي ورثته عن والدتها المسنة، كان الدافع وراء ذلك هو رغبتها في حماية صحة الفتيات.
وأوضحت: "كانت والدتي تستعمل شفرة واحدة على كل الفتيات التي تقوم بختانهن. وقد مرضت ابنتي بمجرد خضوعها لهذه الممارسة على يد والدتي، حيث علمت في المستشفى بأنها قد تكون أصيبت بنوع من العدوى من جراء ذلك. كنت أجهز نفسي لخلافة والدتي ومن ثم فقد طلبت منها أن تتوقف عن ممارسة الختان وتوليت أنا المهمة."
تستخدم السيدة إبراهيم شفرة لكل فتاة لتفادي العدوى. أما أدواتها الأخرى فتشمل قنينة يدوكائين صغيرة، وسيرنجات يتم التخلص منها فور استعمالها، وكرات من القطن الطبي، والبيض الخام الذي تقول إنه يعالج الجروح، ومسحوقا من الأعشاب التقليدية والبنسيلين لمنع الإصابة بالعدوى، وخيطا أبيض سميكا لخياطة الفتيات بعد قطع أعضائهن التناسلية، وبعض الروائح الكحولية للتنظيف. تحصل السيدة إبراهيم على هذه المستلزمات من الصيدليات المحلية من دون وصفة طبية.
وعلى رغم تدقيقها، فقد وقعت بعض الحوادث، إذ تقول السيدة إبراهيم إنها هرعت بعدد من الفتيات اللاتي أصابهن النزف إلى المستشفى. وبرغم هذا، فهى فخورة بعملها، وتشعر بأنها تقوم بممارسة ثقافية مهمة. وهي تنكر أنها تؤدي إلى وقوع مشكلات أثناء الولادة.
ومن المقرر أن تخضع حفيدتها الصغيرة للختان هذا الموسم، بالرغم من تأجيل الإجراء. حيث قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "لم تكن على ما يرام مؤخرا وأنتظر تحسن حالتها الصحية حتى أقوم بختانها. الختان مهم باعتباره انتقالا لمرحلة البلوغ. فهو يحول الفتاة إلى سيدة ولهذا يجب ختان كل الفتيات في بيتي."
العالم يتغير
قال أحمد جاما، وهو أخصائي يعمل مع صندوق الأمم المتحدة للسكان على قضية تشويه الأعضاء التناسلية للإناث: "تُغلق المدارس لمدة شهرين بين يوليو/تموز وأغسطس/آب، وهذا في واقع الأمر هو موسم الذروة لممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. تسافر الفتيات من الغرب ومن جيبوتي ليتم قطع أعضائهن التناسلية هنا."
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالاشتراك مع الحكومات والعاملين الصحيين والمنظمات المحلية وكذلك القادة الدينيين والنشطاء الشباب على تشجيع المجتمعات وصانعي القرار على التخلي عن هذه الممارسة.
وقد راجع معهد هرجيسا للصحة منهجه الخاص بتدريس القبالة العام الماضي، بمساعدة صندوق الأمم المتحدة للسكان، لتدريس كيفية السيطرة على المضاعفات ذات الصلة بتشويه الأعضاء التناسلية للإناث التي تنشأ أثناء الولادة. كما يدرب البرنامج قابلات المستقبل على أن تصبحن مناصرات للتخلي عن هذا الإجراء.
قالت السيدة نيمو حسين، مديرة المعهد: "العالم يتغير، والصوماليون يتغيرون معه."
أما القادة الدينيون كالشيخ ألميس يحيي إبراهيم، 47 عاما، فهم يشجعون هذه التغييرات. والشيخ إبراهيم، رئيس جامعة القرن الدولية، هو واحد من ستة شيوخ في المنطقة العربية الذين كونوا شبكة لمكافحة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. كما يعظ ما يقرب من 5,000 شخص في مسجد ديري إبراهيم حول أضرار التشويه.
إلا أن الاختلافات الكبرى سوف تظهر في جيل ابنته، حيث يزداد عدد الفتيات اللاتي لا يخضعن لهذه الممارسة.
فلم تخضع أي من بنات الشيخ إبراهيم الثلاثة لقطع أو تشويه أعضائهن التناسلية.حيث قال: "لن أدمر أي شيء فيهن. يجب أن يبقين كما خلقهن الله."
الشباب في المقدمة
كما كان للنشطاء في شبكة تثقيف الأقران دور قيادي في القضية.
تعمل الشبكة التي اضطلع صندوق الأمم المتحدة للسكان بدور ريادي في تكوينها في 2002، على تدريب الشباب على تثقيف أفراد المجتمع فيما يتعلق بالصحة الجنسية والإنجابية. في هرجيسا، يتحدث المناصرون من شبكة تثقيف الأقران إلى العاملين الصحيين وأفراد المجتمع وغيرهم من الشباب حول طيف من الموضوعات يشمل تنظيم الأسرة والعنف القائم على النوع وزواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
ولقد آمنوا بهذه الرسالة.
قال عبد الرحمن محمد، 26 عاما، وهو مسؤول مشروع بشبكة تثقيف الأقران: "يمكن أن أتزوج فقط بفتاة عمرها أكبر من 18 سنة وليست من ضحايا تشويه الأعضاء التناسلية للإناث."
أما مصطفى، وهو عضو آخر بشبكة تثقيف الأقران، فقد قال لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "لن أتزوج بفتاة خضعت لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث لأني لا أرغب بأن أعيش مع مضاعفاته الصحية."
ومع هذا، فلا يزال هؤلاء الشباب الشجعان هم الاستثناء. يبقى تشويه الأعضاء التناسلية للإناث متفشيا، وتستمر عواقبه السلبية في تدمير حياة النساء والفتيات.
تعي السيدة كاليبادو إسماعيل، صاحبة الثمانين عاما، هذا تمام المعرفة. تعيش كاليبادو في مخيم الرقطة للنازحين داخليا، الواقع على أطراف هرجيسا مباشرة.
وقد ماتت ابنتها وعمرها 17 سنة بسبب مضاعفات ألمت بها أثناء الولادة. مات المولود أيضا، وتقول السيدة كاليبادو إن ممارسة التشويه هي السبب.
قالت السيدة كاليبادو: "ساعدتني حملة التوعية بشأن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث على فهم الآثار السلبية لهذا الإجراء. ولقد قمت منذ ذلك الوقت بالحيلولة دون خضوع كل حفيداتي العشرة لهذه الممارسة."
بيليراني سيمو-باندا
–