تسبب الصراع الدائر في سوريا، الذي بدأ للتو عامه الثالث عشر، في خسائر جسيمة طالت كل مواطن سوري، لا سيما النساء والفتيات.
لطالما كانت الاحتياجات الأساسية في سوريا محدودة بشكل صادم، حتى قبل وقوع كارثة الزلازل الأخيرة. ولقد كشفت تقديرات عام 2023، عن أن هناك حوالي 15.3 مليون فرد بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، نصفهم تقريبًا من النساء والفتيات، بما يشمل 4.2 مليون امرأة في سن الإنجاب. إضافة إلى أكبر عدد من النازحين داخليًا في العالم، والذين يبلغ عددهم 6.8 مليون فردًا. بالإضافة إلى ذلك، لجأ مثل هذا العدد تقريبًا من السوريين إلى تركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومصر.
لقد باتت حقوق النساء والفتيات، بما في ذلك حقهن في الحصول على الخدمات الضرورية اللازمة لصحتهن ورفاههن وحياتهن، ضحية غير مرئية للصراع. وتزامن مع ذلك، تفشي العنف القائم على النوع الاجتماعي وتصاعد مقلق في معدلات زواج الأطفال والعنف الذي تسهله التكنولوجيا. وتحت وطأة هذه الظروف، تكون الأسر التي تعيلها نساء، والتي تمثل بالفعل الغالبية العظمى من الأسر، أكثر عرضة للتأثر بتلك الظروف. ناهيك عن أنه في ظل انتشار الجوع بين أكثر من نصف سكان البلاد، صارت فئة النساء الحوامل على وجه الخصوص الفئة الأكثر عرضة لسوء التغذية بين السكان.
إن اثني عشر عامًا من الصراع كانت كفيلة باعاقة النظام الصحي – حيث أن أكثر من نصف المنشآت الصحية انتهى بها الحال إلى الإغلاق التام أو العمل بشكل جزئي، كما اضطر عدد كبير من العاملين بمجال الصحة إلى النزوح الجماعي. وواجهت نحو 133,000 امرأة حامل، وأم مرضعة، وفتاة في سن الحيض بمنطقة شمال غرب سوريا وحدها صعوبة بالغة في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية وخدمات الدعم والمستلزمات الضرورية عقب وقوع كارثة الزلازل.
عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان، خلال الاثني عشر عامًا الماضية، جاهدًا لضمان حصول النساء والفتيات على خدمات الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية وخدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وفي عام 2022، وكجزء من استجابته الإقليمية للأزمة، استطاع صندوق الأمم المتحدة للسكان الاستجابة لأكثر من 2,8 مليون فرد عن طريق تقديم الخدمات اللازمة، من ضمنهم 290,000 فتاة في سن المراهقة. وفي المناطق المتأثرة بالزلزال في شمال غرب سوريا، يقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالتعاون مع شركائه، بتوزيع الأدوية والمستلزمات الأساسية على المنشآت الصحية. كما تذهب الفرق المتنقلة إلى المناطق التي يصعب الوصول إليها في بعض المدن، مثل حلب واللاذقية وحماة، لتلبي احتياجات النساء والفتيات اللاتي هن في أمس الحاجة إلى خدمات الحماية. وتُوزع حقائب الكرامة التي تحتوي على مستلزمات النظافة الشخصية الأساسية لمن يحتجنها.
مع استمرار تزايد الاحتياجات الإنسانية في جميع أنحاء البلاد والمنطقة، أصبح تكثيف الاستجابات، أكثر من أي وقت مضى، أمرًا جوهريًا لابد منه لتلبية الاحتياجات الخاصة والمتزايدة للنساء والفتيات التي كن ينتمين بالفعل إلى الفئات المستضعفة، بما في ذلك النساء الحوامل والعرضة للعنف. وكجزء من الاستجابة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان لمواجهة الأزمة السورية لعام 2023، والتي تمتد عبر سوريا كلها، وتركيا، ولبنان، والأردن، والعراق، ومصر، يناشد صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهات المعنية للحصول على 141,2 مليون دولار أمريكي لتوفير خدمات الصحة الإنجابية، وخدمات الحماية ضمن هذه الاستجابة. وكجزء من الاستجابة الشاملة لزلزال سوريا، يناشد صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهات المعنية للحصول على 24,8 مليون دولار أمريكي لإعادة إنشاء الخدمات اللازمة.