دمشق، سوريا – استقبلت فاطمة ورشا طفلتين جديدتين جاءتا إلى العالم في نفس اليوم – وهي تجربة كانت لتصبح غير ملفتة تماماً للأنظار لولا الظروف التي تمران بها. تعيش السيدتان في حالة من عدم اليقين بعد فرارهما من النزاع في شمالي سوريا، حيث كانتا جزءا من موجة من عمليات النزوح الآخذة في التصاعد.
فرت رشا، 24 عاما، وفاطمة، 20 عاما، وأسرتاهما من ريف اليعربية، قرب الحسكة، حيث دفع القتال ما يقدر بـ 5,000 شخص إلى المغادرة في السنة الماضية، بحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين.
وقد انتهى المطاف بكثير من الأسر في مخيمات النازحين، أو المجتمعات المضيفة، أو في المناطق الحدودية في العراق المجاورة.
ومع هذا فتعتبر فاطمة ورشا محظوظتان بصورة أو بأخرى. فبالرغم من احتدام النزاع، فإنهما تمكنتا من الحصول على رعاية طبية ماهرة بإحدى العيادات بالمجتمع المضيف لهما. وقد تم تجهيز هذا المرفق الذى يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، بتمويل من إدارة المعونة الإنسانية والحماية المدنية التابعة للمفوضية الأوروبية "إيكو"، كى يقدم كافة أشكال الدعم بدءاً من فحوصات ما قبل الولادة إلى الجراحة الطارئة.
ولادة طارئة
وقد أثبتت هذه الخدمات أهميتها بالنسبة إلى رشا، التي كانت آخر زيارة لها للعيادة بعد أن كان موعد ولادتها قد فات.
كان الجنين في وضعية مجئ مقعدي، بحسب ما أوضح لها الطبيب أثناء الفحص، ومن ثم كانت بحاجة للخضوع لعملية ولادة قيصرية عاجلة.
في غضون دقائق، تم تجهيز غرفة جراحة.
بعد وقت قصير ولدت ابنة رشا بصحة جيدة وكان وزنها ثلاثة كيلوغرامات، وقد اختارت لها اسم "شهد"، التي تعني "العسل".
وعلى رغم الدراما التي أحاطت بالولادة، فقد كانت خاتمة سعيدة لحملها. قالت رشا لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "أشعر بسعادة غامرة وأنا أحمل مولودتي الأولى."
أما ولادة فاطمة فكانت حدثا أقل إثارة، لكنه لم يكن أقل فرحة.
قالت فاطمة للطبيبة أثناء مخاض الولادة: "حملتها بداخلي 9 أشهر. حان الوقت أن أحملها على يدي."
ولدت "حلا" بعد ذلك الحوار بوقت قصير، وكانت أيضاً أول مولودة لفاطمة.
النزوح مازال في تصاعد
تستمر عمليات النزوح في التصاعد في شمالي سوريا، مع تسجيل أكثر من 68,000 حالة في شهر فبراير/شباط وحده.
تحتاج النساء والفتيات اللاتي تعشن في أوضاع النزوح إلى الرعاية لصحتهن الإنجابية، ولا يقتصر هذا على الخدمات المقدمة أثناء الحمل والولادة فحسب، وإنما أيضا علاج حالات الإصابة بالعدوى، والمشورة بشأن تنظيم الأسرة وحالات الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، والإحالات إلى الرعاية الصحية المتخصصة.
يعمل صندوق الأمم المتحدة و"إيكو" والمنظمات غير الحكومية المحلية على تلبية هذه الاحتياجات في مناطق حماه والحسكة.
وتدعم هذه الأطراف الثلاثة معا 10 عيادات متنقلة، وثماني عيادات صحية وأربعة مستشفيات. كما يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان جلسات رفع الوعي بشأن الخدمات المتاحة.
في 2016، تلقى ما يقرب من 47,000 شخصا الخدمات في منطقة الحسكة، فيما وصلت الخدمات لنحو 146,000. ويأتي هذا ضمن الدعم الأوسع من صندوق الأمم المتحدة للسكان للنساء والفتيات في أنحاء سوريا.
"مغامرة"
تعافت رشا وفاطمة، ومولودتيهما، في مستشفى الكلمة في القامشلي.
وبعد العودة إلى البيت، قامت منسقة من صندوق الأمم المتحدة للسكان بزيارتهما، وهما وطفلتاهما بحال طيبة.
قالت فاطمة: "الأمر أشبه بمغامرة. فإنجاب طفل هو تجربة تغير الحياة."