الغوطة الشرقية، سوريا – دفع تصاعد العنف في الغوطة الشرقية منذ فبراير/شباط إلى إجلاء أكثر من 158,000 شخصا، تاركا الكثيرين يعانون عدم تلبية احتياجاتهم الخطيرة للحماية وللرعاية الطبية.
وقد تم توزيع الأشخاص الذين تم إجلاؤهم على عدد من المواقع، حيث وُضع بعضهم في مراكز إيواء مؤقتة، ومدارس ومستودعات غير مجهزة بالقدر الكافي لاستقبال الأشخاص أو الحفاظ على سلامتهم.
قال ماسيمو ديانا، ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال زيارة قام بها صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى مركز إيواء عدرا في مارس/آذار: "مراكز الإيواء مكتظة وتفتقر للمراحيض المناسبة ولمرافق الغسيل والإضاءة الكافية. لذا تقيد العديد من الأسر حركة النساء والفتيات خوفا على سلامتهن."
يعاني العديد من الأشخاص النازحين من احتياجات الصحة الإنجابية غير الملباة – حيث افتقد الكثيرون إمكانية الحصول على الرعاية الطبية حتى قبل اضطرارهم إلى الفرار. قالت الدكتورة هالة الخير، الخبيرة في الصحة الإنجابية في صندوق الأمم المتحدة للسكان والتي زارت مراكز الإيواء والمناطق المحيطة بها: "قبل أن يغادر سكان الغوطة الشرقية، لم يكن لديهم كهرباء ولا مستشفيات ولا أطباء – فقد فر الأطباء أيضا – ومن ثم لم يكن بإمكان أحد تقديم الخدمات لهم."
وما كان من النزوح إلا أن زاد المحنة سوءا. أضافت الدكتورة الخير قائلة: "لقد قابلنا الكثير من النساء الحوامل اللواتي وصلن بأمان إلى مراكز الإيواء الجماعية لكنهن عانين في مواجهة الخدمات الطبية المحدودة."
"سميتها شام لأنني أحب بلادي"
كانت أم محيي الدين حامل عندما استقر بها المقام في مركز الإيواء المؤقت، فيحاء الشام، بعد أن فرت من منزلها في دوما. وعندما جاء موعد الولادة، وضعت صاحبة الـ36 عاما، والأم لخمسة أطفال، مولودتها بمساعدة فريق طبي متنقل تابع للهلال الأحمر العربي السوري ويعمل بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث ساعدها هذا الفريق على الوصول إلى أحد المستشفيات في دمشق.
وعيادة الصحة العامة المتنقلة التابعة للهلال الأحمر العربي السوري، هي واحدة من ثلاث عيادات متنقلة تخدم سكان مركز الإيواء. وتعمل العيادات التي يديرها شركاء محليون ويتم توزيعها بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، على الاستجابة للاحتياجات الطبية للنساء الحوامل بجانب غيرهم من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم. وتتخصص العيادتان الأخريان – اللتان يديرهما دير مار يعقوب المقطع وجمعية تنظيم الأسرة السورية – في الصحة الجنسية والإنجابية.
قالت أم محيي الدين لـ كندة كترانجي، خبيرة الإعلام في صندوق الأمم المتحدة للسكان: "لقد أنقذوا حياتي وحياة طفلي."
أطلقت أم محيي الدين على طفلتها اسم "شام" – أحد الأسماء العربية لسوريا. وأوضحت: "سميتها شام لحبي الكبير لبلادي، وآمل بأن يعم السلام قريبا."
الصحة والسلامة وسط النزوح
ضمن الاستجابة المستمرة للطوارئ الإنسانية في سوريا، يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه خدمات الصحة الجنسية والإنجابية والحماية لمن تم إجلاؤهم من الغوطة الشرقية.
قال السيد ماسيمو ديانا: "يتواجد فريق صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا على الأرض لتلبية الاحتياجات الشديدة وللاستجابة للوضع سريع التغير في منطقة الغوطة الشرقية."
وقد تم توصيل خدمات الصحة الإنجابية لما يزيد على 132,800 شخصا، بما في ذلك استشارات أمراض النساء وتنظيم الأسرة، وتم توزيع أكثر من 115,300 من الفوط الصحية ضمن ما يقرب من 10,000 حقيبة من حقائب الكرامة التي تحتوي على مستلزمات أساسية للنظافة الشخصية للنساء والفتيات. كما تم توزيع أكثر من 7,300 حقيبة كرامة للرجال. تتلقى النساء الحوامل رعاية ما قبل الولادة، وتشمل المكملات الغذائية والتشخيص بالموجات فوق الصوتية، والإحالة لحالات الولادة، والرعاية التوليدية الطارئة الشاملة والرعاية لحديثي الولادة، ورعاية ما بعد الولادة.
كما توصل صندوق الأمم المتحدة للسكان والشركاء إلى ما يزيد عن 86,400 شخص بخدمات تتعلق بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، لرفع الوعي مع تقديم الدعم النفسي للنساء والفتيات وخدمات الإحالة للحصول على المزيد من الدعم الصحي والنفسي والقانوني.
تلبي هذه الخدمات الاحتياجات الساسية المتعلقة بالصحة والنظافة الشخصية والسلامة بين الأشخاص الذين تعرضوا للعنف والنزوح وفقدان أبسط سبل الراحة. قالت كندة: "بالكاد حصلت النساء على فرصة الاستحمام لمرة واحدة لمدة شهر تقريبا، بينما يحلم الأطفال فقط بكوب لبن وقطعة بسكويت."
وبالنسبة إلى أم محيي الدين، فإن الدعم والمستلزمات والرعاية الذي يقدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان والشركاء في العمل الإنساني تحدث فرقا. فهي تأخذ طفلتها مرة في الأسبوع إلى العيادة المتنقلة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان من أجل الفحص الطبي والحصول على الفيتامينات والأدوية.
"تركنا بيوتنا وكل ذكرياتنا؛ بالكاد نملك ملابسنا. لكنني وشام آمنين الآن وفي صحة جيدة."