وضعت اللاجئة السورية تايما أبزالي طفلتها هيلين في اليونان في سبتمبر/أيلول الماضي. لينسي أداريو لمجلة تايم.
أثينا، اليونان/الأمم المتحدة، نيويورك – تحولت اليونان على مدى العامين المنصرمين إلى مركز لأزمة اللاجئين والمهاجرين، وذلك بسبب تدفق مئات الآلاف من الناس على البلد، مخاطرين بحياتهم هربا من الحروب والاضطهاد والحرمان. ففي عام 2016 وحده، وصل نحو 173,000 شخص إلى اليونان، ما تسبب بإرباك المجتمعات والموارد المحلية.
كان عدد الوافدين من النساء والفتيات كبيرا جدا، تحتاج الكثيرات منهن لخدمات الصحة الإنجابية، بما في ذلك خدمات ما بعد الولادة و وتدابير طبية لحالات الاغتصاب.
وقد سارع صندوق الأمم المتحدة للسكان بالاستجابة الطارئة، فقام بنشر عمال الإغاثة الإنسانية والعيادات طبية متنقلة لتوفير الرعاية الأساسية للصحة الإنجابية.
قالت فيليسيا جونز، وهي منسقة للصحة الجنسية والإنجابية في صندوق الأمم المتحدة للسكان: "في بداية الأزمة كان علينا أن نضمن حصول النساء والفتيات وغيرهن من الفئات المستضعفة على الرعاية الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك الوقاية والعلاج من العنف الجنسي، والوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وحالات العدوى المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، والرعاية التوليدية الطارئة."
وقد تم تقديم أكثر من 1,000 استشارة في الشهور الأخيرة من 2016 وحدها.
أما الآن، فيقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان بتسليم العمليات لحكومة اليونان.
يبدو أن نهاية الأزمة ما زالت بعيدة؛ إذ يُقدر عدد الموجودين في اليونان حاليا من اللاجئين والوافدين بنحو 48,000 شخص. غير أن الشراكات المكثفة وجهود التدريب أسهمت في تعزيز قدرات الفاعلين المحليين من العاملين في المجالات الصحية والاجتماعية على توفير الخدمات المنقذة للحياة، بما يفيد اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.
أوجه ضعف هائلة
تواجه النساء اللاجئات والوافدات أوجه ضعف هائلة. فهن غالبا ما يسافرن عبر طرق خطيرة، وقد اقتٌلعن من بيوتهن وفُصلن عن شبكات دعمهن، ولا يتمتعن بالقدر الكافي من الخصوصية، وأحيانا يقضين ليلهن في العراء.
وعلى رغم شيوع العنف القائم على النوع، فنادرا ما يتم الإبلاغ عنه. بين يوليو/تموز 2016 ويونيو/حزيران 2017، أبلغت 350 من اللاجئات أو الوافدات تعرضهن للعنف القائم على النوع، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، والزواج القسري والاعتداء البدني والإساءة النفسية والحرمان من الخدمات والإتجار والاغتصاب – لكن يُرجح أن يكون العدد الفعلي للحالات أعلى بكثير.
تحتاج الناجيات من العنف الجنسي لمجموعة متكاملة من الرعاية الطبية بما في ذلك علاج الجروح، وموانع الحمل الطارئة، والوقاية المضادة لما بعد الإصابة لمنع انتقال فيروس نقص المناعة البشرية، وكذلك الحصول على الدعم النفسي والقانوني.
لكن قبل اندلاع الأزمة، لم يكن لدى اليونان أي بروتوكولات للتدبير السريري لحالات الاغتصاب تتفق مع المعايير الدولية.
بدأ صندوق الأمم المتحدة للسكان تدريب الممارسين الطبيين، والعاملين الاجتماعيين، والأخصائيين النفسيين، ومديري المخيمات وغيرهم حول توفير الإسعافات النفسية الأولوية، وإدارة الحالات، والتدبير السريري لحالات الاغتصاب، وتوفير الخدمات ذات الطبيعة الحساسة والسرية للناجيات.
كما وأُجري تدريب لعناصر من الشرطة والمحامين وغيرهم حول حساسية التعامل مع العنف القائم على النوع.
قال أحد المشاركين في التدريب على إدارة الحالات في إيونينا، في اليونان: "التدريب عملي ومصمم ليناسب الوضع في اليونان."
الاحتياجات العاجلة للصحة الإنجابية
كانت الحاجة لرعاية ما بعد الولادة وغيرها من خدمات الصحة الإنجابية كبيرة جدا أيضا.
في أي مجموعة معتادة من السكان المهاجرين، تكون 4 في المائة من النساء حوامل، ما يعني أن آلاف النساء كُنّ بحاجة إلى الرعاية.
ولقد ساند صندوق الأمم المتحدة للسكان، على الأقل في بداية الأزمة، نشر اثنتين من العيادات المتنقلة المعنية بتقديم خدمات الصحة الإنجابية، والتي وفرت خدمات ما قبل وما بعد الولادة، وكذلك أشكال الرعاية الأخرى للصحة الإنجابية كتنظيم الأسرة. كما وفر صندوق الأمم المتحدة للسكان المستلزمات الطبية للعاملين على تقديم الخدمات من "المركز الهيليني للسيطرة على الأمراض".
لكن لضمان استدامة الخدمات، بدأ صندوق الأمم المتحدة للسكان تصميم التدريبات – على الصحة الجنسية والإنجابية والصحة الجنسية والإنجابية للمراهقين، وتعليم المهارات الحياتية – لتناسب الاحتياجات المحلية.
وقال أحد المشاركين في التدريبات: "يمدني التدريب في مجال الصحة الجنسية والإنجابية بالمعرفة لدعم المستفيدين من برنامجي وتقديم المشورة لهم على نحو أفضل."
المضي قدما
لقد قام صندوق الأمم المتحدة للسكان منذ 2015 بتدريب 1,350 شخصا في اليونان و200 آخرين من المنطقة على نطاق أوسع، يعمل الكثير منهم الآن كمدربين.
ومن جانبه، أشار أحد الخبراء الصحيين إلى أن هذه الجهود "مهمة للاجئين وحتى للشعب اليوناني،" لافتا إلى أن الخدمات ستحسن المجتمعات المحلية كذلك.
وقد تمت جهود صندوق الأمم المتحدة للسكان بتعاون وثيق مع الحكومة اليونانية، بما في ذلك الأمانة العامة للمساواة بين الجنسين. وحتى نهاية 2016، كان يصل الدعم كذلك من المكتب الأمريكي للسكان واللاجئين والهجرة، وحكومة النرويج.
وفي 14 ديسمبر/كانون الأول، سلم صندوق الأمم المتحدة للسكان عمليات صحة الإنجابية إلى حكومة اليونان في احتفالية عُقدت في أثينا.
قال أحد المنسقين الطبيين، والذي شارك في إحدى التجارب التدريبية: "لقد تم الانتهاء من الخطوة الأولى. يتوفر الآن في اليونان العاملون المدربون والبروتوكولات." وأضاف أن الكرة الآن في ملعب الفاعلين المحليين لمواصلة هذا الزخم، قائلا: "إذا ما بقيت هذه البروتوكولات حبرا على ورق، ولم تُنفذ على أرضية الميدان، فلن يكون لهذه التدريبات ولهؤلاء العاملين المدربين جدوى."