يُعد زواج الأطفال انتهاكاً لحقوق الإنسان. وتبقى هذه الممارسة واسعة الانتشار على الرغم من القوانين المناهضة لها، ويعود ذلك جزئيا لاستمرار الفقر وانعدام المساواة بين الجنسين. ففي الدولة النامية تتزوج واحدة من بين كل 3 فتيات قبل بلوغها سن 18 عاما. وتتزوج واحدة من بين كل 5 وهي دون 15 عاما.
يهدد زواج الأطفال أرواح وصحة الفتيات، ويقيد آفاق مستقبلهن. وفي كثير من الأحيان تحمل الفتيات اللاتي أجبرن على الزواج وهن لا تزلن مراهقات، مما يزيد خطر تعرضهن لمضاعفات الحمل أو الولادة. تعتبر هذه المضاعفات سبباً رئيسياً فى الوفاة بين المراهقات الأكبر سناً في البلدان النامية.
يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان التشريع والبرامج التي تهدف إلى القضاء على زواج الأطفال. كما يدعم الاستثمارات القائمة على الأدلة التى تركز على الفتيات لتمكينهن من خلال تزويدهن بالمعلومات والمهارات والخدمات التي يحتاجونها ليتمتعن بالصحة ويحصلن على التعليم والآمان، بينما تساعدهن فى الإنتقال بنجاح إلى مرحلة البلوغ. كذلك يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على دعم احتياجات الفتيات المتزوجات، خاصة فيما يتعلق بتنظيم الأسرة وصحة الأم.
الحرمان من الحقوق
يحرم زواج الأطفال الفتيات من حقهن في اختيار من ومتى يتزوجن – وهو واحد من أهم القرارت في حياة الإنسان. فاختيار شريك الحياة هو قرار للبالغين، وهو قرار ينبغي اتخاذه بحرية ومن دون خوف أو إكراه. وتتفق كافة الدول فعليا على هذا.
وعلى الرغم من الالتزام شبه العالمى على القضاء على زواج الأطفال، إلا أن ثلث الفتيات تقريبا في البلدان النامية (عدا الصين) يتزوجن قبل بلوغهن 18 عاما، كما تتزوج ما يقدر بـ11 في المائة قبل بلوغهن عامهن الـ 15، ذلك وفقاً لأحدث بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان.
في العقد القادم، ستتزوج 13.5 مليون فتاة دون 18 عاما سنويا؛ وهو ما يساوى أن تتزوج 37,000 فتاة كل يوم.
تحظر الكثير من الاتفاقيات الدولية زواج الأطفال، بما في ذلك اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء. كما دعا المؤتمر الدولي حول السكان والتنمية في 1994 البلدان إلى القضاء على زواج الأطفال.
التأثير على صحة الفتاة ومستقبلها وأسرتها
يهدد زواج الأطفال بشكل مباشرة صحة ورفاهية الفتيات. وكثيرا ما يكون الزواج متبوعا بالحمل، حتى إذا لم تكن الفتاة غير مستعدة له جسديا ونفسيا. في الدول النامية، 9 من بين كل 10 ولادات لفتيات مراهقات تحدث في إطار زواج أو ارتباط. في هذه البلدان، تعد مضاعفات الحمل والولادة من بين الأسباب الرئيسية فى الوفاة بين الفتيات المراهقات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15 إلى 19 عاما.
كذلك، فقد تتعرض الفتيات المتزوجات إلى الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية. وعندما تتزوج الفتيات، فإنهن يضطررن في كثير من الأحيان إلى الانقطاع عن الدراسة لكي يتمكن من القيام بأعباء المنزل. وهذا حرمان من حقهن في التعليم. كما يحد الزواج المبكر من فرصهن، بما في ذلك فرصهن المستقبلية فى الحصول على وظيفة، ويكون له تأثير طويل المدى على أسرهن. تصبح الفتيات اللاتي ينقطعن عن المدرسة في وضع صحي واقتصادى أسوأ بالمقارنة بمن يواصلن دراستهن، وفي نهاية المطاف يكون وضع أطفالهن أسوأ كذلك.
العوامل التى تساهم فى زواج الأطفال
زواج الأطفال هو نتاج سام للفقر وعدم المساواة بين الجنسين. كذلك تصبح الفتيات اللاتى تزوجن وهن أطفال أقل تعليماً ويعشن في المناطق الريفية. يعتقد الكثير من الأباء المعوزين بأن الزواج سيؤمن مستقبل بناتهم، ذلك بأن تضمن أسرة أخرى تولى مسؤولية رعايتهن. وهذا يحدث أيضا في الأزمات الإنسانية، عندما يخشى الكثير من الآباء من عدم قدرتهم على حماية أو رعاية بناتهم. كما يظن البعض من قبيل الخطأ أن الزواج سيحمي بناتهم من العنف الجنسي، والذي غالباً ما يزداد سوءاً في أوقات الأزمات.
فيما ينظر بعض الآباء لبناتهم باعتبارهن أعباءً أو سلعاً. كما يزيد المهر الأمر تعقيداً: حيث تدفع أسرة العروس، في بعض الأماكن، مهراً لأسرة العريس، بينما يكون مهر العروس الأصغر سناً أقل، مما يحفز الآباءعلى تزويج بناتهم مبكراً. أما في الأماكن التى تدفع فيها أسرة العريس مهراً لأسرة العروس، قد يلجأ الآباء، الذين يعانون ظروفا صعبة، إلى تزويج بناتهم كمصدرٍ للدخل.
وفي أكثر الأحيان يكون زواج الأطفال نتيجة لمحدودية الخيارات. فعندما يكون الاختيار للفتاة، فإنها تختار الزواج في وقتٍ لاحقٍ.
كيف يمكن القضاء على زواج الأطفال
يتطلب القضاء على زواج الأطفال العمل على العديد من المستويات. فلابد من تطبيق القوانين الحالية الموضوعة ضد زواج الأطفال، خاصة عندما تلتمس الفتيات اللاتي تواجهن خطر زواج الأطفال أو المتزوجات بالفعل، الحماية والعدالة. وفى الأماكن التى لا يوجد فيها مثل هذه القوانين بعد، ينبغي رفع سن الزواج إلى 18 سنة. إلا أن القوانين توفر فقط إطار العمل ضد زواج الأطفال. لذا فإنه من المرجح أن لا تختفي تلك الممارسات عن طريق التشريعات فقط، طالما يراها الأشخاص مقبولة.
وعلى الحكومات والمجتمع المدني وغيرهما من الشركاء العمل معا لضمان حصول الفتيات على التعليم والمعلومات والخدمات الصحية، والتدريب الخاص بمهارات الحياة. إن الفتيات اللاتى يتمكن من مواصلة دراستهن والحفاظ على صحتهن يتمتعن بخيارات أكثر ويكن أكثر قدرة على تجنب زواج الأطفال.
والأهم هو أن الفتيات اللاتى تزوجن بالفعل يحتجن إلى المساندة. فتلك الفتيات يحتجن إلى خدمات الصحة الإنجابية لمساعدتهن على تجنب الحمل المبكر. وأولئك اللاتى أصبحن حوامل، هن فى حاجة إلى الحصول على الرعاية المناسبة طوال فترة الحمل والولادة وفترة ما بعد الولادة. كما ينبغي مساعدتهن في العودة إلى الدراسة بشكل رسمي أو غير رسمي، إذا اخترن ذلك.
تؤدى هذه الإجراءات مجتمعة إلى الوصول إلى أسر أكثر تمتعا بالصحة، وإلى مستويات أعلى من المساواة بين الجنسين، وبالتالي إلى مجتمعات أقوى واقتصادات أكثر حيوية. لا يمكن لمجتمع أن يتحمل ضياع الفرصة أو إهدار الموهبة أو إستغلال الأشخاص، التي يؤدي إليه زواج الأطفال.
دور صندوق الأمم المتحدة للسكان
يلتزم صندوق الأمم المتحدة للسكان بتقديم حلول ملموسة لزواج الأطفال، مع التأكيد على الجهود التي يمكن تطويرها وتؤدي لنتائج قابلة للقياس. يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع الحكومات وشركاء المجتمع المدني، على كافة المستويات، لتعزيز وحماية حقوق الإنسان للفتيات، بما في ذلك المساعدة في تطوير السياسات والبرامج والتشريعات اللازمة للتصدي لممارسة زواج الأطفال والحد منها.
تعمل الكثير من هذه الجهود، مثل برنامج "العمل من أجل الفتيات المراهقات" والبرنامج العالمي المشترك بين صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، على تعجيل العمل للقضاء على زواج الأطفال، وعلى تمكين الفتيات لمعرفة حقوقهن الإنسانية، بما في ذلك حقهن في الاختيار، كبالغات، الشخص اللاتى يتزوجن به.