Go Back Go Back
Go Back Go Back
Go Back Go Back
Go Back Go Back

من عروس طفلة إلى خبيرة تجميل: حكاية سيدة أردنية

من عروس طفلة إلى خبيرة تجميل: حكاية سيدة أردنية

من عروس طفلة إلى خبيرة تجميل: حكاية سيدة أردنية

calendar_today 30 أكتوبر 2017

معدلات زواج الأطفال في إرتفاع في الأردن، وفقا لتقرير صدر مؤخرا. © صندوق الأمم المتحدة للسكان الأردن/إليزابيث دينرت

عمان، الأردن – في معظم أيام الأسبوع في فترة بعد الظهيرة ستجد هبة* صاحبة الـ22 عاما تعمل في صالون تجميل في عمان. فهي لديها قائمة طويلة من عميلاتها المخلصات ودخل ثابت. لكن ما لا تعرفه إلا قليلات من زبائنها هو أنها كانت فيما مضى عروسا طفلة – وهي تجربة لازمتها آثارها لسنوات.

انقطعت هبة وهي في سن 15 عاما عن المدرسة لتتزوج برجل يكبرها بـ10 سنوات. كانت الأسرتان تجمعهما معرفة سابقة، وعندما أصرت أسرته على ترتيب الزواج كانت صغيرة جدا على أن تقول خلاف ذلك.

وهذه الحالة شائعة بشكل مأساوي– وتزداد سوءا.

ارتفع زواج الأطفال بين الفتيات الأردنيات من 9.5 في المائة في 2011 إلى 11.6 في المائة في 2015، وفقا لدراسة نشرها المجلس الأعلى للسكان في مطلع هذا العام ، وهو شريك لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

إن زواج الأطفال انتهاك لحقوق الإنسان، وهو انتهاك يؤثر على كل جزء من حياة الفتاة، من تعليمها إلى صحتها إلى مستقبلها. وقد مرت هبة بكل هذه العواقب على الفور.

تعمل هبة كأخصائية تجميل في صالون يديره اتحاد المرأة الأردنية، وهو مجموعة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان. © صندوق الأمم المتحدة للسكان الأردن/إليزابيث دينرت

 

لم يمر وقت طويل بعد يوم الزفاف، حتى بدأ زوجها وأصهارها يتحكمون في كل خطواتها. لم يكن مسموحا لها مغادرة المنزل من تلقاء نفسها. كانوا يفرضون عليها ما ترتديه من الملابس. وعندما ظنت أن الأمور لا يمكن أن تصل إلى ما هو أسوأ من ذلك، ضغطوا عليها لتصبح حامل.  

تحكي هبة وهي تتذكر باكية: "لم أكن أرغب في الإنجاب منه. لم يكن الأمر باختياري."

وبالفعل، أنجبا طفلا عندما كانت لا تزال مراهقة.

بداية جديدة

لم تكن هبة سعيدة وكذلك زوجها. فبعد مرور ثلاث سنوات على الزواج، عندما كان عمرها 18 عاما، وافق زوجها على الطلاق.

انتقلت للعيش مع والديها وبدأت بالبحث عن عمل – وهو أمر ما كان مسموحا لها به عندما كانت زوجة.

ولطالما كان لدى هبة شغف للعناية بالشعر والتجميل، لكن كانت تعوزها المهارات لتحويل هوايتها إلى عمل احترافي. شجعتها عمتها على الاشتراك في برنامج للتدريب المهني في مجال التجميل يديره اتحاد المرأة الأردنية، وهو منظمة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان لمساعدة النساء والفتيات المستضعفات.

لم تكن هبة واثقة في قدراتها، لكنها قررت التسجيل في البرنامج على أية حال.

تتذكر هبة قائلة: "قلت للسيدة التي تعمل في اتحاد المرأة الأردنية، ’أنا لست جيدة بما فيه الكفاية،‘" ولكن بعد ذلك التقيت مدير صالون التجميل الذي قال لي، ’ما عليك إلا أن تدخلي وتبدأي التدريب.‘"

لم تستغرق هبة وقتا طويلا لتتفوق في البرنامج. فقد كانت متميزة في كل مهمة تقريبا.

الخط الساخن

ومع هذا، فالزواج والطلاق وما بعدهما – بما في ذلك الوصم والنزاع المطول على حضانة الطفل – كان له تأثير فادح.

إحدى العاملات في الصالون وجدت هبة في حالة من الاكتئاب، فنصحتها بالاتصال بـ الخط الساخن، وهو خدمة للاستشارة القانونية والمشورة المجانية يقدمها اتحاد المرأة الأردنية وصندوق الأمم المتحدة للسكان للنساء المستضعفات مجانا. حيث يقدم العاملون على الحالات الرعاية عن طريق الهاتف وبشكل شخصي على حد سواء.

تتذكر خفا الجابري، العاملة الاجتماعية في الخط الساخن، أول مرة التقت فيها هبة.

قالت: "وجدتها بحاجة لدعم نفسي لمساعدتها على التعود على حياتها الجديدة بعد الخروج من (تجربة) الزواج المبكر. كانت بحاجة أيضا إلى طمأنتها بأن الطلاق ليس شيئا يستدعي الإحساس بالخزي."

حالتها ليست عادية. وتوضح السيدة الجابري أن كثيرا من النساء والفتيات اللاتي تتصلن على الخط الساخن هن زوجات طفلات حاليات أو سابقات.

صارت هبة واحدة من أكثر مصففات الشعر المطلوبات في الصالون. © صندوق الأمم المتحدة للسكان الأردن/إليزابيث دينرت

 

قالت السيدة الجابري: "معظم هؤلاء الفتيات بين 15 و17 عاما وتجبرهن أسرهن على الزواج بسبب الفقر. وفي أحيان أخرى يتزوجن بسبب التقاليد العائلية أو الثقافية."

واقفة على قدمين ثابتتين

ساعدت السيدة الجابري هبة على استعادة ثقتها بنفسها وخلق أهداف جديدة لها. وهما تواظبان على رؤية بعضهما البعض مرة في الشهر على الأقل.

قالت السيدة الجابري: "في البداية لم تكن هبة تتحدث إلا عن والديها وما يريدانه. لكن في نهاية الأمر بدأت تتحدث عما تريده هي."

قالت هبة: "تعودت أن أجلس في اجتماعاتنا ومعي صندوق مناديل لأني كنت أبكي طول الوقت. لكن الآن، صرنا نضحك معا."

بعد ثلاثة أشهر من دخولها برنامج التدريب على أعمال صالون التجميل، صارت هبة خبيرة تجميل معتمدة. وهي الآن من أكثر العاملات المطلوبات من العملاء في الصالون.

قالت إحدى المترددات على الصالون والتي جاءت لعمل جلسة تصفيف: "أحب هذا الصالون وآتي إلى هنا معظم الوقت لكي تصفف لي هبة شعري."

فيما قالت هبة مبتسمة: "أحب هذا العمل. أخيرا أنا مستقلة."

-         إليزابيث دينرت

*تم تغيير الأسماء حماية للخصوصية.