الطبقة – سوريا: وسط احتدام المواجهات في شمال شرق سوريا لا يزال عدد الخسائر يتصاعد في صفوف المدنيين وكذلك الأنظمة الصحية. وعقد النزوح الجماعي عملية تقديم الخدمات الصحية الأساسية متضمنة الصحة الإنجابية والرعاية الصحية للأمهات.
وتسببت بداية العمليات العسكرية في المنطقة بتاريخ 9 تشرين الأول/ أكتوبر في فرار أكثر من 200 ألف شخص من ديارهم، وبالنسبة للكثيرين فإنها المرة الثانية أو الثالثة التي يتعرضون فيها لذلك. وقد عاد حوالي 117 ألف شخص إلى أماكنهم الأصلية ولكن لا يزال أكثر من 75 ألف شخص مشردين، وفقا لتقارير الأمم المتحدة الأخيرة.
وقد قام الشركاء الناشطون فى مجال الخدمات الإنسانية—الأهراس والمرية وأبو راسيان وأم الخير وظهر العرب والمحمودي—في المناطق المتضررة من الأعمال العدائية بتحويل برامجمهم ومواردهم ليلبوا احتياجات السكان النازحين حديثا. وقد تدهورت الخدمات العامة في عدد من المناطق المتأثرة لتشمل انقطاع الكهرباء وإغلاق المنشآت التعليمية في محافظة الرقة.
وأدى انخفاض درجات الحرارة الأخير إلى تعرض المدنيين بشكل خاص للخطر.
وتوضح التقديرات أن حوالي 18,860 سيدة في سن الإنجاب من بين المشردين حاليا، وهؤلاء السيدات والفتيات بحاجة إلى الخدمات بما في ذلك مستلزمات النظافة الشهرية والرعاية الصحية للأمهات.
ومن جانبها، قالت أسماء العيسى، 32 عاما، لصندوق الأمم المتحدة للسكان "كنت قلقة للغاية قبل الولادة".
الأمل وسط الاضطرابات
نزحت السيدة العيسى أول مرة منذ ثلاث سنوات حين هُدم منزلها في قرية القادسية ثم تعرضت للنزوح مرة أخرى، وهي تعيش الآن في مدينة الطبقة، وهى مدينة في محافظة الرقة، في منزل غير مكتمل توفره عائلة مضيفة.
وقد تمكنت السيدة العيسى من الحصول على خدمات صحة الأم من عيادة تتولى تشغيلها مؤسسة المودة غير الساعية للربح بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان وذلك في الشهور الأخيرة من حملها. وتقدم العيادة الخدمات لعدد50 إلى 60 سيدة يوميا، نحو نصفهن حوامل.
وشعرت السيدة العيسى بآلام الولادة في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر وهذا بعد أسابيع من تصعيد الأعمال القتالية في المنطقة. ومع ذلك، سارت عملية ولادتها بيسر بفضل الرعاية الماهرة التي قدمتها حنان، وهى "قابلة" تعمل بالعيادة.
وأوضحت حنان بعد ذلك، قائلة "مرت عملية ولادة أسماء دون مضاعفات."
وخرجت السيدة العيسى وابنتها الجديدة - وهي رابع أطفالها - في حالة جيدة، وأخذتا معهن إلى المنزل مستلزمات ما بعد الولادة ورعاية الأطفال حديثي الولادة التي توفرها العيادة.
إن الصحة الجيدة التي تتمع بها الطفلة جعلت السيدة العيسى في روح معنوية مرتفعة حيث قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان "أنا الآن سعيدة جدا لولادتي طفلة صغيرة".
الفخر لتقديم الخدمات يوميا
واستجابة للأزمة، وسع صندوق الأمم المتحدة للسكان تغطيته في القرى التي يصعب الوصول إليها وتشمل مبادة، والجوادية في الحسكة والقاشملي، والطبقة الجورانية، وتوحينة، وأيضا مخيمي النوروز والمحمودي.
ورغم البيئة التي تمثل تحدياً، تمكن صندوق الأمم المتحدة للسكان بتمويل من المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية من إيصال عشرات الآف من المساعدات العاجلة.
وبين 9 تشرين الأول/ أكتوبر و7 كانون الأول/ ديسمبر، حصلت حوالي 27,700 سيدة في عمر الإنجاب بما في ذلك ما يقرب من 8 الآف سيدة حامل على الرعاية الصحية الإنجابية في شمال شرق سوريا. وبين 9 تشرين الأول/ أكتوبر و23 تشرين الثاني/ نوفمبر، تمكن صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضاً من الوصول إلى حوال 31 ألف شخص لمنع العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي والتصدي له. كما يوجد أيضا 27 فريقا متنقلا للصحة الإنجابية وصحة الأم تقوم بحملات التوعية في المناطق التي تنقص بها الخدمات.
ويعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع شركاء محليين لتوسيع تلك الجهود، بهدف تلبية احتياجات ما يصل إلى 580 ألف شخص في محافظتي الحسكة والرقة.
الدكتور عدنان، وهو منسق الصحة الإنجابية الذي يعمل في المنطقة، يشعر بالفخر بعمال الرعاية الصحية الذين تمكنوا من توفير الخدمات حتى وسط الاضطرابات الأخيرة، ويقول "إن أسماء ليست حالة خاصة أو استثناء فهي واحدة من آلاف المشردات ومن الأسر المحرومة التي نقدم لها الخدمات يوميا".
وعبرت حنان أيضاً عن نفس تلك المشاعر قائلة "إنها بعثة عظيمة أنقذت حياتى وحياة طفلتى الجديدة".