صنعاء/اليمن، مقديشيو/الصومال، القاهرة/مصر 7 مايو/أيار- حقيبة توليد وإنعاش وليدي ومجموعة من أدوية الطوارئ هي كل ما تتسلح به السيدة أروى ملاطف، في رحلة محفوفة بالمخاطر تخوضها عدة مرات يوميا في مدينة تعز الجنوبية، في اليمن الذي مزقته الحرب، للوصول إلى نساء في أمس الحاجة للمساعدة.
زادت الأزمة التي تدخل عامها الثالث، الوضع سوءا بالنسبة إلى 352,000 امرأة حامل في اليمن، تواجه نحو 52,800 منهن خطر المضاعفات المهددة للحياة أثناء الولادة في بلد يعاني بالفعل واحدا من أعلى معدلات وفيات ما بعد الولادة في المنطقة العربية. أدى النزاع الدائر إلى إغلاق أو تدمير أكثر من نصف المرافق الطبية في اليمن، وإلحاق الضرر بالطرق المؤدية إلى المديريات، ما دفع السيدة ملاطف لمضاعفة جهودها كي تتمكن من مواكبة الضغوط.
قالت ملاطف، التي تقدم خدمات القبالة والتوليد منذ 22 عاما لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "نعمل ليل نهار لإنقاذ حياة الأمهات والمواليد. أسبوعيا أقوم بتوليد 5 نساء وأغلبهن من النساء الفقيرات والنازحات والمهمشات."
تصف السيدة ملاطف العديد من المشكلات التي تواجه القابلات، ومنها صعوبة نقل بعض الحالات التي تحدث لها مضاعفات وقت الولادة، والنقص المزمن في الأدوية التي من شأنها المساعدة في إنقاذ حياة الأمهات وحديثي الولادة.
دور منقذ للحياة يقابله عدم اعتراف رسمي!
تعد القابلات أكثر احتمالا من غيرهن من الأطباء لمواصلة عملهن أثناء الأزمات، وترفعن سقف خدماتهن لتغطية النقص في الكوادر الطبية المتخصصة. ومع هذا، فلا يزال بعض البلدان العربية غير معترف رسميا بالقبالة كمهنة مستقلة، وبعضها الآخر ليس لديه تعريف محدد للقابلة المحترفة.
قالت ملاطف: " أتصرف بحدود المعلومات العلمية التي درستها والادوات المتوفرة لدي وأبقى بجانب الأم وأتواصل تلفونياً مع احد الأخصائيين الاستشاريين عن الحالة".
وأضافت: "أكبر الصعوبات التي تواجههني هي عدم وجود توعيه فيما يتعلق بالحمل والولادة."
في العاصمة صنعاء لم يكن الوضع أقل صعوبة، حيث تقدم سيدة خبيرة أخرى خدمات القبالة منذ 28 سنة. اضطرت أروى ردمان إلى تعليق عملها لمدة شهر ونصف في 2015، عندما أصاب قصف جوار منزلها، ملحقا أضرارا بعيادتها وبعض أدواتها.
تحتاج القابلات للتدريب، والدعم والتأمين
تلعب القابلات الحاصلات على التعليم والدعم الكافيين دورا فعالا في تقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية. ولهذا فإن من شأن تركيز قوي على عمل القابلات أن يجعل الأنظمة الصحية أكثر صلابة واستعدادا لمواجهة الأزمات.
لا يتوقف دور القابلات في البلدان التي تشهد أزمات كاليمن والصومال عند خدمات التوليد، حيث تقدمن الاستشارات حول الصحة الجنسية والإنجابية، ويدعمن ويشجعن على تمتع الأسر بالصحة، فضلا عن قيامهن بأنشطة توعوية في مجتمعاتهن.
ومع هذا، ففي ظل عدم توفر الدعم الكافي لهن، ماليا وأمنيا، وجدت السيدة ردمان وغيرها من القابلات الأخريات أنفسهن مضطرات إلى العمل بشكل أكثر استقلالية، في انتظار انفراجة.
قالت بلقيس التويتي، التي تمتهن القبالة منذ 33 عاما، وتعمل في منطقة أمانة العاصمة: "لم أعد أتقاضى أي أجر بسبب صعوبة الأوضاع. أقدم خدمة القابلة في البيوت لأنني ليس لدي عيادة ولأن منزلي تعرض لأضرار."
صندوق الأمم المتحدة للسكان كأبرز المساندين للقبالة
قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان الدعم لأكثر من 600 ألف مدرسة لتعليم القبالة حول العالم، وشمل هذا تجهيزها بمواد التدريب والكتب والأجهزة اللازمة.
قالت فردوسا عبد القادر، من بلدة طوس مريب بمحافظة جلجدود الصومالية والتي أكملت حديثا دراسة القبالة إنها اختارت هذه المهنة انطلاقا من إدراكها لأن النساء والأطفال يمثلون واحدة من أكثر المجموعات استضعافا في مجتمعها.
وأوضحت: "السبب الرئيسي الذي جعلني اختار هذه المهنة النبيلة هو إنقاذ حياة الأمهات وأطفالهن حديثي الولادة".
يعمل صندوق الأمم المتحدة بشكل وثيق مع الاتحاد الدولي للقابلات "آي إم سي"، وهو شبكة تضم أكثر من 40 شريكا دوليا ومئات الشركاء الإقليميين والدوليين، بهدف تعزيز القبالة حولة حول العالم.
وثمة مؤشرات على إجراء إصلاحات مفيدة للقابلات في عدد من البلدان بما في ذلك المغرب وتونس والإمارات العربية المتحدة.
قالت حنان مصباح، رئيس الجمعية المغربية للقابلات، والمنسق العام لشبكة القبالة الإقليمية للدول العربية: "منحت الحكومة المغربية القابلة أهمية من خلال تعزيز مؤهلاتها ووضع الأطر والنواظم المناسبة لممارسة مهنتها وتحسين بيئة عملها. وفي الإمارات هناك اهتمام متزايد بدور القابلة من قبل حكومة أبو ظبي التي تدعم تطوير المهنة، والتزام متزايد لتوفير الضمانات حول أمان وفعالية ممارسة القبالة."