كانت دلال طفلة عندما اندلعت الحرب في سوريا. اليوم، في العشرين من عمرها، دلال نازحة داخليًا في سوريا، وأرملة فقدت زوجها في الحرب، وعائلة وحيدة لابنها.
تحكي دلال عن مخاوفها الخاصة بابنها قائلة: "أحمل الكثير من الهم وأسأل نفسي: كيف سأربيه؟ أخاف ألّا أستطيع أن أمنحه ما يستحق. لازال الخوف يسكننا ولا نشعر بالاستقرار حتى الآن."
بينما تدخل الأزمة السورية عامها التاسع، تحاول السوريات ممن تماثل ظروفهن ظروف دلال أن تتعاملن مع أدوارهن الجديدة كعائلات وحيدات لأسرهن. واحدة من كل ثلاث أسر في سورية تعولها امرأة في سياق اقتصادي تقل به الفرص كثيرًا وتزداد فيه عرضة النساء للاستغلال والفقر. كما تزداد صعوبة قدرة النساء على إيجاد عمل بسبب اضطرار النساء مثل دلال لترك الدراسة بسبب الحرب.
تمنت دلال في طفولتها أن تنهي تعليمها وتصبح طبيبة. ولكن، بعد الحرب، تزوجت في عمر السادسة عشر. لم تكن دلال وقتها تشعر أنها أصغر عمرًا من أن تتزوج، وأحبت زوجها كثيرًا. ولكن تقول دلال أنه لو عادت بها عقارب الساعة للوراء لأكملت تعليمها بدلاً من الزواج:
"كان محبًا ومتفاهمًا وحنونًا، شخص لا يعوضه أي شخص آخر. فقدت زوجي، وتيتم ابني، والآن علي أن أقوم بالدورين: دور الأم والأب."
في البداية، لم يكن لدى دلال الوقت للتعامل مع حزنها على زوجها حيث تحولت مدينتها، حمورية، لساحة قتال واضطرت دلال للهروب مع ابنها للنجاة بحياتها:
"آخر يوم لنا بحمورية كان وكأنه آخر يوم في حياة الجميع، كأنه لم يعد لدينا مخرج. البعض هربوا من منازلهم دون أن يرتدوا ملابسهم الكاملة، والبعض خرج راكضًا دون أخذ أي شئ من بيوتهم."
تقول دلال أن تجربة النزوح كانت مثل مراقبة المستقبل يضيع شيئًا فشيئًا دون أن تملك من أمرها شيئًا لتوقف ما يحدث: "سبعة سنين من عمرنا ذهبت هباءً."
وعندما استقرت دلال في الغوطة الشرقية، بدأت أخيرًا في التعامل مع حزنها فانعزلت وشعرت بنفسها تنزلق نحو الاكتئاب خاصة عندما نظرت حولها لتجد بعض من النساء ممن تعرضن لنفس التجربة حولها غير قادرات على تخطِ الصدمة: "أعرف أشخاص تعرضوا لنفس ما تعرضت له يقضون اليوم في البكاء دون الخروج من غرفهم، هناك الكثير ممن لم يتمكنوا من الخروج من تلك الحالة."
أثناء تردد دلال على مساحة آمنة للنساء والفتيات يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان لتلقي خدمات الصحة الإنجابية، علمت بإمكانية تلقيها خدمات الدعم النفسي أيضًا وكان لديها من القوة ما يكفي لطلب المساعدة مما مكنها في نهاية الأمر من التعامل مع وضعها وإيجاد وظيفة. تتذكر دلال واحدة من الاخصائيات في المساحة الآمنة قائلة:
"ساعدتني الآنسة رشا كثيرًا وأخرجتني من حالة الكآبة التي كنت أعيشها. أقنعتني أن أعمل حتى أستطيع أن أوفر حياة كريمة لابني. معظم السوريين بحاجة للدعم النفسي، نساءً ورجالاً على حد سواء."
صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا:
في عام 2018، دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا 47 مساحة آمنة للنساء والفتيات، واستطاع تقديم خدمات الصحة الإنجابية لـ1,646,656 فتاة وامرأة في سن الإنجاب، كما قدم خدمات الحماية والدعم لـ445,752 ناجية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.