عندما حضر محمد حسن لأول مرة إلى إحدى جلسات زيادة الوعي التي تنظمها منظمة إنترسوس وصندوق الأمم المتحدة للسكان في منطقة الشوف ذات الطبيعة الخلابة في لبنان، لم يكن يدرك أنه في غضون بضعة أسابيع سيتخذ قرارا من شأنه أن يغير حياته. كان الشاب السوري صاحب الأعوام الـ18 قد عقد العزم على إتمام خطبته من حبيبته خلال فترة قصيرة، فلم يكن قادرا على الصبر حتى إنتهاء شهر رمضان الكريم، حيث كان من المقرر أن تعقد الخطبة خلال احتفالات عيد الفطر.
إلا أنه بعد حضوره جلسات رفع الوعي لبضعة أسابيع قليلة، وتحديداً بعد أن حصل على معلومات تفصيلية حول عواقب الزواج المبكر والحمل المبكر والمتكرر على صحة السيدات صغيرات السن، بدأ محمد يعيد التفكير بشأن قراره هذا. قال محمد بابتسامة مرحة: "أدركت فجأة أن الزواج سيكون له ثمن: سأكون المسؤول الأول وعلي أن أوفر احتياجات البيت.
وعندما حكوا لي عما يمكن أن يحدث لخطيبتي (المنتظرة) في حال كان هناك حمل سابق لأوانه، فكرت ببساطة لماذا نًقدم على هذه المخاطرة؟ فأنا أحبها ولا أريدها أن تعاني بأي صورة من الصور."
بعد ما يقرب من عام على المشاركة في برنامج إنترسوس وصندوق الأمم المتحدة للسكان الخاص بالشباب، أصبحت لدى محمد رؤية واضحة وبات مقتنعاً بأنه ، قبل أن يتزوج، عليه أن ينتظر حتى يكون قادراً من الناحية المادية على تحمل مسؤولية أسرة. كما أقتنع بأنه، من أجل صحة ورفاهية خطيبته، لا ينبغي لها أن تواجه المخاطر التي يمكن أن تحدث نتيجة الحمل المبكر. فيقول: "الآن أعرف مدى ضرر الزواج والحمل المبكر على صحة المرأة، وكيف يمكن أن يكون لي دور في تعريض حياة خطيبتي للخطر؟ قكيف لطفلة أن تربي طفلاً؟ أريد أن أطبق ما تعلمته، لذا سننتظر."
من بين الخمسة ملايين شخص تقريبا الذين فروا من سوريا بسبب النزاع، هناك أكثر من مليون شخص مسجلون كلاجئين في لبنان، بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. ويعيش هؤلاء في أكثر من 1,700 من التجمعات والأماكن في أنحاء البلاد، يتقاسمون في كثير من الأحيان أماكن إيواء أساسية صغيرة مع عائلات أخرى من اللاجئين في ظروف شديدة التكدس.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان داخل المجتمعات المضيفة للإستجابة لاحتياجات التي يتركز أغلبها في مجالات الصحة الجنسية والإنجابية والعنف القائم على النوع ويدير برامج بالاشتراك مع منظمات غير حكومية في لبنان للمساعدة في تمكين الشباب من خلال النشاطات التي تعمل على رفع وعيهم حول القضايا الأساسية المتعلقة برفاهية الشباب كالعنف القائم على النوع ومخاطر الزواج المبكر والصحة الجنسية والإنجابية والمساواة بين الرجل والمرأة.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة إنترسوس على استهداف الشباب منذ 2015، مستعينة بتقنيات "تثقيف الأقران" حيث يتدرب الشباب على كيفية التواصل مع أقرانهم من الشباب من أجل رفع وعيهم حول قضايا الصحة بوجه عام والصحة الإنجابية بوجه خاص والعنف القائم على النوع عن طريق نهج يعتمد على المهارات الحياتية. وتعمل ثلاث مجموعات من الشباب من الفتيات والفتيان حول منطقة جبل لبنان على التواصل الفعال مع الشباب الذين في مثل أعمارهم والمجتمع حول هذه القضايا، مستخدمين مكاناً آمنا معداً بشكلٍ خاص لهؤلاء الفتيان والفتيات الصغار، بحيث يلتقون ويكتسبون وينقلون المهارات الحياتية، وخاصة المعرفة والقدرات التي يتمتع بها كل منهم. وحتى وقتنا الراهن، تمكنت مجموعة تثقيف الأقران من الشباب مثل رنيم من الوصول والتواصل مع ما يزيد على 1,300 شاب وفتاة في جبل لبنان.