Go Back Go Back
Go Back Go Back
Go Back Go Back
Go Back Go Back

قصة زواج طفلة "كنت صغيرة ويسهل خداعي"

قصة زواج طفلة  "كنت صغيرة ويسهل خداعي"

News

قصة زواج طفلة "كنت صغيرة ويسهل خداعي"

calendar_today 15 ديسمبر 2020

"كنت أبلغ من العمر 15 عامًا حينما تقدم لخطبتي رجل متزوج يكبرني بأربع عشرة سنة... كنت صغيرة ولم أفهم شيئًا..." هكذا قالت عروس طفلة 

ظلت مسألة زواج الأطفال من مصادر القلق التي تؤرق الكثيرين حول العالم لعقود طويلة، نظرًا لما يشكله الأمر من انتهاك صارخ لحقوق الإنسان. وتشير الإحصائيات إلى أن واحدة من كل خمس فتيات على مستوى العالم تتزوج أو تكون طرفًا في اتحاد عرفي قبل أن تتم عامها الثامن عشر، وأن 21% من الشابات في الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة تزوجن وهن في مرحلة الطفولة.

وهناك العديد من الاتفاقيات الدولية التي تحظر زواج الأطفال، وقد نادى  المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد عام 1994 البلدان بالقضاء على ظاهرة زواج الأطفال. وفي العام الماضي تعهدت قمة نيروبي بشأن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 25 بإنهاء الممارسات الضارة والعنف القائم على النوع الاجتماعي مثل زواج الأطفال. وتشير البيانات إلى أن أكثر من 650 مليون امرأة وفتاة على قيد الحياة اليوم قد تزوجن وهن في مرحلة الطفولة، وإلى أن 150 مليون فتاة أخرى سوف تتزوج قبل إتمام عامهن الثامن عشر بحلول عام 2030.

دوافع زواج الأطفال في العالم العربي

لا يزال في جعبة اللاتي يتزوجن طفلات الكثير من الأمور التي يمكنهن مشاركتها بشأن الأسباب التي دفعتهن للزواج. تحدثت إحداهما عن زيجتها قائلة: "لقد أقنعني بأنه سوف يصطحبني في الكثير من النزهات، وأننا سنعيش في سعادة دائمة وسيبتاع لي كل ما أتمناه . أعترف أنني صدقته وكنت في غاية السعادة….. ألم أخبركم مسبقًا بأنني كنت صغيرة للغاية؟"

تساهم العديد من العوامل في تفشي ظاهرة زواج الأطفال في المنطقة العربية كالنزاعات التي تتسبب في زيادة معدلات زواج الأطفال في أوساط الفتيات النازحات داخليًا واللاجئات، والفقر والظروف الاقتصادية، وتدني مستويات التعليم. ولا شك أن الوضع السياسي والأمني المضطرب ، جنبًا إلى جنب مع تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، قد أدى إلى تقويض الجهود المبذولة للقضاء على زواج الأطفال، وهو ما سيكون له عواقب اقتصادية واسعة النطاق. وينذر هذا الأمر بوقوع 13 مليون فتاة أخرى ضحية لزواج الأطفال، وهو ما لم يكن من المفترض أن يحدث خلال الفترة من 2020 إلى 2030 (صندوق الأمم المتحدة للسكان، 2020).

كما خلصت الدراسة الاستقصائية التي أجرتها منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بشأن المعارف والمواقف والممارسات في اليمن عام 2016 إلى أن 72.5% من الإناث اللواتي خضعن للدراسة تزوجن قبل إتمام عامهن الثامن عشر، بينما تزوجت 44.5% منهن وهن بنات الخامسة عشر ربيعًا.

وفي حين أنه لا يسعنا إنكار التقدم الذي شهدته السنوات الأخيرة، غير أن ظاهرة زواج الأطفال في فلسطين تظل من القضايا الرئيسية بملفي العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية الطفل، إذ تفاقمت تلك المشكلة نتيجة لطول فترة الاحتلال والوضع الإنساني المستمر، ناهيك عن وباء فيروس كورونا (كوفيد-19) . ومع ذلك كشفت دراسة حديثة عن تدني ملحوظ في عدد حالات زواج الأطفال بين الفتيات في الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة، لتصبح النسبة 11% تقريبًا عام 2017  بعدما كانت 15% في 2014. ورغم ذلك فإن هذا المعدل ارتفع من 12% إلى 14% تقريبًا في الفئة العمرية نفسها بمدينة غزة. وعلى نحو مماثل شهدت بعض مناطق الضفة الغربية زيادة في معدلات زواج الأطفال، لتتخلف تلك المناطق بذلك عن الاتجاه السائد على المستوى الوطني. علاوة على ما سبق، فإن فرص زواج الأطفال تزداد بصورة أكبر في أوساط الفتيات بالمناطق المتضررة التي تعاني من كثرة المواجهات وعدم الاستقرار السياسي، وانتهاكات القوات الإسرائيلية، حيث يؤمن الآباء بأن الزواج من "إجراءات الحماية" التي تساعد على انتقال الفتيات بعيدًا عن هذه المناطق المتضررة، فضلاً عن أن زواجهن يخفف العبء المالي الواقع على عاتق الأسر التي تواجه بالفعل الكثير من تحديات المعيشة.

"كان زوجي حاد الطباع ويضربني باستمرار لدرجة أنه كسر أحد ضلوعي ذات مرة. لم أكن أملك من أمري شيئًا وينتابني الشعور بالإذلال وأتلقى الإهانات واحدة تلو الأخرى. ولم يمر على زواجي أربعة أشهر حتى أصبحت حاملاً". هكذا قالت العروس الطفلة وهي تسترجع ذكرياتها المؤلمة.

ومن المؤكد أن زواج الأطفال يخلّف صدمات طويلة الأثر في نفوس الفتيات، مما يحد من خياراتهن لاحقًا في الحياة ويقوض من قدرتهن على اتخاذ القرارات باستقلالية، إذ إن الفتيات المتزوجات تحملن في سن مبكرة وهو ما يمكن أن يشكل تهديدًا على حيواتهن. وفي أغلب الأحيان تؤدي تلك الزيجات إلى إسدال الستار على فرص تلك الفتيات في استكمال تعليمهن، مما يؤدي بدوره إلى قلة معرفتهن بالأمور المرتبطة بصحتهن وحقوقهن الجنسية والإنجابية مثلما يتعلق بالحمل وتربية الأطفال. كما تكون هؤلاء الفتيات ضعيفات وربما تكن أكثر عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية المعروف بالإيدز.

"رزقني الله بطفلة. كانت أشبه بالملائكة. ولكنهم للأسف انتزعوها من أحضاني لأنه لم يكن هناك أي شخص يرغب في تحمل  هذه المسؤولية وقبول رعايتي أو رعايتها. وبعدما وضعت مولودتي بشهرين أجبروني على الزواج مرة أخرى." تقول العروس الطفلة.

وبحسب قواعد بيانات اليونيسف العالمية لعام 2019، فإن نسبة النساء في الفئة العمرية من 20 إلى 24 سنة اللواتي تزوجن أو دخلن طرفًا في اتحاد عرفي قبل إتمام عامهن الثامن عشر كانت 17% في مصر، و13% في المغرب، و28% في العراق، و8% في الأردن، و6% في لبنان، و3% في الجزائر.

ورغم أن معدل انتشار ظاهرة زواج الأطفال قد انخفض من واحدة من كل 3 فتيات إلى واحدة من كل 5 فتيات على مر الخمس وعشرين سنة الماضية، غير إن التقدم يحدث ببطء. وعليه لا بد من بذل جهود مشتركة ضخمة من أجل بلوغ الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة حتى نتمكن من تحقيق المساواة بين الجنسين، وتمكين جميع الفتيات والنساء، والقضاء على الممارسات الضارة مثل الزواج المبكر بحلول عام 2030.

وفي حين أن تأثيرات زواج الأطفال متعددة وتختلف من حالة إلى أخرى، تظل من كبرى المشكلات التي تواجه صندوق الأمم المتحدة للسكان. ورغم الجهود التي تم بذلها في سبيل معالجة هذه المشكلة، فإن الطريق إلى خفض معدلات زواج الأطفال لا يزال طويلاً. وتقدر التكاليف اللازمة للقضاء على ظاهرة زواج الأطفال عالميًا بنحو 35 مليار دولار، أي حوالي 600 دولار من أجل إنقاذ عروس طفلة واحدة (صندوق الأمم المتحدة للسكان، نوفمبر 2019). وأخيرًا فإن القضاء على ظاهرة زواج الأطفال يتطلب توحيد الجهود وتفعيل مختلف البرامج والسياسات الموضوعة بالفعل والتي هي خارج حيز التنفيذ.