الأمم المتحدة، نيويورك/حمص، سوريا – ينبغي للأمومة أن تكون وقتا للفرح، إلا أنها بالنسبة للكثير من النساء تأتي مصحوبة بشيء آخر: الخطر.
قالت فاطمة لعمال الإغاثة في محافظة حمص التي تضررت من النزاع في سوريا: "دائما ما كانت الأمومة وتكوين اسرة حلما بالنسبة لي. لكني لم أتوقع أبدا أن يتحقق في مثل هذه الظروف."
فرت هى وزوجها، عصام، من العنف الوحشي في تدمر الخريف الماضي، عندما كانت حاملاً أقل من ثلاثة أشهر.
واستقرا في مأوى في حمص، حيث عانيا بسبب انعدام الأمن المستمر فضلاً عن البطالة والفقر والوصول المحدود إلى الخدمات الصحية. وقد أصيبت بالضعف مع تقدم حملها.
فى يوم الأحد القادم، ستحتفل عشرات البلدان حول العالم بعيد الأم. وهو يوم للاحتفال بالأمهات في كل مكان، لكنه أيضا لحظة للتفكير فى المخاطر التي لا تزال الكثير من النساء تواجهها في رحلتهن للأمومة – وما يمكن عمله حيال ذلك.
تموت أم بين كل لحظة وأخرى
وعلى الرغم من عقود من الالتزام من قبل الحكومات والقادة، فلا تزال الأمهات تتعرضن للوفاة بأعداد ضخمة بسبب أسباب يمكن الوقاية منها تماما.
وقد توفي ما يقرب من 303,000 امرأة في 2015 بسبب مضاعفات تتعلق بالحمل والولادة، وهي أسباب كان يمكن الوقاية من معظمها أو علاجها. ويعادل هذا وقوع حالة وفاة بعد الولادة كل دقيقتين.
وقعت 99 في المائة من تلك الوفيات في مناطق نامية بالعالم، حيث هناك مزيج من نظم صحية تفتقر للموارد الكافية، وبنية تحتية متواضعة، وعدم إيلاء الأولوية لصحة وحقوق النساء.
تواجه النساء في الأزمات الإنسانية والأوضاع الهشة مجموعة من أكبر العقبات التي تحول دون الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة. وفي كثير من الأحيان تكون هناك زيادة كبيرة في نسبة وفيات ما بعد الولادة أثناء النزاعات والكوارث، بل حتى في أعقاب الأزمات الإنسانية.
تُظهر البيانات أنه ما يقرب من ثلثي إجمالي وفيات ما بعد الولادة يقع في 35 بلدا فقط التي تعتبر هشة، أو متضررة من الأزمات، أو عرضة للأزمات.
رعاية صحة الأم والتغذية أعاداها للحياة
كانت فاطمة مهددة بأن تصبح جزء من هذه الإحصائيات القاتمة.
للأزمة السورية أثر مدمر على المدنيين. هناك ما يقدر بـ 6.3 مليون شخص نازحين داخليا، بينما تستمر التحركات الجماعية للمدنيين، وتتصاعد في بعض الحالات.
تدفع النساء المستضعفات ثمنا خاصا بهن حيث تضررت ما يقرب من 4.1 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب من الأزمة – بما في ذلك 360,000 امرأة حامل. تحتاج كل أولئك النساء والفتيات إلى الرعاية الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، وهي خدمات تشمل الفحوصات والمعلومات الصحية وتنظيم الأسرة ورعاية ما قبل الولادة. غير أن الصراع قد أوقف الوصول إلى هذه الخدمات الحيوية.
أما فاطمة فكان من حسن حظها أن استطاعت أن تجد المساعدة.
فقد حثها جيرانها الجدد على زيارة إحدى العيادات الطبية التى يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان. وهناك تبين معاناتها من نقص الوزن وافتقارها للفيتامينات والمعادن الأساسية.
في البداية، شعرت بالذنب لما وصلت إليه من الضعف. وكانت تقول لنفسها والقلق يسيطر عليها: "ماذا لو وضعت طفلا مريضا؟"
لكنها بدأت في الحصول على فحوصات منتظمة في العيادة، حيث أحالها صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضا إلى نظام قسائم غذائية شهرية يقوم على إدارته شريكه، برنامج الأغذية العالمي. وبالإضافة إلى الحصول على المواد الغذائية الطاذجة، حصلت فاطمة أيضاً على إرشادات خاصة بأنواع الأطعمة التي من شأنها مساعدتها على الحفاظ على حمل صحي. (تعمل هذه الشراكة في الاتجاه الآخر أيضا، حيث يحيل برنامج الأغذية العالمي النساء الحوامل والأمهات الجدد إلى صندوق الأمم المتحدة للسكان لتلقي الرعاية الصحية).
ومع مرور الوقت، ظهرت على فاطمة علامات تحسن صحتها بشكلٍ مطرد.
وبعد ستة أشهر، وضعت مولودها الذى أطلقت عليه اسم جاد بصحة جيدة، في العيادة.
الوصول إلى أولئك الأكثر احتياجا
يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان الرعاية الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية حول العالم ، بتركيز خاص على تقديم الرعاية للنساء والفتيات في حالات الطوارئ الإنسانية.
ينشر صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه العيادات المتنقلة ومقدمي خدمة الرعاية الصحية المحترفين والمدربين والمستلزمات الطبية المنقذة للحياة، مما يساعد النساء على اجتياز الحمل والولادة بسلام في بعض الأوضاع الأكثر رعبا.
ومع هذا، فلا تزال هناك حاجة لعمل ما يزيد عن ذلك بكثير، بما في ذلك تعزيز الأنظمة الصحية وزيادة الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية لجميع الأشخاص، لاسيما من هم فى أزمات.
من حسن حظ فاطمة أن التهديدات صارت أقل حدة – في الوقت الراهن على الأقل.
مازالت تتسلم القسائم الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي مما يساعدها على الحفاظ على صحتها أثناء إرضاع صغيرها، جاد، بينما تتلقى رعاية ما بعد الولادة فى عيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان.
قالت: "مازالت أحصل على الطعام والشراب من دون أي مشكلة."
وأصبح من عادة فاطمة أن تحيل أفراد مجتمعها إلى الخدمات التى يقدمها كل من صندوق الأمم المتحدة للسكان وبرنامج الأغذية العالمي، التي تقول إنها ساهمت في تخفيف بعض من الضغوط المالية على أسرتها.
قالت مبتسمة: "الآن نستطيع، أنا وزوجي عصام، أن ننفق الأموال القليلة التي ادخرناها لشراء حفاضات وملابس لجاد."