أنت هنا

قطاع غزة، فلسطين – عندما تم تشخيص بهيّة بسرطان الثدي، كان عليها أن تتعامل مع مرض مخيف، ومع وصمة في نظر كثيرين ، فشعرت بالرفض والعزلة.  "تعرّضتُ للتنمر وكانوا ينادونني ب "الأصلع" تقول بهية التي فقدت شعرها أثناء العلاج الكيميائي.  "ما كان أسوأ هو خوف ابنتي التي تبلغ من العمر سنة واحدة مني".

وفقا لتقرير صادر عن صندوق الأمم المتحدة للسكان، فإن التصورات السلبية للمجتمع عن سرطان الثدي وارتباطه بالوفاة يمكن أن يكون سببا لامتناع النساء  عن إجراء الفحوصات الطبية وهو ما يؤدي إلى عدم الكشف المبكر عنه. وتتجنب الكثيرات منهنّ مناقشته مع أي شخص أو اللجوء الى العلاج لأنه يمكن أن يؤثر على الوضع الأسري، أو يخشين أن يتخلى عنهن أزواجهن أو  يلحقن ضررا بفرص  زواج بناتهن.

وبناء على الحالات المسجلة لكافة أنواع السرطان، يشكل سرطان الثدي 16.5 بالمائة ، وهو النوع الأكثر شيوعا عام 2020، أي ما نسبته 32% من حالات السرطان التي تُصاب بها النساء، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.

بهية، وهي في أوائل الثلاثين من عمرها، توجهت لمركز صحة المرأة جباليا في قطاع غزة لطلب المساعدة من خلال المشاركة في دورة لصنع باروكات.  عادت بهية يوما بعد يوم الى حياتها الطبيعية، بالرغم من المرض.  "نمى شعري مجددا" تقول بهية.  "عندما علمتُ بهذه الدورة، قررت الإنضمام، وصنعتُ صداقات كان لها الأثر والدعم والتشجيع لكل منا ".

كان هناك 45 مشاركة، 15 منهن ناجيات من السرطان.  "هناك من شاركت بهذه الدورة دعما منها للناجيات" تقول إنعام، وهي المدرِبة في هذا المساحة الآمنة.  "نتعاون جميعا مع مؤسسات مختلفة لعمل باروكات لنضمن وصول هذه الباروكة لمن هي بحاجة لها".

وسام، وهي متطوعة ومساندة، كان لها سبب شخصي جعلها تشارك في دورة صنع الباروكات .

"أمي مريضة جدا" تقول وسام باكية.  "فقدت شعرها وهي لا تتحمّل نظرات الناس لها".  تعلمت وسام كيفية صنع الباروكات لكي تعطي واحدة لأمها والتي تربطها علاقة قوية جدا.  عانت وسام وعانت أمها مما جعل وسام تطلب المساعدة والدعم النفسي في مركز صحة المرأة في جباليا.  في هذه الأثناء، علمت إحدى المنسقات بأن لدى وسام هذه المهارة (في صنع الباروكات) وطلبت منها عمل دورة للناجيات "علّمتُ النساء كيفية عمل باروكة – وهل من طريقة أفضل لدعم والدتي؟" تتساءل وسام.

ملجئ عاطفي 

على مدى أكثر من 20 عاما، قدّم مركز صحة المرأة في جباليا تدريبات ومهارات مهنية وحياتية، ودورات للتوعية بشأن العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الإجتماعي، وإسداء المشورة القانونية والنفسية. 

"نحن نعمل من أجل النساء والفتيات اللواتي يطلبن مساعدتنا. نحن نستمع إلى قصصهن ومعاناتهن. ونساعدهن بقدر المستطاع.  نحرص على معالجة السبب الجذري لمعاناتهن - وفي بعض الأحيان يكون الزوج، وأحيانا أخرى الأسرة الممتدة"  تقول مريم الشقورة، رئيسة قسم شؤون المرأة في جمعية عبد الشافي للصحة المجتمعية، وهي المظلة التي تعمل تحتها مركز صحة المرأة جباليا

في بعض الأحيان ، يكون السبب الرئيسي هو خطأ في التشخيص الطبي .  "يلعب مركز صحة المرأة  جباليا وفريق الدعم النفسي والاجتماعي دورا كبيرا في تغيير الطريقة التي ترى بها الناجيات الحياة. لقد أصبحن واثقات وقويات" تقول إنعام، مدربة في المساحة الآمنة.