اليوم الدولي للمرأة هو فرصة لتأمل الإنجازات التي حققتها نساء وفتيات ساهمن بجهودن الاستثنائية في إحداث التغيير في مجتمعاتهن.
يحتفي المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في دول العربية هذا العام بـ 9 نساء ملهمات من المنطقة العربية (اضغط هنا لتتعرف على القائمة الكاملة)، نتناول أدناه بمزيد من التفصيل قصص 5 منهن. من الصومال إلى اليمن والعراق، تعيش غالبية أولئك النساء في أماكن تمزقها الحرب أو تضربها الأزمات الإنسانية، مما يجعلها أماكن خطيرة تحديدا بالنسبة للنساء. ومع هذا، فلقد رفضن جميعا الأفكار المسبقة عن دور المرأة الثانوي، وكافحن من أجل إحراز تقدم لصالح المرأة وحماية وتمكين النساء والفتيات المستضعفات والمهمشات في مجتمعاتهن.
- وفاء علوان: لا يمكن ترك النساء يعانين وحدهن
عانت علوان، 30 عاما، لثلاث سنوات بعد تشخيص إصابتها بسرطان الثدي، لكنها استعانت بتجربتها المؤلمة لدعم الكثير من النساء الأخريات اللواتي تم تشخيص إصابتهن بسرطان الثدي في قريتها سنجل بالضفة الغربية في فلسطين.
قالت وفاء: "لا يمكن أن تُترك النساء لتعانين وحدهن. فخطوة واحدة بسيطة من الفحص الذاتي للثدي يمكن أن تنقذ حياتك." تعتبر وفاء نفسها محظوظة لأنها وجدت الحب والرعاية من زوجها وأسرتها، وهي تشجع الأخريات على فعل الشيء ذاته.
تعمل وفاء الآن كميسرة حيث تدعم النساء الأخريات وتشجعهن على القيام بالفحص الذاتي للصدر، وتخبر من يتم تشخيص إصابتهن بالمرض حول التحديات التي من المنتظر أن تواجههن وكيفية التغلب عليها. جاء دورها نتاجا لمنحة من اليابان وللتعاون من جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية، الشريكة في تنفيذ برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان.
كانت حنين، من الموصل بالعراق، في الـ22 من عمرها عندما أجبرها النزاع على الفرار برفقة عائلتها من منزلهم. سارت مع والديها عبر أراض مزروعة بالألغام حتى وصلوا إلى مخيم ديبكة للنازحين داخليا.
قالت حنين: "كانت الرحلة طويلة وشاقة. وكان علي أن أنسى حياتي السابقة وأن أبدأ من جديد في مخيم للاجئين والنازحين داخليا. كنت أعلم أنه يجب علي أن أركز على تعليمي إذا أردت التغلب على هذه النقلة غير المتوقعة في حياتي. لم يكن من الممكن أن أستسلم ببساطة."
واصلت حنين دراستها من البيت؛ إذ استمرت في قراءة الكتب وتعليم نفسها بنفسها. وتوضح: "جعلني ذلك أشعر بالقوة حتى وأنا أعيش بداخل خيمة. أحسستُ بأني أستطيع أن أفعل ما هو أكثر من مجرد البقاء في البيت."
ولأنها كانت تواظب على زيارة مركز المرأة الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في المخيم، فقد تقدمت حنين للتطوع كمدربة خياطة. ولأنها فتاة موهوبة وتتحلى بالإصرار فقد قُبلت على الفور لهذه المهمة.
"في واقع الأمر لا يتعلق الأمر بالخياطة فقط، فهؤلاء النساء يحضرن الجلسات التي أقدمها بحثا عن تكوين صداقات جديدة أو هروبا إلى مكان يمكنهن فيه نسيان المآسي التي تعرضن لها والإحساس بأن بوسعهن أن يقمن بعمل مفيد." تقول وهي تشير إلى مئات النساء اللواتي غالبا ما يأتين للمركز للاستفادة من الأنشطة الترفيهية المختلفة.
وتستطرد قائلة إن "هؤلاء النساء يتجمعن، كما تتجمع الصديقات في الأحياء، حول خياطة الأقمشة. ومع هذا فبعضهن يأتين إلى هنا، وهن يحملن آلاما أكثر عمقا، فالخياطة بالنسبة لهن أشبه بربط حياتهن معا ومداواة جروحهن."
خلال هذه التجمعات، تتناقش النساء حول قضايا مختلفة بما في ذلك التحرش الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف الأسري، وغير ذلك من أشكال الإساءة التي قد يتعرضن لها. وفي المركز يمكنهن الحصول على خدمات الدعم النفسي فضلا عن الأنشطة الترفيهية التي يوفرها المركز للنساء والفتيات.
ولأن حنين ودودة بالفطرة ولديها الاستعداد للإنصات ولمساعدة الأخريات، فقد صارت واحدة من أكثر الوجوه مصداقية لدى النساء في المركز. واليوم، وبعد مرور ثلاث سنوات على نزوحها، تؤثر حنين في حياة مئات الشابات داخل المخيم اللواتي نزحن داخليا مثلها، بعيدا عن بيوتهن.
- كيس شاميس بيلي: أول ضابطة شرطة في بلد مصنف ضمن الأسوأ بالنسبة للنساء
كيس، 35 عاما، هي ضابطة الشرطة الوحيدة المسؤولة عن كافة الأشخاص النازحين داخليا في نوجال بإقليم بونتلاند. وهي كذلك نائبة مدير الشرطة المجتمعية في بونتلاند.
سبق وأن صُنف الصومال كواحد من أسوأ البلدان بالنسبة للنساء. وحتى على مستوى الدولة، لم يزل البلد يتعافى من عقود من الحرب. في هذه الأثناء لا تعبأ الكثير من النساء الصوماليات بالإبلاغ عن الجرائم لأن الثقة غائبة لديهن بقدرة النظام - أو رغبته - في مساعدتهن للوصول إلى العدالة.
في أغسطس/آب 1988، انضمت كيس وعمرها لم يجاوز بعد الـ15، إلى الشرطة كأول ضابطة للشرطة وأدت العديد من التكليفات في مختلف أقسام الشرطة: مكافحة القرصنة والمخدرات، والشرطة المجتمعية وفي دائرة التحقيقات الجنائية.
وفي أغسطس/آب 2015، انضمت لأكاديمية آرمو الشرطية للتدريب كمساعدة لرئيس قسم شرطة شرق، حيث أشرفت على تدريب 32 من رجال الشرطة. وسرعان ما كسبت احترام جميع نظرائها بل وحصلت على جائزة لقيادتها البارزة.
وتعمل كيس في مكتب الشرطة النسائي الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان حيث يبلغ المشرفون على قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي عن الوقائع التي يقابلونها. وقد لعبت مؤخرا دورا أساسيا في قضية اغتصاب جماعي لفتاة من قبل ستة رجال. أجرت كيس تحقيقات دقيقة أدت لكشف هوية المغتصبين الستة والقبض عليهم جميعا. وهم الآن رهن الاحتجاز في انتظار تحقيق العدالة.
وعلى الرغم من ترسخ القانون العرفي، فقد ضغطت الضابطة كيس من أجل تطبيق قانون الجرائم الجنسية الذي تم إقراره مؤخرا. وكيس، الزوجة والأم لثلاثة أطفال، هي مناصرة قوية لقضايا المرأة وتولي تركيزا خاصا لمكافحة الإفلات من العقاب في الجرائم الجنسية وجرائم العنف القائم على النوع الاجتماعي.
- عائشة باركي: دعم التعليم ومحو الأمية لتمكين النساء والفتيات
بدأت عائشة باركي، مؤسسة ورئيسة الجمعية الجزائرية لمحو الأمية "اقرأ" كمعلمة ثم ناظرة مدرسة، قبل أن تقرر التركيز فقط على العمل الإنساني ودعم حقوق المرأة. ومن خلال مراكز محو الأمية التي افتتحتها جمعيتها في الكثير من المدن الجزائرية، عملت باركي على ضمان تعليم النساء المهارات الحياتية. وبدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان طورت جمعية "اقرأ" كتيبات تحتوي على مواد توعوية حول الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق الإنجابية والوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وخلال رحلتها نحو تمكين المرأة وتعزيز حقوقها من خلال محو أمية الكبار، انتُخبت السيدة باركي أمينا عاما للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات في 1986، وانضمت للمرصد الوطني لحقوق الإنسان في 1993، والذي ترأسه بالإنابة منذ 1997. كما تأهلت السيدة باركي لجائزة روبي كيد من المجلس الدولي لتعليم الكبار وحصلت على جائزة فالنسيا الوطنية للحرية عام 1998. وهي أيضا عضو بمجلس الشيوخ الجزائري منذ 2013، وتواصل برنامجها لمحو أمية الكبار في أنحاء البلاد.
الدكتورة هبة الملاح: تكافح المفاهيم المغلوطة حول تنظيم الأسرة في أوساط اللاجئين السوريين في الأردن
يلعب تنظيم الأسرة دورا محوريا في تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، كما أنه عامل أساسي في الحد من الفقر. فهو يسمح للنساء باتخاذ قرارات مستنيرة حول ما إذا كن يرغبن في إنجاب أطفال وكم عددهم. ومع هذا فملايين النساء والفتيات حول العالم مازلن لا يستخدمن أي وسيلة لمنع الحمل بسبب مخاوف لا أساس لها حول آثارها الجانبية.
تعمل الدكتورة الملاح في عيادة للصحة الإنجابية مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان ويديرها معهد صحة الأسرة في عمان، بالأردن. وهي تقدم المشورة حول تنظيم الأسرة (يشمل ذلك النصح والمعلومات حول وسائل منع الحمل، والمباعدة بين الولادات وصحة الأم) للنساء الأردنيات واللاجئات السوريات اللواتي يأتين للعيادة.
وأوضحت: "إضافة للمخاوف بشأن العقم، يخشى الكثير منهن أن تؤدي وسائل منع الحمل إلي الكثير من الآثار الجانبية الضارة، مضيفة أن المفاهيم الخاطئة عن تنظيم الأسرة منتشرة بين اللاجئات السوريات، اللواتي يشكلن غالبية المريضات لديها.
كما وأن هناك مفاهيم خاطئة حول كيفية إدارة وسائل منع الحمل وكيف تعمل داخل الجسم وحتى حجمها. قالت الدكتورة هبة: "تتصور بعض المريضات أن الجهاز المثبت داخل الرحم كبير فعلا وأنه سيضر ويخدش الرحم."
تحرص الدكتورة هبة عندما تتحدث إلى المريضات على أن تشرح بل وتعرض كل خيار من خيارات منع الحمل حيث تحمل في راحة يدها: واق غير مغلف وجهاز يُثبت داخل الرحم (لولب) وحبوب منع الحمل التي تؤخذ بالفم وجهاز تنظيم النسل من النوعية التي يتم غرسها تحت الجلد تضعه على ذراعها، وهكذا.
قالت الدكتورة الملاح: "يتفاجئن عندما يرون الجهاز الذي يثبت داخل الرحم ومدى صغر حجمه ويقلن، ’هل هذا كل شيء؟‘ فهذا يخفف من مخاوفهن."