رسالة من المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة نتاليا كانيم
إن العام الجديد هو وقت للتفكير واتخاذ القرارات – وهو وقت لتقييم ما حققناه من نجاحات وما يواجهنا من تحديات، لتعزيز عزمنا ووضع أهداف للمستقبل. وبالنسبة لصندوق الأمم المتحدة للسكان فإن هذا العام هو بمثابة بداية بينما نطرح خطتنا الاستراتيجية الجديدة.
وبوصفني المديرة التنفيذية الجديدة لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فإنني أفخر بأن موظفي صندوق الأمم المتحدة للسكان في أكثر من 150 بلدا وقفوا معا في خضم الاضطربات والتحولات التي شهدها عام 2017، وأظهروا همتهم واستمروا في تقديم نتائج مبهرة على مستوى إنقاذ حياة النساء والفتيات الذين نخدمهن، حتى في أحلك الأوضاع وأخطرها.
في العام الماضي قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بالوصول إلى أكثر من 33 مليون امرأة وأكثر من 1.6 ملايين من الفتيات المراهقات والشباب وتقديم خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وخدمات الوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي ومعالجة آثاره.
كما أمكن من خلال وسائل منع الحمل التي وفرها صندوق الأمم المتحدة للسكان تفادي 30,800 حالة من وفيات الأمهات، و11.6 ملايين حالة حمل غير مقصود و3.6 ملايين حالة إجهاض غير آمن.
ولقد درَب صندوق الأمم المتحدة للسكان الآلاف من العاملين بالحقل الصحي، وعالج 22,000 من النساء والفتيات المصابات بالناسور، وقدم لأكثر من مليونين من الفتيات المهمشات برامج لإكسابهم المهارات الحياتية كما قدم خدمات الوقاية والحماية المتعلقة بزواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث لمليون فتاة.
وما هذا إلا لمحة عن الخدمات المنقذة للحياة والتي تغير مسار الحياة، التي قدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان لملايين النساء والفتيات المراهقات حول العالم.
إن أهم شيء نقوم به هو توسيع نطاق الخيارات والاختيارات أمام النساء والفتيات المراهقات الأكثر فقرا. فمن خلال تمكينهن من اتخاذ قراراتهن الخاصة بشأن توقيت حملهن والفترة الفاصلة بين الولادات، إنما نفتح لهن دربا نحو أمنهن الاقتصادي واستقلالهن، كما نفتح طريقا نحو اقتصادات ومجتمعات أكثر توازنا، وفق التصور الموضوع في أهداف التنمية المستدامة.
وبهذه الرؤية القائمة على الشمول والمساواة لعالم لا تتخلف فيه امرأة ولا فتاة عن الركب، تسترشد الخطة الاستراتيجية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للسنوات الأربع القادمة. هذه الخطة الجديدة هي خارطة طريقنا لأول خطوة في رحلتنا معا للوصول إلى 2030.
ولكي نصل إلى هناك، فإن لدينا ثلاث نتائج استراتيجية سنعمل على تحقيقها بحلول 2030.
1. صفر احتياجات غير ملباة لتنظيم الأسرة؛
2. صفر وفيات الأمهات؛ و
3. صفر عنف وممارسات ضارة ضد النساء والفتيات، بما في ذلك زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
ستستمر قوتنا في جمع وتحليل البيانات السكانية في إرشاد كل عمل يقوم به صندوق الأمم المتحدة للسكان وستكفل مراعاة الجميع في إطار السعي لتحقيق هذه الأهداف الثلاثة الطموحة والأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
في 2018، سنواصل العمل مع شركائنا من خلال محور العمل الإنساني والإنمائي والعمل من أجل السلام، بحيث يعضد العمل في المجال الواحد غيره من المجالات. سنركز على الجاهزية، وتقليل المخاطر وبناء القدرة على الصمود – لدى الأنظمة الصحية والمجتمعات والنساء والشباب.
وسنركز في كل ما نقوم به على الابتكار وعلى أن نتسم بالجرأة وأن نكون واضحين ومرئيين وعلى ألا نترك أحدا خلف الركب. هكذا سيعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤنا على تحقيق الأهداف على نطاق واسع.
وتشمل الأولويات العاجلة لصندوق الأمم المتحدة للسكان في 2018
· تعزيز التواصل والمناصرة والشراكات من أجل حصول الجميع على الخدمات وتلبية الاحتياجات بالكامل؛
· تعزيز الابتكار، خاصة في أنشطتنا الإنسانية المتزايدة؛
· العمل مع الحكومات وغيرهم من الشركاء للإعداد لعام 2019، الذي سيشهد الاحتفال بمرور 50 عاما على عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان و25 عاما على برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي يوجه عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى يومنا هذا. ستعمل سلسلة من المراجعات الإقليمية الخاصة بالمؤتمر الدولي لسكان والتنمية في 2018 على تقييم التقدم والفجوات والتحديات والقضايا الناشئة ووضع الأساس لتسريع وتيرة التحرك.
إن صندوق الأمم المتحدة للسكان على أهبة الاستعداد لتحقيق نجاح استثنائي، ونجاحنا سيكون نجاحا مشتركا للنساء والفتيات المراهقات في هذا العالم، عندما يتمكنّ من التمتع بحقهن في اتخاذ قراراتهن الخاصة بشأن أجسادهن ومستقبلهن.
يغمرني التفاؤل لأنني أعرف أننا في حالة ووضع أفضل اليوم من حيث التركيز كي نعزز مكاسبنا على نطاق واسع ونعمل مع طيف واسع من الشركاء للوصول إلى نتائج قوية. وهي لحظة واعدة من أجل الوحدة لرفع الحث ودفع العمل إلى الأمام.
يجلب أميننا العام، أنطونيو غوتيريس، رؤية جديدة جريئة لإصلاح الأمم المتحدة. فالأمم المتحدة تتغير وصندوق الأمم المتحدة للسكان يتبنى ويساعد على دفع هذا التغيير.
وبفضل عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركائه، تراجع عدد النساء اللواتي يفقدن حياتهن أثناء الولادة ويستخدم عدد غير مسبوق من النساء وسائل منع الحمل الحديثة.
الآن نحتاج لتسريع وتيرة هذه الجهود للوصول إلى مستقبل يكون فيه الرقم صفر هو الرقم الوحيد المقبول: صفر من الاحتياجات غير الملباة لتنظيم الأسرة، وصفر وفيات الأمهات، وصفر عنف وممارسات ضارة ضد النساء والفتيات.
يقف مجتمع الصحة الجنسية والإنجابية والحقوق الإنجابية متحدا وصلبا ومستعدا لمواجهة المستقبل. فقد يلوح بالأفق بعض الشكوك، ومع هذا فإن تفانينا الجماعي من أجل صحة وحقوق النساء والفتيات أقوى من أي وقت مضى. نحن نستجمع قوانا وخيالنا وتضامننا لنمضي قدما في هذا العام الجديد مع خطة استراتيجية جديدة نابضة بالحياة.
بإمكاننا من خلال العمل معا أن نضمن أن تتمتع كل امرأة وفتاة مراهقة في أي مكان بالقدرة على الوقاية من الحمل غير المقصود، والولادة بأمان وأن تعيش حياة خالية من العنف.
***
اليوم ننضم للعالم في تضامننا الكامل مع شعب هايتي، ونحن نتذكر الأحداث الحزينة لزلزال 12 يناير/كانون الثاني 2010. ونعرب عن تعاطفنا مع الأسر التي لا حصر لها التي فقدت أحبائها، بما في ذلك أسرة الأمم المتحدة في هذا البلد الجميل.