يعيش ما يقرب من 100 مليون شابة وشاب تحت سن الثلاثين في المنطقة العربية يمثلون نحو ثلثي سكان المنطقة. ولكن تواجه المنطقة العربية عدة تحديات فريدة في سعيها لتمكين شبابها من تحقيق إمكاناتهم الكاملة. تتضمن تلك التحديات معدلات عالية من الفقر والبطالة، وغياب المساواة في قدرة الشابات والشباب على الحصول على الرعاية الصحية والتعليم الجيدين، ونقص معدلات المشاركة السياسية، ومعدلات عالية من غياب المساواة بين الجنسين، بالإضافة لمعاناة المنطقة العربية من بعض من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
هذا العام، يحتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان، الجهة الأممية المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية، بالذكرى الخامسة والعشرين لتبني برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية حين توافق قادة العالم على وضع المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وتمكين الشباب، وضمان قدرة الجميع على الحصول على خدمات الصحة الإنجابية على رأس قائمة أولويات السياسات العامة كشروط سابقة لتحقيق التنمية المستدامة.
في سياق إعادة تأكيد الالتزام بتلك الأهداف، ينظم صندوق الأمم المتحدة للسكان هذا الأسبوع النسخة الثانية من منتدى الشباب في المنطقة العربية، بالشراكة مع وزارة الشباب والرياضة التونسية تحت عنوان "المعرفة في خدمة الشباب." يجمع المنتدى 160 مشاركة ومشارك من الشباب من 20 دولة عربية ليعملوا سويًا على تطوير مشروعات إقليمية تعزز حق الشباب في الحصول على المعرفة، وقدرتهم على تطويع تلك المعرفة في سعيهم للوصول للتنمية المستدامة وتحقيق وعود المؤتمر الدولي للسكان والتنمية للجميع.
تم تصميم المنتدى كمساحة يستطيع الشباب من خلالها توجيه دفة النقاش ورسم مسار المستقبل بحسب احتياجاتهم وأولوياتهم كما يرونها، وتبعًا لمعرفتهم الحقيقية بمجتمعاتهم. ويجمع المنتدى مجموعة من المشاركات والمشاركين على مستوى عال من الالتزام بخدمة مجتمعاتهم من خلال تحصيل المعرفة لتحقيق وعود المؤتمر الدولي للسكان والتنمية للجميع، ولتحقيق السلام والتنمية في المنطقة.وتعتبر قصصهم ومبادراتهم الفردية مصدرًا للإلهام والأمل، ويُظهِر عملهم الاجتماعي إصرارهم على تجاوز الحواجز والعوائق أيًا كان نوعها، بما يتضمن العادات الاجتماعية المحافظة، والإعاقة وحتى الحرب. ونستعرض هنا أمثلة من عمل مناصري المعرفة من مشاركي المنتدى الشباب.
آية صيام، 25 سنة، مصر:
آية عضوة في شبكة تثقيف الأقران، وهي شبكة شريكة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان وتعمل على دعم الشباب الفاعلين في التغيير في عملهم لضمان قدرة الجميع على الحصول على خدمات الصحة الإنجابية، ومناصرتهم لقضايا المساواة بين الجنسين، ومجهوداتهم لرفع الوعي حول بعض الممارسات الضارة التي تعتمد على الأعراف مثل زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية.
تقول آية: "في بداية نشاطي التوعوي بقضايا الصحة الجنسية والإنجابية، كنت أعتبر تلك المصطلحات 'غريبة' بالنسبة لي و 'عيب' بالنسبة لمجتمعي. ولكن بسبب السعي في المعرفة ومشاركتي مع شبكة تثقيف الأقران و صندوق الأمم المتحدة للسكان، قاومت مصطلح العيب لتغيير المفاهيم الخاطئة المتعلقة بالممارسات الضارة للفتيات في مجتمعي."
واستطاعت آية أن تبدأ وتقود حملة توعية لتمكين الفتيات بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان والسفارة السويدية، وهي الحملة التي وصلت لـ16,000 من المستفيدين الشباب في 21 محافظة. كما حققت آية الكثير من الإنجازات في مختلف الحملات والمبادرات التعليمية التي تستهدف الشابات والشباب في مصر وفي مجتمع اللاجئين السوريين في بلدها.
مهند عجب الدور، 25 سنة، السودان:
في عام 2016، قدم مهند مقترحًا لصندوق الأمم المتحدة للسكان لدعم التعليم الجنسي الشامل في شمال كردفان بالسودان. وقد تبنى صندوق الأمم المتحدة للسكان المقترح ودعم مهند في تحويله لمشروع مبدأي تم تنفيذه بالمشاركة مع يونسيف وشبكة السكان السودانية، واستهدف طلبة ثلاث مدارس ثانوية في شمال كردفان عن طريق تأسيس ثلاثة أندية مدرسية وتدريب 30 طالبة وطالب في كل مدرسة باستخدام مناهج للصحة الإنجابية تم تعديلها لتناسب الفئة العمرية المستهدفة.
يقول مهند: "أكبر التحديات التي تواجه الشباب في بلدي هو معاملتهم باعتبارهم فئة عمرية غير مرغوب فيها أو 'عدوة' مما يؤدي لتهميش الشباب، أو دفعهم نحو التماهي مع رغبات المجتمع وحرمانهم من فرص الإبداع والتأثير ببصمتهم الخاصة على مجتمعاتهم المحيطة."
محمد غيث صندوق، 25، سوريا:
من خلال موقعه كقيادي في شبكة تثقيف الأقران بسوريا، استطاع محمد إطلاق المنصة التفاعلية الأولى من نوعها في سوريا لرفع الوعي ونقل المعرفة فيما يتعلق بقضايا المساواة بين الجنسين، والصحة الجنسية والإنجابية، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، والوصم الاجتماعي، ومجهودات بناء السلام. في الوقت نفسه، قاد محمد حملة للوصول للشباب السوري في المجتمعات الريفية البعيدة بتلك المعرفة عن طريق عقد سلسلة من جلسات التثقيف ورفع الوعي.
مؤخرًا، بدأ محمد مبادرة تحت عنوان "نحن عيونكم" لتوفير المواد التعليمية المدرسية بشكل صوتي للأطفال الكفيفين من خلال تطبيق إلكتروني.
يقول محمد: "أحلم بوصول جميع الشباب (إناثاً وذكوراً) للتعليم الجيد بشكل مجاني، و بوسائل حديثة وتفاعلية. فالتعليم الحديث سيخلق فرص عمل لائقة للشباب والتي ستسهم في القضاء على الفقر والجوع في المناطق الأكثر احتياجًا، كما أن التعليم يحفّز الشباب على الابتكار والإبداع مما سيساهم في إيجاد حلول جديدة للقضايا المجتمعية المحلية. ومن جهة أخرى، فإن التعليم يوسّع آفاق المعرفة والتفكير، مما سيساعد على الوصول إلى حالة من 'تقبّل الآخر' والتي ستسهم بشكل مباشر في إحلال السلام المحلي، الإقليمي، والعالمي."
حنين شعث، 21، فلسطين - غزة:
برغم تحديات الإعاقة والحياة في غزة تحت حصار امتد لعقد كامل، التزمت حنين بتحصيل المعرفة واستخدامها لخدمة مجتمعها.
فنجحت حنين في التخرج من الجامعة بتقدير امتياز، وسعت بعدها للحصول على الكثير من التدريبات والدورات التعليمية مما ساعدها في تأسيس مبادرة مجتمعية لإعادة تدوير المخلفات البلاستيكية والورقية تحت عنوان "هيك أحلى"، ومبادرة أخرى لإعادة إحياء التراث الفلسطيني والحفاظ عليه بالتركيز على الأمثال الفلسطينية.
تقول حنين: "أحلم أن أصبح سفيرة فلسطين للنوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة وأن أخدم الشباب والفتيات، خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة لأنها فئة مهمشة. أكبر التحديات في غزة هي البطالة بسبب الحصار على القطاع وغلاء المعيشة."
تابعونا على هاشتاج #منتدى_الشباب_العربي و#المعرفة_أساس_الاختيار على حساباتنا على موقع Facebook و Twitter لتعرف المزيد عن المشاركات والمشاركين ومساهماتهم الملهمة في مجتمعاتهم