أنت هنا

تعد مرحلة المراهقة انتقالاً صعبًا للفتيات على مستوى العالم. في غزة، يزيد على تحدي مرحلة المراهقة تحديات الحصار، واحتلال يزيد عمره عن الخمسين عامًا بالإضافة لظروف اقتصادية صعبة للغاية.

تقول آية، وهي فتاة من غزة في الخامسة عشر من عمرها: "مخاوفي هي تردي الوضع السياسي في الوقت الحالي. الحرب ممكنة في أي لحظة، والقصف ممكن في أي لحظة. أشياء مثل هذه تجعلني قلقة ومتوترة طوال الوقت."


"آية، 15 عام: "الحرب ممكنة في أي لحظة"
©صندوق الأمم المتحدة للسكان: الصورة مقتطعة من فيديو

يقع قطاع غزة تحت الحصار منذ عام 2007 ويعد موقعًا لتوتر وعنف مستمرين مما يزيد من هشاشة وضع الفتيات والشابات. كما يرزح المجتمع بأكملة تحت وطأة غياب الاستقرار الأمني والاقتصادي مما يدفع باحتياجات الفتيات وحقوقهن لتأخذ موقعًا متأخرًا على قائمة الأولويات المجتمعية في مقابل قضايا أخرى ينظر لها كأولويات أكثر أهمية. كل تلك العوامل تحد من قدرة الشابات والفتيات على التعبير عن احتياجاتهن وأحلامهن ويقلص من المساحات التي يستطعن استغلالها للدفع من أجل التغيير.

تقول آية: "هناك فتيات استطعن تجاوزالعادات والتقاليد المجتمعية وحققن أهدافهن. هؤلاء الفتيات يعطين دفعة لغيرهن لتجاوز مثل تلك التحديات."

ابتهال،وهي في الرابعة والعشرين، واحدة ممن تحدثت عنهن آية. بعد أن أنهت دراستها الثانوية، كان المتوقع أن تتزوج ابتهال في عمر السادسة عشر أو السابعة عشر مثل معظم الفتيات في مجتمعها وأن تتوقف عن التعليم عند تلك المرحلة. ولكن ابتهال كانت تحلم أن تصبح صحفية منذ طفولتها، كما أنها لم تكن مستعدة للزواج حينها. بذلت ابتهال مجهودًا كبيرًا في إقناع أسرتها بالموافقة على استكمالها لدراستها الجامعية حتى نجحت. لكنها وجدت أن عليها أن تقنعهم أيضًا بالصحافة كتخصص يراه البعض غير مناسب لفتاة.

تذكر ابتهال تلك الفترة من حياتها قائلة: "أخذوا شهادتي وسجلوني في قسم دراسات اللغة العربية. تضايقت كثيرًا ولكني لم أستطع الحديث."

مع إصرار ابتهال وعن طريق وساطة بعض أفراد العائلة، استطاعت أخيرًا اقناع أسرتها وبدأت دراسة الصحافة في غزة. تخرجت ابتهال بثاني أعلى تقدير بين أقرانها وتطمح لاستكمال دراستها الجامعية حتى الحصول على درجة الدكتوراة. منذ ذلك الحين، تحول موقف أسرتها للفخر بما أنجزت.

تقول ابتهال بابتسامة واسعة: "الآن أرى الفخر بما حققته كما يرى المجتمع المحيط بي أن باستطاعتي أن أكون مصدرًا للإلهام لمن حولي."

آية أيضًا لها حلم تخطط للدفاع عنه مثل ابتهال حيث تطمح لدراسة الطب لتصبح طبيبة نساء وولادة ناجحة، كما تريد أن ترجئ قرار الزواج حتى تشعر بالاستقرار في مسارها المهني. ولكنها تقلق كثيرًا من تأثير العادات والتقاليد المجتمعية المحافظة على قدرتها على تحقيق أحلامها.

تقول آية: "يتدخل المجتمع كثيرًا في الأمور الخاصة بالفتيات ويلزمهن بقوانين خاطئة تضايقهن كثيرًا لأنها غير عادلة."

تتردد كلًا من آية وابتهال بانتظام على مساحات آمنة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان، الجهة الأممية المختصة بالصحة الجنسية والإنجابية. تحب ابتهال أنشطة المناظرة المتوفرة بمراكز الصندوق ، وتتمنى ابتهال زيادة المساحات الآمنة التي تتيح الفرصة للفتيات والشابات للتعبير عن أنفسهن وتنمية قدراتهن الإبداعية.

 


 ابتهال، 24 عام: "أنت تعيش في مجتمع لا يتمتع معظم أفراده بالقدرة على الاختيار"
©صندوق الأمم المتحدة للسكان: الصورة مقتطعة من فيديو

وفي حديثهن عن بناء أسر خاصة بهن، تجاوزت مخاوف كلاً من آية وابتهال قدرتهن على ممارسة حقوقهن الإنجابية لتشمل مستقبل أطفالهن بعد الولادة.

فتقول ابتهال: "الأمر لا يتعلق بالفتيات فقط. أنت تعيش في مجتمع لا يتمتع معظم أفراده بالقدرة على الاختيار."

وتقول آية: "أول شئ هو الحروب والمعانات التي نعيشها. لا أريد لأطفالي أن ينشأوا في تلك المعاناة التي عشناها. أريدهم أن يستطيعوا السفر للخارج إن أرادوا أن يروا العالم."

أما ابتهال، فقالت أنها تتمنى لأطفالها في المستقبل أن يكون لهم مساحات آمنة يستطيعون فيها ممارسة هواياتهم من رسم وموسيقى وغيرها. كما تمنت أن يكون الوضع أكثر أمانًا وأن تكون الفرص الاقتصادية المتاحة أفضل. وتمنت لهم حياة أسهل من حياة الفتيات في غزة:

"أن تكون فتاة في غزة معناه أن بإمكانك أن تفقد أحد أفراد أسرتك في أي وقت. أن تكون فتاة في غزة معناه أنني، ولمدة أربعة وعشرين عامًا وحتى الآن، لم أر العالم الخارجي إلا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الجوالة."