Go Back Go Back
Go Back Go Back
Go Back Go Back

تغيير المفاهيم: مكافحة الختان في صعيد مصر - قصة هدى

تغيير المفاهيم: مكافحة الختان في صعيد مصر - قصة هدى

تغيير المفاهيم: مكافحة الختان في صعيد مصر - قصة هدى

calendar_today 11 يوليو 2016

ترحب هدى بالناس في بيتها في صعيد مصر. وهي تقوم بدور قيادي في إقناع الناس بالتخلى عن عادة الختان. © UNFPA Egypt / سيما دياب
ترحب هدى بالناس في بيتها في صعيد مصر. وهي تقوم بدور قيادي في إقناع الناس بالتخلى عن عادة الختان. © UNFPA Egypt / سيما دياب

يوجد وراء المظهر الهادئ لـ هدى محمد، سيدة قوية تبلغ من العمر 37 عاماً. تعمل هدى في جمعية الهلال الأحمر المصري كمعلمة لرياض الأطفال في قريتها في أسيوط بصعيد مصر. وتشعر هدى وزوجها، مصطفى، بالفخر بأولادهما الأربعة: بنتان وولدان، يذهبون جميعاً إلى المدرسة.

 

وفى طفولتها، قاما والدا هدى بما كانا يعتقدان أنه ضرورة اجتماعية وثقافية في مصر: إذ أخضعاها لعملية تشويه الأجزاء الخارجية من أعضائها التناسلية، وهي ممارسة منتشرةعلى نطاق واسع في مصر، وتعرف بالختان. وكان لهذه الممارسة الصادمة آثار جسدية ونفسية عميقة على هدى كطفلةٍ ثم لاحقاً كإمرأة  بالغة. عندما كبرت  هدى، بدأت حضور دورات  تدريبية في قريتها حول الآثار الضارة للختان وأدركت أن ما كان الكثيرون يعتقدون بأنه ضرورة لم يكن في واقع الحال سوى عادة. لذا فقد قررت ألا تعانى بناتها  من الصدمة التي عاشتها وهي طفلة.

قالت هدى: 

لقد أدى حضورى إحدى تلك جلسات التثقيف إلى إحداث تحول في حياتي. فقد أدركت إلى أي مدى نعاني نحن المتزوجات اللاتي تعرضن للختان دون داعٍ لذلك . لذا قررت أنني لن أسمح أن يخضعن بناتي للختان.

وقفت هدى على ارضٍ صلبة وبإصرارٍ نجحت فى إقناع زوجها بالتخلي عن الفكرة أيضا، وبدأت تتواصل على نحوٍ فعال مع السيدات والرجال في مجتمعها لإقناعهم بأن يحذوا حذوها. كان مصطفى قد غير رأيه  نتيجة الضغط الذي مارسته زوجته وأيضاً نتيجة إدراكه للأمر من خلال حضور جلسات رفع الوعي التي نظمها صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه، وهي الجلسات التي أظهرت أن الختان لا يؤدى إلا لآثار سلبية على الفتيات، وأنه لم يأمر به أي دين من الأديان. 

تقول هدى عند سؤالها عن مفاهيم الناس الذين قابلتهم: "يصعب إقناع الناس بالتخلي عن هذه العادة. يظن معظمهم أنها من التعاليم الدينية، ويستمرون في التمسك بها على الرغم من إحاطتهم بالأضرار المرتبطة بها. ومع هذا، فأنا أعرف الكثير من الأسر التي رفضت إخضاع بناتهم للختان، لكنهم لا يعلنون  ذلك خوفاً من استنكار وإدانة المجتمع من حولهم."

تنشغل هدى  للغاية بتنظيم العديد من جلسات التوعية الجماعية حيث تتحدث إلى الناس حول مدى الضرر الذى ينتج عن الختان  كما تزور الأسر في منازلهم للدعوة إلى القضاء على هذه العادة، بل فى بعض الأحيان تهدد  بعض الأباء التى تعلم بأنهم مقبلين على ختان بناتهم بإبلاغ الشرطة حيث  أن الختان من الممارسات غير القانونية في مصر. 

وبفضل الجهود الدؤوبة التي تبذلها هدى ومجموعة من الرجال والسيدات الذين يشاركونها نفس التوجه، أصدرت قريتها إعلاناً جماعياً ينص على أن سكان القرية قد اختاروا التخلى عن الختان.

تقول هدى: "نحتاج لتغيير حقيقي! لابد من سبيل لرفع وعي هؤلاء الفتيات والأولاد الصغار الذين سيصبحون قريبا أمهات وآباء. الأمل في قراراتهم المستقبلية، ولابد لنا من العمل عن قرب مع وسائل الإعلام للوصول إلى كل أسرة، وكل أم وأب، وإقناعهم بوضع نهاية لهذه الممارسة."

تنتشرعادة الختان في مصر على الرغم من تجريمها في يونيو/حزيران 2008. ووفقاً للمسح السكاني الصحي، الذي أجري على المستوى الوطني في 2014، عرضت ما يقرب  من 92 في المائة من السيدات المصريات المتزوجات، اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-49 سنة إلى الختان. ومع ذلك أشار المسح إلى  انخفاضٍ ملحوظٍ ، من 74 إلى 61 في المائة، في هذه الممارسة بين الفتيات في سن 15 إلى 17 سنة. وعلى رغم من هذا التغيير الإيجابي في توجهات السيدات تجاه الختان، إلا أنه لا يزال هناك تأييد واسع للختان في مصر حيث أظهر المسح السكاني الصحي لعام 2014 أن 60 في المائة تقريباً من السيدات في الفئة العمرية من 15 - 49 سنة يعتقدن بأن هذه الممارسة ينبغي أن تستمر. 

ومما يبعث على القلق أنه، وفقاً للمسح السكاني الصحي، يتم إجراء تقريباً كل حالات الختان على أيدي أطباء أو ممرضين أو عاملين صحيين للفتيات دون سن 19 سنة. وتهدد هذه الظاهرة، التي تعطى صفة طبية للختان، بتأبيد هذه الممارسة من خلال جعلها تبدو سليمة من الناحية الطبية، مما يسهم فى فشل أى محاولات للاعتراف بها كانتهاك لحقوق الإنسان.  

أطلق كل من  صندوق الأمم المتحدة للسكان ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" مشروعاً مشتركاً منذ عام 2008  يعمل على مستوى المجتمعات والمراكز وعلى المستوى الوطني للمساعدة في القضاء على الختان. كما يركز البرنامج المشترك على السياسات  وتطبيق القوانين المتعلقة بذلك وعلى دور مقدمي الخدمات حيث يعمل من داخل المجتمعات على تغيير مفاهيمهم  تجاه الختان. وقد نظم صندوق الأمم المتحدة للسكان حملة تليفزيونية واسعة النطاق للقضاء على الختان  من خلال العمل الوثيق مع قادة الدين المسلمين والمسيحيين والتعاون مع وزارة الصحة لمكافحة الصفة الطبية التى تٌعطى  للختان ومن خلال التواصل مع المجتمعات عن طريق إشراكهم في عروض مسرحية تدور حول الختان هذا بالإضافة إلى عدد من المشروعات الأخرى.

يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع مجموعة من الشركاء الحكوميين والدينيين ومن المجتمع المدني، كما يدعُم المجلس القومي للسكان في تنفيذ الخطة القومية الخاصة بمناهضة ختان الإناث 2016-2020.

تقول هدى وملؤها تصميم: "لقد قمت بتوعية بناتي حول الآثار الضارة للختان، وشجعتهن على أن يكن مناصرات بشكل فعال للقضاء على هذه الممارسة في مجتمعاتهن."