صندوق الأمم المتحدة للسكان، المكتب الإقليمي للدول العربية -في منطقة تعاني من بعض أسوأ الصراعات في العالم وأسوأ الأزمات الإنسانية، توفر القابلات رعاية الصحة الإنجابية الجيدة ويعملن في الخطوط الأمامية لإنقاذ الأرواح كما يقدمن الدعم والمشورة للنساء، لا سيما عندما تتوقف معظم الهياكل الصحية عن العمل.
يعتبر اليوم العالمي للقابلات، 5 أيار/مايو، فرصة لإلقاء الضوء على العمل الهام والمنقذ للحياة الذي تقوم القابلات الشجاعات.
وفي هذا العام، يحتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان بأربع قابلات بارزات.
سوسن وهان: أتمنى أن تفهم النساء في اليمن أن الحمل حالة صحية وليس مرضاً يمكن أن يؤدي إلى الموت
في بلد يعاني من أعلى نسب وفيات الأمهات في المنطقة العربية، قد يؤدي نقص الغذاء وسوء التغذية وتآكل الرعاية الصحية الذي تفاقم بسبب الأوبئة مثل الكوليرا والدفتيريا إلى زيادة نسبة الأطفال المبتسرين أو منخفضي الوزن وحالات النزيف الحاد بعد الولادة. وهكذا تصبح عملية الولادة أكثر خطورة على الحياة.
تقول سوسن وهان - 22 عاما - لصندوق الأمم المتحدة للسكان وهي قابلة من محافظة حجة - إحدى المحافظات النائية والأكثر فقراً في اليمن: "أود أن تفهم النساء اليمنيات أن الحمل حالة صحية وليس مرضاً وأنهن لن يموتن بسببه."
يتضمن المستشفى الجمهوري الذي تعمل فيه سوسن قسما للولادة حيث يتم إحالة جميع الحالات إليه على مستوى المحافظة، مما يجعله واحد من أكبر المستشفيات في المحافظة التي يتم إحالة الحالات الأكثر خطورة إليه كما يتم تقديم الخدمات مجاناً.
ازداد عدد المرضى الوافدين بسرعة في الأشهر القليلة الماضية بسبب تدفق النازحين داخلياً الذين سعوا إلى مأوى آمن في حجة مع اشتداد القتال في المدن المجاورة. تستقبل سوسن وزميلاتها حوالي 70 حالة كل يوم.
"غالبية الحالات تكون حالات إجهاض أو عمليات ولادة متعسرة تتطلب إجراء جراحة قيصرية. بعض الحالات تكون ولادات طبيعية أو نساء حوامل يلتمسن الرعاية والبعض الآخر تكون حالات تحتاج لرعاية الصحة الإنجابية العامة. نحن نواجه نقصًا كبيرًا في المعدات المختبرية وفي الإمدادات الأخرى اللازمة لإجراء الفحوصات لذا يلزم علينا إحالة الحالات إلى مستشفيات أخرى حيث تتوفر الإمدادات. أشعر بالأسى في كل مرة نضطر إلى ذلك لأن هذا يؤخر علاج المريض ".
هناك ما يقدر بثلاثة ملايين امرأة وفتاة في سن الإنجاب يحتجن للدعم في جميع أنحاء اليمن. وقد أدى النقص المتزايد للغذاء في اليمن إلى إصابة نحو 1.1 مليون امرأة حامل بسوء التغذية، مهددا حياة 75,000 امرأة قد يواجهن مضاعفات أثناء الولادة، بما في ذلك خطر توقف نمو المواليد الجدد.
منذ تصاعد الأزمة ، دعم صندوق الأمم المتحدة للسكان 120 قابلة كن عاطلات عن العمل لإقامة عياداتهن المنزلية في جميع أنحاء البلاد. وهن يؤدين دوراً حاسماً في إنقاذ حياة الأمهات في وقت لا يعمل فيه سوى ثلث مرافق الصحة الإنجابية والتي تفتقر فيه العديد من الأسر إلى طرق للوصول إلى أقرب مستشفى.
منى سليمان ، الصومال: يمكن للأعراف الاجتماعية في بعض الأحيان أن تمنع النساء من قبول الخدمات المنقذة للحياة
تعمل القابلات الصوماليات في ظل تحديات سياسية واجتماعية واقتصادية تؤثر على طبيعة وتوجه وجودة ممارساتهن للمهنة. حيث تمثل البيئة الصومالية من ضمن العقبات التي تعيق تقديم خدمة رعاية القبالة الفعالة وذات الجودة العالية. يرتبط بعض العقبات بالقضايا الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية التي تؤثر بشكل كبير على صحة النساء والأطفال.
بالنسبة لمنى التي تصل إلى 30 امرأة في اليوم ونحو 180 امرأة ومولود حديث كل أسبوع، تضيف المعايير الاجتماعية أحيانًا إلى التحديات التي تواجهها بالفعل في بلد يتمتع بأحد أعلى نسب وفيات الأمهات في العالم.
كانت إحدى الحالات الصعبة الكثيرة التي قامت برعايتها هي حالة أم ولدت طفلها في المنزل وأصيبت بنزيف ما بعد الولادة أثناء إحدى زيارات المتابعة المنزلية. تشجع منى دائما الأمهات الحوامل على طلب الرعاية في المرافق الصحية.
"كانت الأم في حالة صدمة عندما بدأت معالجتها إلا أنه كان عليّ أن أهرع بها إلى المرفق الصحي للحصول على المزيد من العلاج الشامل. كان تحديًا كبيرًا عندما رفض زوجها وأقاربها إزالة مشيمتها يدويًا. لقد أرادوا إعطاء علاجها التقليدي في المنزل وهو أمر غير واقعي ".
بذلت منى قصارى جهدها كي يفهموا أهمية وسلامة الطريقة باستخدام مهارات القبالة. "تمكنت أخيراً من إقناعهم".
تخرجت منى من مدرسة القبالة في مقديشو التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2015. وتعمل في المركز الصحي كقابلة
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على تدريب القابلات في الصومال منذ عام 2008 ويدعم حالياً التدريب في 15 مدرسة في جميع أنحاء البلاد. وفي حين يصعب تتبع العدد الدقيق للقابلات العاملات في البلد، إلا أنه من المقدر أنه يوجد الآن أكثر من 1000 قابلة مدربة في القرى والمناطق الحضرية في جميع أنحاء البلاد مما أحدث تأثيرا كبيرا.
وتقول منى: "أشعر بالتقدير يوميا من قبل المجتمع خاصة عندما أقابل الأمهات وحديثي الولادة في المرفق الصحي لتلقي رعاية ما بعد الولادة. فهم يقدرون حقًا الخدمات التي قدمتها لهم أثناء الحمل والولادة."
أم قاسم، العراق: شعرت وكأن العالم يتداعى عندما سيطرت داعش وأحرقت المستشفى التي كنت أعمل بها لمدة 15 عامًا
كانت أم قاسم تعمل كقابلة في محافظة الأنبار في العراق منذ عام 2003 عندما اكتسح تنظيم داعش أجزاء كبيرة من بلدها في منتصف عام 2014، مما حول حياتها وحياة كثير من النساء إلى كابوس، خاصة عندما حاولت الجماعة الإسلامية تجنيدها.
"كان تنظيم داعش يهددني أنا وزوجي وعائلتي وكذلك الأطباء والممرضين الآخرين باستمرار. كنا نعمل تحت وطأت الخوف وكنت محطمة عاطفياً لكن كان علي أن أضع قناع الشجاعة أمام مريضاتي اللاتي كن يضعن أطفالهن في مثل هذه الظروف الصعبة."
حول التنظيم جناح الأمومة إلى غرفة طوارئ خاصة لمقاتليه وأعطى الطاقم الطبي غرفة صغيرة للولادة كما كان يجبر النساء على دفع 21,000 جنيه من عملة داعش (حوالي 40 دولارًا أمريكيًا) في حين كانت رعاية الولادة تقدم مجانا في الماضي.
"دخلت امرأة دون نقود وكانت في حالة حرجة وتحتاج إلى الذهاب إلى غرفة الولادة على الفور. فرفضت رئيسة القابلات التي عينها تنظيم داعش السماح لها بالدخول لذا قمت بالتهديد بالانسحاب إذا لم يتم قبول السيدة. كنت أعرف أنني أخاطر بحياتي بمثل هذا العمل، لكن لو لم أفعل ذلك لكانت المرأة وطفلها قد ماتا."
أخذ مقاتلو داعش جميع معدات المستشفى معهم عندما غادروا إلى الرقة وأحرقوا المبنى.
"شعرت كما لو أن عالمي ينهار فقد كان هذا المستشفى بمثابة منزلي حيث عملت هنا منذ 15 سنة." قالت أم قاسم متذكرة.
"كان التحدي الأكبر هو رعاية أولئك النساء أثناء فترة الولادة ووعدهن بأن يلدن أطفالا أصحاء. كما كان التحدي الرئيسي هو مواجهة تدفق الولادات والمضاعفات المحتملة للولادة."
ظل صندوق الأمم المتحدة للسكان يدعم مستشفى القائم منذ أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2017، الذي تلقى وحدة الولادة المتنقلة كاملة التجهيز. كما ساهم بشكل مباشر بتقديم الدعم المالي واللوجستي لدفع الحوافز الخاصة بفريق الصحة الإنجابية لأخصائي أمراض النساء وثلاثة مساعدين طبيين وثلاثة قابلات وموظفي دعم. علاوة على ذلك غطى صندوق الأمم المتحدة للسكان تكلفة مولدات الكهرباء وإدارة النفايات وصيانة وحدة الولادة المتنقلة.
كما حرص صندوق الأمم المتحدة للسكان على وجود نظام إحالة ثابت (سيارات إسعاف) لنقل الحالات المعقدة التي تحتاج إلى جراحة إلى مراكز أكثر تخصصًا.
وفي الفترة من 1 كانون الثاني / يناير إلى 31 آذار / مارس 2018 ، ساعد الفريق الطبي الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في إجراء 378 عملية ولادة طبيعية في مستشفى القائم.
ويجري صندوق الأمم المتحدة للسكان حاليا مناقشات مع حكومة العراق بشأن تنفيذ برامج التدريب للقابلات في جميع أنحاء البلد، بما في ذلك تحديد دور القابلات والدورات التدريبية قبل الخدمة في مدارس التمريض والدورات التدريبية أثناء الخدمة.
ريام، سوريا: أشعر بالتقدير عندما أرى ثمار عملي
اعتادت ريام العمل مع دير سانت جيمس وهو منظمة غير حكومية محلية شريكة لصندوق الأمم المتحدة للسكان. وللاستجابة لاحتياجات النساء النازحات من الغوطة الشرقية ، انتقلت ريام إلى ملجأ دوير حيث لجأ الكثير من الناس إليه وحيث يصعب نقل المرضى إلى المستشفيات أو العيادات المتخصصة خارج الملجأ والذي لا يمكن أن يحدث إلا من خلال الهلال الأحمر العربي السوري أو مديرية الصحة.
تقول ريام أنها تقابل من 25 إلى 40 حالة كل يوم مشيرة إلى أن هناك عددًا متزايدًا من النساء الحوامل وهو ما تعتقد أنه يرجع إلى ارتفاع معدلات الوفيات بين الرجال والأطفال. وأوضحت قائلة "تشعر النساء بالرغبة في إنجاب المزيد من الأطفال من أجل تعويض خسائر أسرهن".
يحتاج حوالي 13.1 مليون شخص داخل سوريا إلى مساعدة فورية ، بما في ذلك 4.2 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب، نصفهن حوامل. بالإضافة إلى ذلك، تعيش حوالي 1.5 مليون امرأة وفتاة في مناطق تتوفر فيها مساعدات بشكل محدود، وقد فر حوالي 359,000 من منازلهم مؤخراً هربًا من العنف في إدلب والغوطة الشرقية وعفرين.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع العاملين الصحيين مثل ريام لتمكين القابلات من تقديم هذه الرعاية المنقذة للحياة. تقول ريام "أشعر بالتقدير عندما أرى ثمار عملي تنعكس بالراحة والسعادة على حياة النساء".
كما وضع صندوق الأمم المتحدة للسكان استراتيجية لزيادة تعزيز مهارات القابلات في شمال سوريا.