دهوك، العراق – قبل 13 عامًا، وفي دمشق، بسوريا، وقعت روا* في الحب. "كان أمرًا رائعًا آنذاك"، بحسب تعبيرها.
كانت في ذلك الوقت معلمة رياض أطفال، تبلغ من العمر 30 عامًا. ولقد كانت وزوجها شغوفان للبدء في بناء أسرة بعد زواجهما. قالت: "كان ذلك كل ما أصبو إليه. فأنا قبل كل شيء أعشق الأطفال."
ولكن الحياة اتخذت منعطفًا غير متوقع. فبعد ذلك بعام وبعد سلسلة من الزيارات للأطباء والاختبارات الطبية، اكتشف الزوجان أن روا كانت عقيمًا.
كان للنبأ وقعًا مريرًا محبطًا على روا. كما أنه جعل منها هدفًا للتشهير والسخرية في مجتمعهما المحافظ حيث تعتبر الأسر الكبيرة أمرًا مرغوبًا.
قالت روا لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "عندما اكتشف الناس إصابتي بالعقم، تغيرت تعبيرات وجوههم. وسرعان ما استحالت البسمة على وجوههم صمتًا مريبًا، كأنما ينطق صارخًا: ’هناك شئ خاطئ بك‘."
كذلك حملها زوجها مسؤولية ما يواجهانه من متاعب.
بدأ ينعتها بـ"المرأة الناقصة" ويعاملها كخادمة لا كشريكة. كما دخل في علاقة أخرى، بل وقيد حرية روا، فمنعها من مغادرة المنزل.
قالت روا: "استجمعت قواي في النهاية لأطلب الطلاق، ولكنه رفض مرارًا. استسلمت للمعاناة في صمت على أمل أن أظفر بحريتي يومًا ما."
ومضت روا تقول إن التكلفة النفسية كانت شديدة، حتى أنها فكرت بالانتحار.
ثم اندلعت الحرب.
"لست وحدي تماما."
في 2011، سيطر العنف على سوريا، واضطرت روا وزوجها إلى الفرار من دمشق. انتهى بهما المطاف في دهوك بالعراق في عام 2013، يلتمسان المأوى في مخيم كويلان – الذي يستوعب أكثر من 8 آلاف لاجئ سوري.
وما كان من أمر النزوح إلا أن فاقم إحساسها بالاكتئاب.
وشأن الكثير من اللاجئين، فقد سقطت روا وزوجها في براثن الفقر. واعتمدا على المساعدات الإنسانية للبقاء في ظل عجزهما عن العثور على عمل.
وذات يوم، وقعت عيناها على منشور خارج خيمتها يشجع النساء على زيارة أحد المراكز الاجتماعية للمرأة، والذي يقع على مقربة – وهو واحد من 147 مركزا للمرأة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيمات النازحين والمجتمعات المضيفة في العراق.
تقدم تلك المراكز مجموعة متنوعة من الخدمات، من بينها الإحالات للحصول على الرعاية الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية، والتدريب على المهارات الحياتية، والخدمات الاجتماعية والمشورة.
قررت روا أن تجرب الأمر.
تحدثت إلى العاملات الاجتماعيات عن معاناتها وعزلتها. وأوضحت: "بإمكان العقم أن يزلزل أهم أركانك: إحساسك بالسيطرة على مستقبلك، وثقتك بجسدك، وإحساسك بنفسك كامرأة."
وقالت: "في المركز، قالت لي العاملات الاجتماعيات إنني لست وحدي – وإني وإن كنت أعاني في صمت، لكنني لست وحدي في ذلك على الإطلاق."
تقوم مراكز المرأة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان كذلك بترويج رسائل عن تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين، وتشجيع النساء والفتيات على أن ينظرن لأنفسهن كأفراد ذوي قيمة وأقوياء، بغض النظر عن ظروفهن.
وأوضحت روا: "أعادوا إليَ بعضًا من ثقتي بنفسي، وجعلوني أشعر بأن عجزي عن الإنجاب لا ينبغي أن يكون سببًا للحكم علي."
كما تتلقى الزائرات المعلومات عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، والذي لا يكون عنفا جسديًا بالضرورة. فمن الممكن أن يتخذ أيضا أشكالاً كالعنف النفسي، من قبيل السلوكيات المتحكمة والحرمان من الحرية.
عثورها على مكانها في العالم
زودت العاملات الاجتماعيات روا بالمعلومات حول العقم، وشجعنها على حضور أنشطة المركز الترفيهية، وتدريبات المهارات الحياتية، فساعدنها بذلك على أن تجد لحياتها معنى، وأن تُكوِن مجتمعًا.
كما عرضن أن يتحدثن إلى زوجها.
قالت روا: "لم يكتف المركز والعاملات الاجتماعيات بالأخذ بيدي عندما احتجت ذلك، وإنما تواصلوا كذلك مع زوجي وأقنعوه بحضور مناقشات مجموعة التركيز للرجال والفتيان حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وحقوق المرأة."
ولقد كان للجلسات فائدة.
تقول روا: "تحسن زوجي كثيرًا أيضا. توقفت عباراته المُهينة وبدأ رويدًا يتقبل الوضع بسلوك أكثر رفقًا وتفهمًا."