تقول امرأة عالقة وسط الفوضى والدمار الناجمين عن الصراع المتصاعد في غزة: "لم يكن لدي أي فكرة عن أين أو كيف سألد طفلي".
كانت انقباضات هذه السيدة تزداد حدة، ووصلت أخيراً إلى مستشفى الشفاء، حيث تزدحم أرضيات المستشفى بالجرحى . ولحسن الحظ أنجبت مولودها بأمان، لكنها خرجت من المستشفى بعد ثلاث ساعات فقط لإفساح المجال لمزيد من النساء الحوامل والجرحى.
تقول إحدى القابلات في مستشفى الشفاء: "لا يمكننا أن نتجاهل الوضع المزري الذي تواجهه النساء الحوامل". حيث تلجأ العديد منهن إلى المدارس. ويفتقرن إلى الضروريات الأساسية مثل الملابس ومستلزمات النظافة، أو الخصوصية أو الوصول إلى الحمامات. كما أن الحصول على الرعاية الصحية الأولية أمر بالغ الصعوبة. " وبعضهن يُجبرن على الولادة في المنزل أو في الطريق إلى المستشفى."
ومن بين سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، هناك واحدة من كل أربع نساء وفتيات في سن الإنجاب. وهن بحاجة إلى الوصول بشكل عاجل إلى إمدادات وخدمات الصحة الإنجابية. وهناك 50,000 امرأة حامل في غزة حاليًا، ومن المقرر أن تضع حوالي 5,500 امرأة طفلها خلال الثلاثين يومًا القادمة، وقد تعاني أكثر من 840 امرأة من مضاعفات مرتبطة بالولادة.
النظام الصحي في غزة على حافة الانهيار. وبينما دخلت قوافل المساعدات الأولى إلى غزة، لم يتم السماح بدخول الوقود بعد. ومع وجود غزة تحت الحصار بدون ماء وكهرباء، أصبح الوقود سلعة منقذة للحياة حيث أن هناك حاجة إليه للمولدات لتحلية المياه وتشغيل المستشفيات.
ويقول مدير مستشفى الشفاء وهو أكبر منشأة طبية في غزة: "إننا نعمل بما يفوق طاقتنا. وفرقنا الطبية مرهقة وتعمل بلا كلل على مدار الساعة. وإذا نفد الوقود لدينا، فقد يتحول المستشفى كموقع إلى قبر جماعي".
بصيص أمل
يقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان بإرسال إمدادات الصحة الجنسية والإنجابية المنقذة للحياة ومستلزمات النظافة الحيوية للنساء والفتيات. وتم تسليم ما مجموعه 3,000 مجموعة من مجموعات الكرامة إلى الهلال الأحمر المصري تمهيداً لإدخالها وتوزيعها في غزة، ويجري الآن إعداد مجموعات إضافية.
وقد قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بتسليم إمدادات من الأدوية الحيوية المستخدمة لعلاج تسمم الحمل لدى النساء الحوامل إلى وزارة الصحة في غزة، وسيواصل تخزين وتسليم الأدوية الأساسية والإمدادات الطبية ومستلزمات الصحة الإنجابية لغزة والضفة الغربية.
ويدير صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضًا خطًا هاتفيًا للمساعدة مع مستشارين وأطباء متاحين لمساعدة الشباب والنساء المصابين بصدمات نفسية. من المفترض أن يقدم خط القبالة قريبًا الدعم للنساء اللاتي يلدن.
وفي الضفة الغربية، أعادت وزارة الصحة نشر القابلات من المستشفيات إلى مراكز طوارئ الأمومة الآمنة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، مما يضمن إمكانية الوصول إلى القابلات في كل التجمعات. بالإضافة إلى ذلك، تساعد أنظمة الدعم عبر الإنترنت وخدمات الإحالة على ضمان استمرار حصول النساء على الرعاية الصحية الجنسية والإنجابية.
مع نزوح ما يقرب من نصف سكان غزة، زاد خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي بشكل كبير بالنسبة للنساء والفتيات اللائي نزحن. ويقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان المساعدات النقدية والقسائم لدعم إدارة حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى توفير خدمات الدعم النفسي والاجتماعي ودعم الوقاية والحماية والتخفيف من آثاره.
يدعو صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى جمع 6.9 مليون دولار لدعم خدمات الصحة الإنجابية الطارئة وخدمات العنف القائم على النوع الاجتماعي للأشخاص في غزة والضفة الغربية.
على العالم القيام بما هو أكثر
وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان وأربع وكالات أخرى تابعة للأمم المتحدة في بيان مشترك إن المساعدات التي دخلت غزة في 21 أكتوبر/تشرين الأول "تمثل بداية صغيرة ولكنها ليست كافية"، داعية إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، والوصول الآمن إلى المدنيين، وحماية عمال الإغاثة، والتزام جميع الأطراف القانون الإنساني الدولي.
وحذرت الوكالات من أن "الوقت ينفد قبل أن ترتفع معدلات الوفيات بشكل كبير بسبب تفشي الأمراض ونقص القدرة على الرعاية الصحية".
وقالت: "إننا ندعو إلى الوصول الآمن والمستدام إلى المياه والغذاء والصحة - بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية - والوقود، وهو أمر ضروري لتمكين الخدمات الأساسية".
"كانت غزة في وضع إنساني يائس قبل الأعمال العدائية الأخيرة. إنها الآن في وضع كارثي. يجب على العالم أن يفعل المزيد”.
"يجب أن تكون تدفقات المساعدات الإنسانية واسعة النطاق ومستدامة، وبما يحفظ كرامة جميع سكان غزة ."