أنت هنا

يحتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان بمجموعة من النساء اللواتي عانين من أشكال مختلفة من العنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة. بيد أن كل واحدة منهن استجمعت قواها وقررت عكس المسار صوب الأفضل. وانضممن أيضًا إلى الجهود الرامية إلى دعم النساء والفتيات الأخريات في مجتمعاتهن لحمايتهن من مثل تلك الممارسات.

نعرض لكم فيما يلي قصص نجاحهن لتكون مصدر إلهام للنساء والفتيات الأخريات حتى لا يستسلمن ويطلبن المساعدة.

الاحتفال بنساء تميزن في رياضة الغوص (سكوبا)

تعتبر رياضة الغوص (سكوبا)، شأنها شأن العديد من الرياضات الأخرى، مجالاً يهيمن عليه الذكور، غير أن هذه الفكرة آخذة في التغير. سامية باليسترو - غواصة من الجزائر - هي واحدة من العديد من النساء اللاتي يكسرن الحواجز بين الجنسين، وهي أول امرأة في أفريقيا تحصل على شهادة غواص (سكوبا) من المستوى الثالث وتعمل مدربة غوص في هذا المجال منذ ثلاثة عقود.

اجتازت سامية تدريبها في المستوى الأول ببراعة فائقة، وتقول: "كانت أول دورة لي في الغوص بمثابة نقطة تحول نحو قصة نجاح مميزة وتغيير جذري في حياتي."

تحلت سامية بعزيمة قوية، جعلتها تحقق نجاحًا حقيقيًا من خلال ما بدأ هواية، وأصبحت مدربة تساعد أجيالًا من الفتيات والنساء اللواتي تتمثل رغبتهن الكبيرة في استكشاف أعماق البحر والانخراط  إلى عالم الغوص على طريق النجاح المستمر.

تضيف سامية بكل فخر واعتزاز: "كان الأمر يعتبر كالمغامرة خاصة في مجتمع محافظ مثل تيبازة. فعلى الرغم من جمال الطبيعة تحت الماء، إلا أن الغوص للفتيات والنساء لم يكن مقبولًا بسهولة."

إعادة التدوير لغرض نافع

 

 

تقول راما القدور - لاجئة سورية تعيش في مصر - إن إعادة التدوير باتت أكثر جاذبية للنساء كمهنة، لأنها تساعدهن على إحداث تغييرات إيجابية. في منزل راما لا شيء يذهب للنفايات، فهي دائمًا تبحث عن تحويل الأشياء غير المستخدمة إلى منتجات يستفاد منها، وتحويل غير النافع  إلى قصة نجاح.

تقول راما: "أنا أعتبر الأشياء المهملة هدية من الطبيعة، لذا لن أدعها تذهب هباء."

حضرت راما ورش عمل لرفع الوعي واكتسبت حرفاً يدوية لإعادة التدوير من بين مهارات أخرى وهي في سن 15 عامًا في واحدة من المساحات الآمنة للنساء والفتيات التي يديرها صندوق الأمم المتحدة للسكان. وعقب مرور أربع سنوات من التعلم المستمر، أصبحت متطوعة في إحدى المساحات الآمنة بمحافظة الشرقية، حيث تساهم في كتابة السيناريوهات والتحضير للعروض المسرحية المجتمعية التي تتناول قضايا رئيسية مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر.

اعتمادا على  مهاراتهن في الحرف اليدوية وبالاستفادة إلى أقصى حد من الموارد المتاحة،  أنشأت راما، بالتعاون مع متطوعات أخريات مسرحا كاملا من مواد أعيد استخدامها. وتقول: "بدأنا إعادة تدوير زجاجات المياه التي نستخدمها أثناء التدريبات، بالإضافة إلى مواد أخرى."

كسر القوالب النمطية المتعلقة بالنوع الاجتماعي في ألعاب الطاولة

 

تقول وعد - وهي مصورة تبلغ من العمر 35 عامًا من العراق: "أرادني والدي أن أكون قوية وفي المقدمة وحساب كل خطوة لحماية نفسي، لذلك علمني الشطرنج."

 

كانت وعد لاعبة شطرنج منذ أن كانت في الحادية عشرة من عمرها، وترى أن الوقت قد حان لعكس اتجاه عدم التوازن في عالم ألعاب الطاولة مثل الشطرنج. زارت وعد أول مركز شابات يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في مدينة البصرة وتطوعت لتدريب النساء والفتيات على كيفية لعب الشطرنج.

تضيف وعد: "نحن النساء، نحتاج إلى تعلم الاعتماد على أنفسنا والوصول إلى الفرص والتحلى بالشجاعة لمتابعة أحلامنا."لهذا السبب تقدم النصيحة للنساء والفتيات حول كيفية التفكير الاستراتيجي والحذر  خلال كل خطوة.

توضح وعد وهي تلعب الشطرنج وتقوم بحركة ناجحة: "تجبر العديد من الفتيات على ترك المدرسة في سن مبكرة. أنا أؤمن أن الشطرنج يمكن أن يحفز تفكير الفتيات التحليلي والاستراتيجي."

الراب ليس حكرا على الذكور !

 

 

تقوم العديد من النساء والفتيات بتأليف موسيقى الراب، ليس هذ فحسب، وإنما ويقمن بذلك بطريقة رائعة، مما يثبت أن لديهن الموهبة. لكن الموهبة لا تكفي  بدون دعم كي تزدهر.

عهد - فتاة مراهقة تبلغ من العمر 19 عامًا تعيش في مخيم الزعتري في الأردن - تحب موسيقى الراب وإلقاء الشعر البدوي الذي يعالج القضايا التي تهتم بها، ولا سيما حقوق الفتيات والنساء.

تقول عهد "لقد كنت محظوظة بما يكفي لمقابلة المرشدة المناسبة في الوقت المناسب في مركز الشباب الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم الزعتري، وقد تلقيت هناك المساعدة في تأليف أغنية راب عن زواج الأطفال وتأثيره على حياة العديد من الفتيات في المخيم."

وقد أطلقت عهد مدفوعة بشغفها  عدة حملات لزيادة الوعي بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، وإيصال أصوات العديد من الفتيات اللائي يتعرضن للعنف أو أي شكل من أشكال السلوكيات المسيطرة.

تقول عهد: "لن أتوقف عن جهود التوعية من أجل تمكين الفتيات في مجتمعي وحصولهن على حريتهن في اتخاذ القرار وقيادة مستقبلهن."

عزمٌ على محاربة العنف ضد النساء والفتيات

 

لطالما أرادت لارا إحداث تغيير إيجابي في مجتمعها المحلي في طرابلس، إحدى أكثر المناطق هشاشة في لبنان، ولارا معلمة أقران في جمعية "عكارنا"- أحد الشركاء المنفذين لبرامج صندوق الأمم المتحدة للسكان. وقامت بإجراء جلسات توعية حول العنف القائم على النوع الاجتماعي والزواج المبكر خلال السنوات القليلة الماضية.

وتوضح لارا انها اكتشفت مدى أهمية جلسات التوعية عندما أدركت أن هناك الكثير من النساء المتزوجات غير مدركات لكل ما يتطلبه الزواج.

تناضل لارا من أجل إنهاء جميع أشكال العنف ضد الفتيات المراهقات، بما في ذلك الزواج القسري وزواج الأطفال.

تقول لارا: "قلبي ينبض بالحياة عندما رؤية نساء من الحي يبدأن الحواراً حول زواج الأطفال وكيفية حماية بناتهن". وتضيف "نشهد بالفعل انخفاضًا ملموسًا في عدد حالات زواج الأطفال في طرابلس وأنا فخورة بأنني كنت جزءًا من ذلك التغيير."

تغيير جذري

 

 

الدريسية - امرأة مغربية تبلغ من العمر 55 عامًا - نجت من أشكال متعددة من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

تقول دريسا - وهي تتذكر ما مرت به: "تركنا زوجي مفلسين وجائعين، لم أحصل على الحق في التعليم حيث أجبرت على الزواج في سن مبكرة".

عاشت دريسا أكثر من نصف حياتها عرضة للعنف والخوف. لكن كل هذا اختفى عندما انضمت إلى مساحة من المساحات الآمنة للنساء والفتيات التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مركز البطحاء، حيث استفادت من خلية الاستماع والتقت بالطبيب النفسي والمستشارين القانونيين.

على الرغم مما تعرضت له دريسا من معاناة على مدى عقود، لم تستسلم أبدًا، بل قررت أن تكون ناشطة مناضلة من أجل حقوق المرأة،  فانضمت إلى مجموعة نسائية تسمى أصبحنا ناشطات، للتنديد بالعنف وكسر حاجز الصمت ودعم الوافدين الجدد في سعيهن للتمكين.

الآن، تعافت دريسا تمامًا من مخاوفها. تقول بابتسامة أمل: "بمجرد وصولي إلى المركز، شعرت بالأمان، لقد قابلت العديد من النساء الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي واكتشفت أنني لست الناجية الوحيدة."

وتضيف "أنا الآن أقوى، وهذا بفضل خدمات مركز البطحاء الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان."

النضال من أجل مستقبل أفضل

 

تقول عائشة  من الصومال: "أدركت أنه لا علاقة بين الدين وختان الإناث، لذلك عاهدت نفسي على التخلي عن هذه الممارسة الضارة وأدعو كل أم لحماية بناتها."

أدركت عائشة أن الدين لا يمكن أن يلحق الأذى بالأطفال وأن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان ضد الفتيات والنساء، ويُعزى هذا الوعي لدى عائشة  إلى المعلومات الدقيقة التي حصلت عليها من العاملين في مجال توعية المجتمع الصومالي حول العواقب الصحية والأثر العام لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.

تقول عائشة: "أشعر بالندم الشديد لأن إحدى بناتي خضعت لعملية تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية"، وتضيف "أتذكر كم كانت مؤلمة بالنسبة لها ومقدار معاناتها."

الآن، لا تريد عائشة اخضاع طفلتها البالغة من العمر 11 شهرًا لهذه الممارسة المؤلمة، وقد بدأت تتحدث مع الأمهات الأخريات عن العواقب الضارة لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية "ختان الإناث".

بدء حياة جديدة، رغم كل الصعاب

 

 

أُجبرت هالة من سوريا على الزواج في سن الثانية عشرة. وباتت حياتها مثقلة بالالتزامات والمسؤوليات وعنف الشريك الحميم.

قالت هالة: "أنجبت طفلي الأول في سن الخامسة عشرة، وطلقني زوجي بعد أربع سنوات. لم يرحب والدي بي بسبب ابنتي وتعرضنا للعنف الجسدي من قبل أحد أفراد عائلتي، مما أدى بي في نهاية المطاف إلى الإدمان."

ورغم ذلك، كانت هالة محظوظة بما يكفي لحضور جلسات للتوعية والتدريب المهني لتطوير مهاراتها، وبدأت هالة العمل من المنزل لإنتاج مصنوعات يدوية لتوفير الدخل لأسرتها، كما تم تحويلها إلى طبيب نفسي ساعدها في التغلب على الإدمان.

وأضافت هالة بنظرة تتسم بالعزم والإصرار "الزواج المبكر ظاهرة شائعة في مجتمعي، سأحارب هذه الجريمة. سأبدأ بأبنتي."

متفانية لإنقاذ الأرواح

 

انضمت مروة داب إلى الجمعية التونسية للصحة الإنجابية بمدينة تطاوين،قابلة متطوعة، وسرعان ما أصبحت مدربة في مجال التربية الجنسية الشاملة و منسقة مشاريع.

مروة - 24 عامًا - لا تألو جهدا في دعم النساء والفتيات في مجتمعها وخارجه، وهي تعمل قابلة ومستشارة للنساء - خاصة المهاجرات والنازحات - اللائي يعانين من مجموعة من الصعوبات في الوصول إلى الخدمات المتعلقة برعاية ما قبل الولادة وما بعدها وأمراض النساء وتنظيم الأسرة، وهي أيضًا جزء من فريق متنقل يعمل في المناطق النائية في تطاوين حيث لا تتوفر سوى نقاط قليلة لإيصال الخدمات أو التي لا تتوفر فيها الخدمات ، ومروة واحدة من القابلات الرائدات في المنطقة.

قالت مروة: "ما يحفزني على الاستيقاظ كل يوم والذهاب إلى العمل هو كيف يؤثر دعمنا المستمر للنساء على حياتهن وعائلاتهن."

من عروس طفلة إلى محامية

 

كانت فطيمة، من فلسطين، تبلغ من العمر 15 عامًا عندما أُجبرت على الزواج من رجل يكبرها بعشر سنوات، وعاشت في منزل مع 14 فردًا من أفراد الأسرة وكان زوجها غائبًا طوال الوقت.

تقول فطيمة: "بعد شهر من الزواج نشبت الخلافات وكنت منهكة من أعباء الأسرة المتراكمة."

حاولت فطيمة طلب مساعدة أسرتها، لكنهم لم يدعموها، لذا سعت للحصول على دعم من مركز جباليا لصحة المرأة التابع لجمعية عبد الشافي للصحة والمجتمع الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث تلقت الدعم النفسي والقانوني حتى تمكنت من استجماع قواها والاعتماد على نفسها.

تضيف فطيمة "الأن أبدأ مرحلة جديدة من حياتي دون أي قهر أو معاناة. أدرس القانون للدفاع عن النساء الأخريات اللاتي يعانين من العنف."

تم تغيير الأسماء لأغراض الحماية والأمن

نساء على الخطوط الأمامية في جائحة كوفيد-19

 

قالت أميرة الشعيبي- من سلطنة عمان- وهي رئيسة قسم القبالة في وزارة الصحة والمنظم الرئيسي للخط الساخن لـكوفيد-19 للنساء الحوامل والمرضعات: "أنا فخورة جدًا بأن أكون في  الخطوط الأمامية للاستجابة لكوفيد-19 في عمان وأن أساهم بشكل إيجابي في بلدي".

في عام 2020، تم إنشاء الخط الساخن استجابة للجائحة. وقد حظي التزام أميرة واحترافها باعتراف وتقدير العديد من النساء والفتيات اللواتي استفدن من خدمات الرعاية الطبية والمعنوية الفائقة.

واختتمت أميرة قائلة "يسعدني أن أشارك في مثل هذه المبادرة وأن أقدم هذه الخدمة المهمة في الخطوط الأمامية. أنا أؤمن بقوتنا كنساء لمساعدة دولنا خلال الأزمات والأوقات الصعبة."

من حق المرأة أن تعيش بكرامة وتتحرر من الفاقة والخوف والعنف. ويظل صندوق الأمم المتحدة للسكان ملتزما بدعمهن وتمكينهن من الازدهار، ولن يكسر العنف إرادة النساء والفتيات، ويؤمن صندوق الأمم المتحدة للسكان بأن تزويد الناجيات بالخدمات الصحية والدعم النفسي والقانوني والتمكين سيغير المسار ويعزز قدراتهن ومساهماتهن في مجتمعاتهن.