لفتت أمل، اللاجئة السورية ذات الستة عشر عامًا والتي تعيش في مصر، الأنظار في أحد مراكز المرأة المدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان، الجهة الأممية المختصة بالصحة الإنجابية والجنسية لما تميزت به من قدرة إبداعية. كانت أمل قد سجلت في عدة نشاطات بالمركز مع أمها وأختها التوأم ومنها نشاط مسرح المجتمع، وسرعان ما أصبح جليًا للجميع أن لأمل موهبة استثنائية وشغف خاص بالمسرح. ولكن لاحظت الأخصائيات الاجتماعيات بالمركز أن أمل ليست على ما يرام حيث لاحظن عليها الكثير من أعراض الحزن والاكتئاب كما شوهدت عدة مرات تبكي بمفردها. وعندما قررت أمل الحديث أخيرًا، أخبرت الأخصائيات بالأزمة التي تمر بها:
"عندما يأتي الأمر للزواج، نجد أنفسنا في صراع مستمر مع أسرنا. يبدأ الضغط من اللحظة التي تنمو فيها الفتاة لتصبح شابة يافعة ثم تتحول الأمور للأسوأ بمرور الأعوام. من الصعب عليهم أن يفهموا أننا ببساطة لسن مستعدات بعد."
وأوضحت أمل أنه سرعان ما تحول الضغط لعنف جسدي مستمر في محاولة من أسرتها لإجبارها على الزواج.
في أوقات الأزمات الإنسانية وفي سياق النزوح يصبح إنتقال الفتيات من مرحلة المراهقة لمرحلة الرشد أكثر تعقيدًا من المعتاد. تظهر البيانات الحديثة أن معدل زواج الأطفال بين الفتيات السوريات بلغ أربع أضعاف المعدل قبل بداية الحرب. وكثيرًا ما تذكر الأسر عوامل مثل الفقر وانعدام الأمن المصاحبين لتجربة النزوح كأسباب رئيسية لميلهم لتزويج الفتيات في عمر مبكر. زواج الأطفال له آثار كارثية على مستقبل الفتيات حيث يزيد خطر تعرضهن للعنف كما يزداد احتمال أن يتسربن من التعليم وأن يعانين من الفقر على مدار حياتهن. كما تعتبر المضاعفات الناتجة عن الحمل المبكر السبب الرئيسي لوفاة الفتيات المراهقات في الفئة العمرية بين 15 و19 عام.
وفي حالة أمل، كان الشعور باليأس مسيطرًا عليها في مواجهة الضغوط المتزايدة من حولها، وقالت: "مرت عليّ أوقات لم أستطع فيها السيطرة على مشاعري فكان الحزن يغمرني وأنفجر في البكاء دون أن يكون لدي أي فكرة عمّا يجب فعله، أو عمّن أستطيع اللجوء إليه."
أحالت الأخصائيات الاجتماعيات أمل لجلسات الدعم النفسي والتي وافقت عليها أمل بعد تردد. من خلال تلك الجلسات، استطاعت أمل أن تجد متنفسًا لمخاوفها وشرحت للأخصائية النفسية الضغوط التي تتعرض لها. استمرت الجلسات لعدة شهور وركزت على تعزيز قدرة أمل على التعامل مع الصدمة التي تعرضت لها وعلى اكتشاف آليات إيجابية للتكيف مع وضعها، كما اشتركت أمل في مجموعة دعم للمراهقين وسلسلة من جلسات التوعية حول زواج الأطفال مما زادها إصرارًا على موقفها.
قالت أمل: "كانت الجلسات مفيدة للغاية وأشعرتني بالقوة وبالقدرة على مقاومة العنف الذي كنت أتعرض له، كما تعلمت طرق أكثر فعالية للتواصل مع أبويّ حول اختياراتي وما أريد أن أحققه في الحياة والذي يتلخص في هذه اللحظة في استكمال تعليمي والسعي وراء شغفي بالمسرح."
تم توظيف أمل كمنسقة لتدريبات فريق المسرح وتتمنى أمل أن تكون تلك البداية لمسيرة مهنية طويلة ومثمرة.
يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان خدمات أساسية في مجالي الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي للنساء والفتيات والفتيان المتأثرين بالأزمة السورية من خلال 124 مساحة آمنة للنساء والفتيات، 143 مرفق للرعاية الصحية الأولية، و 38 مركز للشباب.
إقرأ المزيد عن مساهمة صندوق الأمم المتحدة للسكان في التعامل مع الأزمة السورية من خلال أحدث تقرير موقف عن الأزمة.