الأمم المتحدة، نيويورك/ أسيوط، مصر - "قريباً سأكون أما لمولودة. قطعاً لن أسمح بختانها. أتفق وزوجي على هذا. ستكبر لتكون فتاة قوية وسليمة!" هذا ما قالته شيماء أحمد علي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في مصر الصيف الماضي.
تعد السيدة شيماء واحدة من من ضمن عدد النساء والفتيات الآخذ في الزيادة اللائي يرفضن تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، المعروف بـ"الختان"، وهي ممارسة ضارة شائعة بشكلٍ مقلق في مصر وحول العالم. وقد تعرض نحو 92 في المائة من النساء والفتيات المصريات اللواتي تتراوح أعمارهن بين 15 و 49 عاما لهذه الممارسة، وفقاً للمسح الصادر في 2014.
ليس للختان أي فائدة طبية، ومن الممكن أن يؤدي إلى الإصابة بالصدمة، والنزف، والعدوى، والآلام المزمنة، والمضاعفات أثناء الولادة ويؤدى حتى إلى الوفاة، كما غنه معترف به دوليا باعتباره انتهاكا لحقوق النساء والفتيات.
نعم، لا تزال هذه الممارسة مستمرة. فقد تعرض ما يقدر بنحو 200 مليون امرأة وفتاة للختان على مستوى العالم.
ضد التيار
قالت فاطمة بورغو، ناشطة مناهضة للختان وناجية من هذه الممارسة، في منتدى رفيع المستوى عقد الخميس 16 مارس/آذار الجاري، بالأمم المتحدة في نيويورك: "لو أننا سمحنا للناجيات بالحديث عن الممارسة بطريقة تجعلهن يشعرن بالكرامة، ومن دون خوف ولا استياء، فسنتمكن من خلق التغيير، على الأقل بالنسبة للأبوين الذين سيرسلان ابنتهما لتخضع لعملية الختان."
وقد ضم هذه الفعالية، التى تشكل جزءا من اللجنة 61 المعنية بوضع المرأة، خبراء وقادة ومناصرين لحقوق المرأة للحديث عن إنهاء الختان بحلول عام 2030. استعرض المتحدثون في المنتدى التقدم الذي أُحرز وتبادلوا المعلومات حول أفضل الممارسات.
وقال المشاركون إن المجتمعات صارت تتبنى على نحو متزايد الحاجة إلى القضاء على الختان. لكن لا تزال هناك الكثير من العراقيل.
قال الدكتور باباتوندي أوسيتميهين، المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "على الرغم من الإنجازات الإيجابية، وحقيقة أن انتشار الختان يشهد انحسارا في كثير من البلدان، إلا أن هذا التراجع لا يمضي بنفس وتيرة النمو الديمغرافي. وفي حال استمرت الاتجاهات الحالية، فإن عدد الفتيات والنساء اللائي يخضعن للختان سيستمر في التزايد."
وقد اتفق الحضور على حتمية تكثيف الجهود
وبدورها، قالت وزيرة الدولة النرويجية، ليلى بخاري، للحاضرين إنه "حتى مع إحراز تقدم جوهري للقضاء على الختان، فإن أكثر من 3.6 مليون فتاة لا يلزن معرضات للخطر سنوياً."
وأضافت السيدة ليلى أن التحديات فى بعض الجوانب أكبر مما هو متوقع. وأوضحت: "تظهر البيانات أن هذه الممارسة اكثر انتشاراً مما كنا نظن. بل تشير الأدلة إلى أنه أثناء الأزمات الإنسانية، يتعرض عدد أكبر من الفتيات إلى الختان وغيره من الممارسات الضارة."
تمكين المجتمعات لتبني التغيير
اتفق المتحدثون في المنتدى على أن مفتاح القضاء على الختان هو إشراك المجتمعات وتوعيتها حول أضرار الختان وحقوق الإنسان للفتيات، وتمكين هذه المجتمعات لتقرر بنفسها أن تتخلى عن الممارسة بشكل جماعي. وأولى الخطوات في هذه العملية هي الوصول إلى الأعضاء المتحمسين والمؤثرين كالسيدة شيماء.
قبل عامين، في قريتها بمحافظة أسيوط المصرية، علمت شيماء بالأضرار التي يسببها الختان، من خلال برنامج لتدريب الشباب نظمه صندوق الأمم المتحدة للسكان. ألهمها هذا إلى نقل ما تعلمته إلى بقية أفراد مجتمعها، بمن في ذلك الأمهات، والآباء، والقادة المحليون.
كما أدركت أن الشباب يضطلع بدور حاسم في التخلي عن الختان، وقدمت جلسات تدريب في أسيوط والقرى المحيطة للشباب من الرجال والنساء بين 18 و25 عاما.
قالت بينما كانت تستعد لإحدى هذه الجلسات: "هدفي تثقيف كل صبي وكل فتاة حول آثار الختان الضارة والتي لا داعي لها. في يوم من الأيام سيصير هؤلاء آباءا وأمهات، وأريد أن يحصلوا على المعلومات التي ستجعلهم يتخذون القرارات السليمة لصالح أطفالهم: لا ينبغي أن تخضع الفتيات للتشويه."
مسألة حقوق
يدير صندوق الأمم المتحدة للسكان بالاشتراك مع اليونسيف برنامجا مشتركا يعمل على مستوى المجتمعات، والأحياء، والمستوى الوطني للمساعدة في القضاء على الختان وتعزيز المساواة بين الجنسين.
تُدار هذه الجهود بحساسية كبيرة لضمان أن يشعر أفراد المجتمعات بالترحيب بالمشاركة في هذه المناقشات بصورة علنية وصريحة.
قالت سفيرة النوايا الحسنة بصندوق الأمم المتحدة للسكان، كاتارينا فورتادو، في الفعالية التى أقيمت يوم الخميس: "أنا لا أتحدث ضد أحد، أو أوجه أية اتهامات لأحد. إنما أقوم بمناصرة وتعزيز حق كل فتاة وكل امرأة في حياة متساوية الحقوق، لتتمكنّ أيضا من المساهمة في تنمية أسرهن وبلدانهن."