صنعاء، اليمن – ينتشر وباء الكوليرا المتفشي في اليمن بمعدل غير مسبوق، مع زيادة عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالإسهال المائي الحاد بمتوسط 5,000 حالة يوميا، ووفاة شخص واحد تقريبا كل ساعة، بحسب تقارير أفادت بها الأمم المتحدة. ففي أقل من ثلاثة أشهر، أفادت التقارير بتجاوز عدد الحالات المشتبه إصابتها بالكوليرا 330,000، ووقوع ما يقرب من 1,800 حالة وفاة.
وتعتبر النساء الحوامل والمرضعات، خاصة من تعانين سوء التغذية، عرضة للخطر بوجه خاص. فهناك ما يقدر بـ1.1 مليون من النساء الحوامل اللائي يعانين من سوء التغذية يواجهن الخطر ويستدعي وضعهن الرعاية الفورية.
أصيبت ابتسام بالكوليرا عندما كانت في الشهر التاسع من حملها. فى حديثها لصندوق الأمم المتحدة للسكان قالت: "توجهت لأحد المرافق الطبية في بلدتي في محافظة ريمة، لكنهم لم يعرفوا ماذا أصابنى." واضافت قائلة "شعرت أنني على وشك الموت وفقدان طفلي. فقد كنت سأضع طفلي الأول، وكنت أتشبث به كى لا أفقده."
اصطحبها زوجها إلى مستشفى 22 مايو في صنعاء – الذي يبعد 5 ساعات - حيث تم تشخيص إصابتها بالكوليرا وعلاجها.
قالت الدكتورة رنا فارع، التي ساعدت في علاجها: "كانت ابتسام في الشهر الأخير من حملها. ونحن لا نعلم إذا ما كنا سنستطيع إنقاذها أو إنقاذ طفلها لو كانت تأخرت يوما أو يومين عن دخولها المستشفى."
أسوأ تفش للكوليرا في العالم
تأتي أزمة الكوليرا – وهي الأسوأ في العالم حاليا – كإضافة كارثية للصعوبات التي يواجهها الرجال والنساء في اليمن.
ويرتبط حجم انتشار المرض مباشرة بالنزاع الوحشي الدائر وأزمة النزوح، وبانهيار النظم القائمة على الصحة والصرف الصحي، وبانعدام الأمن الغذائي على نحو خطير. ويفتقر ما يقدر بـ14.8 مليون شخص للحصول على الخدمات الصحية، فيما يعاني 15.7 مليون شخص من نقص الحصول على كفايتهم من المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي.
تتعرض النساء الحوامل والمرضعات بشكل خاص لسوء التغذية، كما تتعرض أولئك اللائي أضعفتهن أزمة سوء التغذية بشكل أكبر للإصابة بحالات العدوى، بما في ذلك الكوليرا. هذا وتواجه النساء الحوامل اللائي تُصبن بالكوليرا خطرحدوث مضاعفات خطيرة أو حتى مميتة بشكل أكبر.
كما تتعرض النساء اللائى يقمن برعاية أسرهن للإصابة بالكوليرا بشكل متزايد. ومع هذا، قد يؤدى وضعهن المتدني فيما يتعلق باتخاذ القرار والسيطرة على موارد أسرهن المعيشية إلى أن يصبحن أقل قدرة على التماس الرعاية الطبية عندما تسقطن فرائس للمرض.
قالت الدكتور فارع لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "يغمرنا عدد حالات الكوليرا التي نستقبلها يوميا؛ نحن بالكاد نستطيع التعامل معه مجاراته. ففي الأسبوع الماضي، استقبلنا سيدة أخرى كانت في شهرها الأخير من الحمل وتعاني من الجفاف الشديد. لقد وضعت طفلها مبكرا إلا أنه لم يبق على قيد الحياة سوى يومين. ولذا فمن المهم جدا أن تتوجه النساء الحوامل للمستشفى بمجرد ظهور أعراض مرض الكوليرا عليهن حتى لا تتعرض حياتهن أو حياة أطفالهن للخطر."
الوقاية من الكوليرا
وفي الوقت نفسه تستطيع النساء لعب دور شديد الأهمية في السيطرة على انتشار الكوليرا حيث أنهن عادة مسؤولات عن إعداد الطعام. ينتشر وباء الكوليرا في كثير من الأحيان عن طريق الطعام أو المياه الملوثين.
قالت الدكتورة فارع: "غالبية الحالات التي نستقبلها من النساء والأطفال. لذا من المهم أن تأخذ حملات التوعية في الاعتبار الدور الذي يمكن أن تلعبه النساء وأن تكون موجهة لهن تحديدا. فإذا تم توعية النساء حول الخطوات التي يمكنهن اتخاذها للوقاية من الكوليرا ولرصد الأعراض في مرحلة مبكرة، سيمكننا إنقاذ الكثير من الأرواح."
تدرك آمنة، صاحبة الـ35 عاما والأم لخمسة أطفال، الحاجة للحفاظ على مستوى جيد من النظافة الشخصية، لكن الظروف الصعبة جعلت الوقاية من المرض أمرا صعبا.
تقول: "في المنزل أتخذ كافة التدابير عند إعداد الطعام، وأعمل على التأكد من اتباع أطفالي لهذه التدابير. ومع هذا فقد أصبت بالعدوى بعد زيارتي لإحدى قريباتي."
ومضت قائلة: "أحاول أن أوجه صديقاتي وأسرتي إلى المحافظة على مستوى جيد من النظافة وغسل الفاكهة والخضروات بالمياه النظيفة عدة مرات قبل طهوها."
الاستجابة لاحتياجات النساء والفتيات
لقد كثف صندوق الأمم المتحدة للسكان جهوده للاستجابة لتفشي الوباء، وأولى تركيزا خاصا على احتياجات النساء والفتيات.
جرى توزيع حقائب الكرامة – التي عادة ما تحتوي على مستلزمات النظافة الشخصية كالصابون والمناديل المعقمة و الملابس الأساسية – مصحوبة بكتيبات حول الوقاية من الكوليرا، في المناطق التي تشهد زيادة في أعداد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا. وقد تم توزيع ما يقرب من 40,000 حقيبة، بدعم من حكومة اليابان، وذلك منذ بداية تفشي الوباء في أبريل/نيسان.
قالت أم إبراهيم، التي حصلت على واحدة من حقائب الكرامة: "لقد شعرت بالرعب عندما سمعت عن تفشي وباء الكوليرا وكيف يقتل الناس بلا رحمة." وأضافت أنها ما كانت لتقدر على تكاليف الحصول على الصابون ومستلزماتها الأخرى. "أريد أن أحمي أطفالي ونفسي."
إلى جانب هذا، تقوم القابلات والعيادات المتنقلة وجلسات التوعية المجتمعية التى يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، بتوفير المعلومات حول كيفية السيطرة على انتشار الكوليرا. كما تقوم عيادات الصحة الإنجابية المتنقلة بتقديم المشورة حول التغذية، وفحص وإحالة الأمهات والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في المناطق البعيدة التي يتعذر الوصول إليها.
وفضلا عن هذا، ففي الشهور الثلاثة الأخيرة، تم توزيع 415 من مجموعات الصحة الإنجابية – التي تكفي نحو 110,000 امرأة – على المرافق الصحية التي تضم مراكز لعلاج الكوليرا وتعاني من عدم كفاية الموارد.