العنف ضد النساء والفتيات منتشرعلى نطاق واسع، ومنهجي ومترسخ ثقافياً وهو "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية ، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث في الحياة العامة أو الخاصة."
ويتخذ العنف القائم على النوع الاجتماعي، وهو العنف الموجه ضد إمرأة لكونها إمرأة أو الذي يؤثر على النساء بصورة غير متناسبة، صورا متعددة. بالإضافة اإلى العنف الجسدي والجنسي، فإن العنف ضد النساء والفتيات يتضمن الأذى النفسي والعاطفى والإساءة، والتحرش الجنسي، وتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، والإساءة الناتجة عن الاتهامات بالشعوذة والسحر، وقتل النساء والفتيات بدوافع تتعلق بالشرف، والاتجار بالنساء والفتيات، ووأد الإناث وغيرها من الممارسات الضارة. ويعد عنف الشريك الحميم والعنف الجنسي الذي يرتكبه شخص غير شريك من بين أكثر صور العنف ضد النساء والفتيات انتشارا وتزايداً.
وللعنف ضد النساء والفتيات أثر مدمر وعواقب تستمر لفترة طويلة على رفاه النساء والفتيات وصحتهن وسلامتهن، جنباً إلى جنب مع العواقب الاقتصادية والآثار على النواتج التعليمية والأثر على انتاجية وتنمية المجتمعات والبلدان. وعلى الرغم من حدوث التزام بالاستجابة إلى العنف ضد النساء والفتيات ومنعه على المستوى العالمي على مدار العقود الأخيرة، فإن العديد من النساء والفتيات يعانين من قلة أو انعدام القدرة على الوصول إلى الدعم والخدمات التي يمكنها حمايتهن، والمساعدة في الحفاظ على أمنهن ودعمهن لمجابهة العواقب قصيرة الأمد وطويلة الأمد للتعرض للعنف. وبالتالي، فإن التزام الحكومات بالتصدي للعنف ضد النساء والفتيات يعد أمراً حاسماً.
وتدرك الأمم المتحدة أن العنف ضد المرأة هو مظهر لعلاقات قوى غير متكافئة بين الرجل والمرأة عبر التاريخ، أدت إلى هيمنة الرجل على المرأة وممارسته التمييز ضدها. ونتيجة لذلك، كانت المنظمة من أول الداعمين لحملة الـ 16 يوم من النشاط للقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وفي هذا العام، اشترك المكتب الإقليمي ومكاتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بالدول العربية في فعاليات حملة الـ 16 يوم من النشاط لتسليط الضوء على كل ما هو مرتبط بالعنف ضد المرأة, وكان موضوع حملة هذا العام هو الاغتصاب. وحثت الحملة على القضاء على هذه الجريمة الكارثية التي تترك أثرا طويل المدى على ضحاياها. وتشير التقارير أن هناك 15 مليون فتاة مراهقة حول العالم أرغمن على ممارسة الجنس.
وتتويجا لجهود المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية للقضاء على العنف المبنى على النوع الاجتماعي، جددت جامعة الدول العربية دعمها للحملة وفي لافتة رمزية أضاءت، ولأول مرة في تاريخها، مقرها في االعاصمة المصرية، القاهرة، باللون البرتقالي في حضور العديد من الشركاء والشباب والشابات. واحتفالا بهذه المناسبة، نسق الصندوق بالاشتراك مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة فعالية بمقر الجامعة، وحضرها نائبة المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان، فردريكا ماير، والمدير الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، دكتور معز دوريد، والأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية،دكتورة هيفاء أبو غزالة, والفنانة المصرية وسفيرة النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، يسرا.
وفي نفس السياق، قامت مكاتبنا في الدول العربية بتنظيم العديد من الأنشطة بهدف حشد الدعم وتوعية جميع أطياف المجتمع.
في فلسطين، انضم 60 شريكا دوليا ومحليا من مؤسسات للحملة، واكتست العديد من المباني باللون البرتقالي وكان على رأسها ميناء غزة المحاصر ومبنى بلدية رام الله.
وتحت شعار "رفقا بالقوارير"، قام مكتبنا بليبيا بإطلاق حملة توعية ضمت عرضا مسرحيا عن العنف المنزلي، إلى جانب جلسات توعوية من خلال الزيارات الميدانية والبث الإذاعي.
وفي اليمن، نظمت القرية الإعلامية بعدن دورة كتابة القصص الإنسانية لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان.
وفي سوريا، تضمنت الفعاليات معرضا" فنيا" ضم أعمال ومنتجات اللواتي شاركن في الدورات المهنية داخل مركز التميز لدعم المرأة في حرستا ، ورغم صعوبة ظروفهن فقد وجدت السيدات من خلال عرض منتجاتهن فرصة للتعبير عن قدراتهن في العمل والابداع وإيجاد دور لهن ورفع مستواهن الاقتصادي.
وقام فريق عملنا بالصومال بزرع الأشجار كجزء من أنشطة الحملة، فضلا عن توزيع حقائب الكرامة على النساء المتضررات من الفيضانات التي أدت إلى تشريد أكثر من 270 ألف شخص. وحقائب الكرامة هي مجموعة متكاملة للأدوات و الملابس و المواد الصحية من أجل المساعدة على توفير خدمات النظافة الشخصية للنساء.
وفي المملكة المغربية، قام فريق صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع كل من وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة والتعاون البلجيكي بالمغرب بدعم العديد من الأنشطة، ومنها تسجيل أغنية للمطرب مسلم "لالة"، والمنتدى الإقليمي الثاني حول دور القيادات الدينية في تعزيز قدرات الشباب من أجل محاصرة التطرف العنيف و العنف المبني على النوع الاجتماعي و الذي تنظمه الرابطة المحمدية للعلماء.
ونظم مكتبنا في جيبوتي دورات تدربيبية للتوعية بكل ما يخص العنف القائم على النوع الاجتماعي وكيفية تجميع واستخدام المعلومات الاحصائية الخاصة بتشويه الأعضاء التناسلية للمرأة (الختان).
وفي مصر، نظم صندوق الأمم المتحدة للسكان العديد من الأنشطة مع هيئات حكومية وغير حكومية، ومنها الشراكة مع شبكة تثقيف الأقران ووزارة الشباب والرياضة ومؤسسة اتجاه، 25 مهرجانًا رياضيًا في 25 محافظة! كل مهرجان هو تدريب لمدة 3 أيام لتعزيز قدرات المشاركين على تنظيم الأسرة والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي.
وعقد المجلس الوطني لشؤون الأسرة بالأردن بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للسكان ورشة عمل تعزيز آليات التنسيق الوطني بشأن الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي والعنف الاسري وحماية الأطفال على مدار يومين بحضور مجموعة من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية
وفي تونس، قام مكتبنا بالتعاون مع مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة بإدارة عدة جلسات وورش عمل لمناقشة قضايا التحرش والعنف ضد المرأة بناء على أخر الإحصاءات.
وانتهت الفعاليات يوم 10 كانون الأول/ديسمبر، وهو يوم حقوق الإنسان، للتأكيد أن لكل امرأة الحق في حياة كريمة وأمنة وخالية من العنف بجميع أشكاله. وكانت فعاليات هذا العام أفضل خاتمة لعام كان ملىء بالتزامات ووعود من الحكومات والمجتمع المدني و القطاع الخاص و المؤسسات الدولية وغيرهم لإنهاء الاحتياجات غير الملباة لتنظيم الأسرة وإنهاء وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي وغيره من الممارسات الضارة.