أنت هنا

صندوق الأمم المتحدة للسكان يطلق حملة #ليس-أمرًا-طبيعيًا لرفض اعتبار العنف القائم على النوع الاجتماعي أمرًا طبيعيًا

"تتعرض النساء والفتيات للعنف، وكثيرًا ما يخضعن لذلك، دون أن يدركن أنه ليس أمرًا طبيعيًا". هكذا تحدثت سيرينا، وهي شابة لبنانية، عن موقف العديد من النساء والفتيات تجاه تعرضهن للعنف. وسيرينا هي واحدة من بين كثيرات ممن تحدثن مع صندوق الأمم المتحدة للسكان على مدار عام 2021 لتسليط الضوء على بعض التحديات التي تواجهها النساء والفتيات في مجتمعاتهن المحلية. وقد أكدن بشكل جماعي ما تقوله النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم لسنوات: إن العنف ضد المرأة أصبح متفشيًا بشكل كبير دون رادع ولا يجد من يتصدى له، لا سيما في أعقاب جائحة كوفيد-19، الأمر الذي يهدد بخطر تحوله إلى أمر طبيعي.

لقد اجتمعت أصوات سيرينا وملايين النساء والفتيات الأخريات واتحدت معًا لتصبح مصدر إلهام وباعثًا على إطلاق حملة #ليس-أمرًا-طبيعيًا - وهي حملة عالمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان تهدف إلى مواجهة خطر اعتبار العنف القائم على النوع الاجتماعي أمرًا طبيعيًا وتقويضه. وقد تم إطلاق الحملة في البداية في المنطقة العربية في سياق اليوم الدولي للقضاء على العنف الجنسي في حالات النزاع في عام 2022، وذلك من أجل المساعدة على إعلاء تلك الأصوات وإيصالها وحشد العمل على اتخاذ إجراءات وتدابير عالمية لمجابهة تطبيع العنف والتصدي له. وعلاوة على عرض روايات وإفادات النساء والفتيات الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، تضم الحملة أصوات فنانين وناشطين وصحفيين وعاملين في المجال الإنساني وغيرهم من الشخصيات المؤثرة على الصعيد الإقليمي والذين يأملون في تسليط الضوء على الوضع والحث على إحداث تغيير حقيقي.

وتقول الدكتورة، ناتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان في مقطع فيديو أطلقت في حملة #ليس-أمرًا-طبيعيًا: "لابد وأن يتوقف هذا الأمر"، مشددةً على أن العنف ضد النساء والفتيات "ليس مقبولًا على الإطلاق، وهو لن ينتهي ويزول من تلقاء نفسه". وتحث الدكتورة كانيم المجتمع الدولي على التعامل مع العنف القائم على النوع الاجتماعي باعتباره "أزمة مستحكمة بكل أبعادها" وينبغي وضع حد لها وإنهائها بكافة الوسائل ومهما تكلف الأمر. وقد ضمت المرحلة الأولى من الحملة أيضًا أصوات شخصيات بارزة ومؤثرة من المنطقة العربية، مثل غادة سابا، وجوانا عريضة، ومايا عمار، وآخرين.

وتقول المخرجة والناشطة آلاء حمدان: "لن يهدأ لنا بال أو نرتاح ولن نكلّ أو نملّ حتى تشعر كل امرأة وفتاة بالأمان وتتاح لها فرص متكافئة لتحقيق إمكاناتها الكاملة ويدعمها ويساندها نظام عدالة يحاسب الجناة". وتكرر حمدان كلمات مايا، اللاجئة السورية، التي تقول إن العديد من صديقاتها "يتعرضن بصفة مستمرة للتحرش والضرب والإجبار على الزواج في سن مبكرة حتى عندما لا يرغبن في ذلك".

ويتزايد في السنوات الأخيرة إبلاغ النساء والفتيات عن تعرضهن للتحرش وعنف الشريك الحميم والعنف الأسري وزواج الأطفال والزواج القسري والعنف والاستغلال الجنسي في الوقت الذي لوحظت فيه اتجاهات جديدة للعنف، مثل الأشكال المختلفة للعنف عبر الإنترنت. أما بالنسبة للناجيات من الأزمات الإنسانية، فإن الوضع أكثر سوءًا، إذ تفيد النساء والفتيات بإن هذا الشعور بأن الأمر طبيعيٌ سرعان ما يؤدي إلى تقويض قدرتهن على الصمود والمقاومة، فضلًا عن تآكل نسيج مجتمعاتهن وإضعافه، الأمر الذي يشكل مخاطر جسيمة على السلام والتنمية المستدامين.

وتقول الصحفية والناشطة الأردنية نادين نمري بعد قراءتها لإفادة لارا، وهي إحدى الناجيات من العنف المنزلي: "بصفتي صحفية، أؤمن بأن لديّ دور أساسي يتعين علىّ القيام به في إبراز هذه القضايا وتسليط الضوء عليها، والتأكيد على أننا، نساء ومجتمع، نرفض هذا الاتجاه رفضًا قاطعًا"، فقد وصفت لارا حياتها مع زوجها بأنها "حياة رهينة في حرب"، حيث تعرضت في كثير من الأحيان "للضرب والإهانة والغضب العارم الذي لا يمكن السيطرة عليه"،  كما ذكرت أن كسب حريتها استغرق "جهدًا مستحيلًا" نظرًا للوصمة الاجتماعية التي عادة ما تواجهها النساء المطلقات في مجتمعاتهن.

وفي هذا السياق صرّح الدكتور، لؤي شبانة، المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية، بقوله: "لقد تسببت الأزمات الممتدة في جميع أنحاء المنطقة العربية وخارجها في خسائر فادحة للجميع، غير أن النساء والفتيات، على وجه الخصوص، يواجهن مخاطر أكبر بكثير من جراء العنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي في حالات النزاع وقتل الإناث." وشدد على "أن من شأن ذلك أن يسهم في وجود هذا الإحساس بأن العنف ضد المرأة أمرٌ طبيعي، لا سيما مع القصور في المساءلة القانونية، بل وغيابها".

وأضاف الدكتور شبانة: "لذا ينبغي للمجتمع الدولي أن يُظهر قوة متحدة ويشكل جبهة قوية موحدة في رفضه للعنف القائم على النوع الاجتماعي وأن يكفل إيلاء الأولوية لحقوق الإنسان الخاصة بالنساء والفتيات، بما في ذلك الحق في التمتع بحياة خالية من العنف".