أنت هنا

صنعاء- اليمن: بعد مرور أربعة أعوام على من الحرب، يحتاج 22.2 مليون يمنية ويمني للمساعدة الإنسانية العاجلة، كما لا يدري ثلثي سكان اليمن من أين ستأتي وجبتهم القادمة في ظل تهديد مستمر بإقتراب المجاعة الأسوأ في تاريخ العالم الحديث كنتيجة للقتال والغارات الجوية المستمرين.

أمهات في انتظار المجاعة

أم محمد، 28 عامًا، واحدة من الأمهات اليمنيات اللاتي اضطرتهن الظروف ليشهدن على تمكن الجوع من أطفالهن. منذ قتل زوجها في الحرب، أصبحت أم محمد وحدها مسؤولة عن أطفالها الثلاثة دون مورد دخل:


اليوم، اليمن هي أسوأ أزمة إنسانية في في العالم. في أوقات النزاع والأزمات الإنسانية،
تزداد هشاشة النساء وتزيد صعوبة حصولهن على خدمات الصحة الإنجابية.
 ©UNFPA-Yemen

"أخرجت اثنين من أولادي من المدرسة بسبب عدم توفر المال ولم أستطع دفع إيجار المنزل الذي نسكن فيه فأخرجنا صاحب المنزل والآن أسكن عند الجيران. في بعض الأيام، لا أستطيع توفير الطعام فنأكل وجبة واحدة في اليوم."

اليوم، اليمن هي أسوأ أزمة إنسانية في في العالم. في أوقات النزاع والأزمات الإنسانية، تزداد هشاشة النساء وتزيد صعوبة حصولهن على خدمات الصحة الإنجابية. هناك ما يقدر بـ2 مليون امرأة يمنية من الحوامل والمرضعات ممن يواجهن خطر الوفاة في حالة تحقق تهديد المجاعة. كما أن هناك 1.1 مليون إمرأة يمنية من الحوامل والمرضعات تعانين بالفعل من سوء تغذية شديد مما يزيد من خطر تعرضهن للإجهاض أو الإملاص (ولادة الجنين ميت).

كفاية أم لستة في الأربعين من عمرها هربت مع عائلتها من العنف المتزايد في الحديدة والآن تحاول الاستقرار بصنعاء. نتيجة لتدهور الظروف وعدم توفر الغذاء، ولد طفل كفاية السادس بوزن منخفض لإصابتها بسوء التغذية أثناء الحمل.

تقول كفاية: "أخرجنا أربعة من أطفالنا من المدارس لأننا لا نستطيع أن نتحمل تكاليف التعليم. والآن، مع الحصار، تزداد حياتنا سوءً. في بعض الأيام، لا نأكل إلا وجبة واحدة. وفي أوقات أخرى لا نتناول إلا الخبز والماء."

أما عن آمنة، وهي أم لطفل واحد في الثلاثين من عمرها، فقد عانت من سوء تغذية شديد أثناء الحمل كما لم تستطع تحمل نفقات الفيتامينات والعلاج الذي احتاجه حملها.  

تقول آمنة: "ولد طفلي الثاني مشوهًا وتوفى في الحال بسبب عدم تناولي للعلاج والغذاء الكافي."

غير قادرات على الوصول للخدمة الطبية

أكثر من نصف حالات وفيات الأمهات على مستوى العالم تحدث في بلاد تمر بأزمات إنسانية بمعدل امرأة كل دقيقتين. حتى قبل بداية الحرب، عانت اليمن من أعلى معدل لوفيات المواليد في منطقة الدول العربية. وبينما يبقى عدد النساء والمواليد الجدد الذين فقدوا حياتهم أثناء الأزمة لأسباب تتعلق بالحمل والولادة غير معروف، فمن المؤكد أن معدل وفيات الأمهات والمواليد قد ارتفع أثناء الحرب مع صعوبة الوصول لخدمات الصحة الإنجابية والضرر الذي لحق بالقطاع الصحي بشكل عام، وبمراكز خدمات الصحة الإنجابية بشكل خاص.

تزوجت لطيفة في عمر السادسة عشر وانتظرت ثمانية أعوام لتحمل بطفلها الأول وهي الآن في الرابعة والعشرين:

"فرحنا أنا وزوجي بالحمل كثيرًا ولكن عندما حان موعد الولادة، لم أستطع الذهاب للمستشفى بسبب التكاليف التي لم نستطع توفيرها. ذهبت أمي إلى جارتنا القابلة في الحارة المجاورة ولكنهم تأخروا فأتوا وقد مات طفلي بداخلي. لقد أنجبته أزرق اللون وميت."

توقفت نصف المرافق الصحية باليمن عن العمل مما باعد بين النساء الحوامل وبين خدمات الصحة الإنجابية الطارئة والمنقذة للحياة. وساهم سوء الظروف الاقتصادية في عدم قدرة النساء على الحصول على خدمات الصحة الإنجابية حتى إذا كن يعشن على مقربة من مرافق صحية مستمرة في العمل لعدم قدرتهن على تحمل التكاليف. كما يساهم الخوف والوضع الأمني غير المستقر في عدم قدرة النساء على الوصول للخدمات الطبية الطارئة. ففي شهر آب/أغسطس الماضي تم الهجوم على مستشفى الثورة، وهي أكبر مستشفيات مدينة الحديدة وواحدة من أهم مراكز الصحة الإنجابية في المنطقة.

كانت مليكة حاملاً بالفعل عندما اقترب القتال من موطنها بتعز ولكنها، مثل الكثير من اليمنيات في نفس ظروفها، قررت الابتعاد عن المشفى القريب. وتفسر مليكة موقفها قائلة: "نخاف أن يتم استهدافنا."

بدلاً من اللجوء للمستشفيات، لجأت مليكة لخدمات قابلة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان للحصول على خدمات رعاية ما قبل الولادة.

تقول مليكة: "تتابع القابلة وضعي وتقدم لي الرعاية بشكل أسبوعي. إن لم أستطع الوصول إليها، تأتي هي إلى منزلي لمتابعة الحمل. تقدم القابلة لنا الرعاية وكل الخدمات المطلوبة والأدوية والتحاليل بالمجان."

الكثير من تلك الوفيات يمكن تجنبها. فعند إنهيار الأنظمة الصحية وارتفاع تكاليف الخدمات الطبية، تلعب القابلات دورًا أساسيًا في ملء الفراغ وتقديم الخدمات. وتفيد بيانات الأمم المتحدة أن القابلات المدربات جيدًا بإمكانهن أن يجنبن العالم ثلثي حالات وفيات الأمهات والمواليد المسجلة حاليًا. 

صندوق الأمم المتحدة للسكان في الأزمة.

قام صندوق الأمم المتحدة للسكان بتدريب 7500 قابلة في اليمن، كما يسعى الصندوق، عن طريق شبكة من الشراكات، لدعم ما يقرب من 2500 قابلة غير عاملة عن طريق إنشاء عيادات مجتمعية لهن لتقديم خدمات صحة الأمومة والولادة. حتى اليوم، تم افتتاح 120 عيادة مجتمعية في بعض من أكثر المناطق تأثرًا بالأزمة، منهم 40 عيادة تم افتتاحهم في العام الجاري فقط.

منذ بداية عام 2018، استطاعت مجهودات صندوق الأمم المتحدة للسكان الوصول لأكثر من نصف مليون يمنية ويمني منهم 150 ألف امرأة وفتاة يمنية يتلقين خدمات الحماية ومنها الخدمات الصحية والدعم القانوني والتدريب على أنشطة مدرة للدخل بالإضافة للمساعدة المادية. كما استطاع الصندوق تقديم خدمات الصحة الإنجابية لـ250 ألف يمنية في العام الجاري. اليوم، يدعم الصندوق 206 مرفق صحي لتوفير الرعاية للحوامل والمرضعات.

مع استمرار الأزمة، مازال هناك الكثير مما يجب عمله لضمان صحة وسلامة 3 مليون يمينية في عمر الإنجاب، وللتأكد من تضمين احتياجاتهن كأولوية في العمل الإنساني باليمن.