أنت هنا

سوريا/ تركيا – إن الأرقام أكبر من أن يتم استيعابها، فقد تضرر ما يقرب من 16 مليون شخص في تركيا و9 ملايين في سوريا نتيجة لزلزالين هائلين. من بين هؤلاء هنالك نحو 350 ألف امرأة حامل في كلا البلدين يحتجن إلى الوصول بشكل  أساسي وفوري للخدمات الصحية في منشآت لم تعد قائمة وفي وسط الأنقاض التي كانت في السابق طرقًا. 

في سوريا، أدت الزلازل إلى تفاقم المعاناة الراسخة بالفعل نتيجة لـ 12 عاماً من الصراع والتي حولت 90 في المئة من السوريين إلى معدمين وأجبرت نصف السكان على ترك منازلهم -معظمهم من النساء والأطفال - ولجأ عدة ملايين منهم إلى تركيا. 

 

في تركيا - حيث تستضيف  البلاد أكبر عدد من اللاجئين في العالم مظهرة كرمًا هائلاً لجيرانها السوريين لسنوات - يعيش عشرات الآلاف الآن في مراكز إيواء مؤقتة في الشوارع في درجات حرارة دون الصفر. 

أثناء الأزمات الإنسانية، تكون النساء والفتيات دائمًا الأكثر تضررًا. فهن آخر من يحصل على الغذاء  والأكثر تعرضًا للعنف والاستغلال الجنسيين ومسؤولات عن أسر لم يعد لها مأوى .

 

لابد أن تضع أي استجابة انسانية، بما في ذلك الاستجابة التي نقدمها،  القضايا المتعلقة بالنوع الاجتماعي بعين الاعتبار. فلابد أن تأتي النساء والفتيات في مقدمة  استجابتنا الانسانية.

 

وإليكم السبب.

 

1-الأزمات الإنسانية قد تكون مسألة حياة أو موت بالنسبة للنساء الحوامل

بعد انهيار أو تضرر آلاف المستشفيات، بما في ذلك المرافق والمساحات الآمنة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، أصبحت النساء الحوامل والأمهات الجدد يعانين من أجل  الحصول على الرعاية الأساسية، بما في ذلك رعاية التوليد في الحالات الطارئة والولادة القيصرية.

حصلت أم صبحي ووليدها الجديد على خدمات رعاية الأمومة التي يقدمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم مؤقت في جنديريس، بسوريا. وقالت: "عندما وقع الزلزال كنت أرضع طفلي، لم أكن أعرف ما يحدث. لم يسبق لي تجربة شيء مثل هذا في حياتي كلها."

أم صبحي من الأمهات الجدد اللاتي يدعمهن صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه في مخيم مؤقت في جنديرس، سوريا، في أعقاب الزلازل. الصورة © صندوق الأمم المتحدة للسكان/ كرم المصري
أم صبحي من الأمهات الجدد اللاتي يدعمهن صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه في مخيم مؤقت في جنديرس، سوريا، في أعقاب الزلازل. الصورة © صندوق الأمم المتحدة للسكان/ كرم المصري

نعلم أنه في حالات الأزمات والكوارث، يمكن أن ترتفع وفيات الأمهات ارتفاعًا هائلًا بسبب المضاعفات التي يمكن معالجتها بسهولة في الأماكن التي تعمل فيها أنظمة الصحة.

هناك ما يقدر بنحو 133,000 امرأة حامل في المناطق المتضررة بسوريا، من بينهن ما يقرب من 44,000 امرأة ستلد في الأشهر الثلاثة المقبلة. وفي أنقاض أسوأ كارثة طبيعية في المنطقة في التاريخ الحديث، ينبغي عليهن أن يعتمدن على نظام صحي تعرض خلال أكثر من عقد للقصف والفوضى الاقتصادية ونقص شبه كامل في الإمدادات أو الموظفين.

 

وفي تركيا، تضررت 226,000 امرأة حامل من الزلازل من بينهن 22,500 امرأة ستلد في غضون شهر. تضررت أو دمرت البنية التحتية الصحية بأكملها تقريبًا في المقاطعات الأربع الأكثر تأثرًا - تضررت 70 في المائة من مراكز صحة الأسرة في حين أن 60 في المائة من مراكز خدمات صحة الأمومة والتوليد لا تعمل، مما يعرض حياة عشرات الآلاف من الأشخاص للخطر.

 

2-  قد يؤدي تعطيل الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية إلى كارثة أخرى

مع تدمير أو تضرر أكثر من 100 مرفق صحي في تركيا وأكثر من 170 في سوريا، بما في ذلك ما لا يقل عن سبعة مستشفيات، أصبحت صحة ما يقرب من  2.2 مليون امرأة وفتاة في سن الإنجاب في سوريا و4.1 مليون في تركيا، في خطر مباشر وطويل الأجل، وجميعهن بحاجة إلى رعاية الصحة الجنسية والإنجابية التي يخترنها.

دون الحصول على وسائل منع الحمل أو الوصول إليها، سترتفع حالات الحمل غير المقصود وكذلك الأمراض المنقولة جنسياً، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية (HIV). كما يمكن انتشار أمراض أخرى بسهولة أكبر، مثل كوفيد-19  والإنفلونزا والكوليرا والتهاب الكبد (أ) والحصبة الموجودة من قبل في سوريا. 

فمن المهم إعادة تشغيل خدمات الصحة الإنجابية والحماية مرة أخرى، وضمان الوصول إلى رعاية الصحة الإنجابية لجميع النساء والفتيات المحتاجات إليها، بغض النظر عن مكان وجودهن، بما في ذلك في مراكز الإيواء المؤقتة وفي المجتمعات المضيفة في كل من سوريا وتركيا.

 

3- ترتفع احتياجات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي مع إغلاق الخدمات

في الأزمات، تكون النساء والفتيات أيضًا أكثر عرضة للعنف وسوء المعاملة، بينما تتعطل خدمات الضمان الاجتماعي والحماية، وتنهار المرافق الصحية. ياسمين*، 26 سنة، أم سورية لخمسة أطفال ومطلقة. يعود أصلها من محافظة دير الزور في شرق سوريا. عاشت في تركيا لمدة خمس سنوات. في أعقاب الزلازل، لجأت ياسمين إلى أحد الأماكن الآمنة للنساء والفتيات الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان والذي أقيم في إحدى الصالات  الرياضة.

كان زوجها يسيء معاملتها جسديًا وعاطفيًا. قالت: "لقد هددني، وأراد أن يأخذ أطفالي بعيدًا." كان صندوق الأمم المتحدة للسكان قد وفر لها في السابق المأوى في مساحة آمنة، والآن بعد أن تضرر منزلها بشدة، قالت: "لقد نقلوني الآن إلى هذا المركز لأنه أكثر أمانًا."

 

تضمن المساحات الآمنة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في سوريا وتركيا خدمات الوقاية والاستجابة للعنف القائم على النوع الاجتماعي لعشرات الآلاف من النساء والفتيات اللواتي يعشن في مخيمات مكتظة ومؤقتة أو في الشوارع. تواجه النساء مخاطر شديدة تتعلق بالحماية، بما في ذلك زيادة خطر العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستغلال وسوء المعاملة والانتهاكات مثل زواج الأطفال والزواج القسري - وكلها أصبحت "طبيعية" بشكل متزايد خلال الأزمة السورية التي طال أمدها. وفي الوقت نفسه، تعاني ملايين الناجيات من صدمات مروعة ويحتجن إلى الحصول على خدمات دعم الصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي.

 

4- يتسبب النزوح في خسائر بدنية وعقلية واجتماعية فادحة

 

بحسب ما ورد بالتقارير، نزحت أكثر من 100,000 أسرة بسبب الزلازل، على الرغم من أن العدد الحقيقي من المرجح أن يكون أعلى من ذلك بكثير. يقيم العديد من الأشخاص مع المجتمعات المضيفة أو يعودون إلى منازل غير آمنة وغير صالحة للسكن؛ ويعيش كثيرون آخرون في الشوارع أو في ملاجئ، غير قادرين على إعادة بناء منازلهم أو سبل عيشهم.

لاجئون من سوريا. روجين أم لأربعة أطفال، تقيم هي وعائلتها في مأوى مع 15 آخرين في غرفة واحدة في مصنع في ديار بكر بتركيا. ©UNFPA Türkiye/ إرين كوركماز
 لاجئون من سوريا. روجين أم لأربعة أطفال، تقيم هي وعائلتها في مأوى مع 15 آخرين في غرفة واحدة في مصنع في ديار بكر بتركيا. © مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بتركيا / إرين كوركماز

إن نصف الأشخاص تقريبًا الذين يواجهون أضرار النزوح من النساء والفتيات، اللواتي يكافحن التشرد والتمييز والفقر وتصاعد مخاطر الاستغلال وسوء المعاملة.

 

تحتمي روجين الآن، وهي أم لأربعة أطفال تبلغ من العمر 36 عامًا، في مساحة آمنة للنساء والفتيات في ديار بكر في تركيا تابعة لصندوق الأمم المتحدة للسكان. روجين في الأصل من سوريا، وتعيش هي وعائلتها جنبًا إلى جنب مع 15 آخرين في غرفة واحدة في مصنع لأعلاف الحيوانات. قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "بقينا في الخارج في حديقة لمدة أربعة أيام. لم نتمكن من أخذ أي شيء، لقد أخذت هذا الفستان وارتديته. لم آخذ شيء آخر للأطفال، ولا حتى أحذية ... الوضع صعب للغاية".

 

يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان حقائب مستلزمات النظافة الشخصية(المعروفة بحقائب الكرامة)، والتي تحتوي على الضروريات مثل الصابون والملابس الداخلية ومنتجات النظافة الخاصة بالدورة الشهرية ومنظفات الغسيل والملابس الدافئة، فضلًا عن ضمان إضاءة مرافق الاستحمام والمراحيض واستخدامها بشكل آمن للحد من تعرض النساء والفتيات للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

 

5- يجب توفير التضامن والدعم المالي، الآن أكثر من أي وقت مضى 

 

يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على أرض الواقع منذ اليوم الأول من الزلزال، حيث ينسق مع الشركاء لإعادة إنشاء خدمات الصحة والحماية الجنسية والإنجابية في سوريا وتركيا. لكننا بحاجة ماسة إلى تمويل المزيد من العيادات والفرق الصحية المتنقلة والأماكن الآمنة. كما أن هناك نقص كبير بشكل مثير للقلق في عدد الفرق الصحية والمعدات والإمدادات الإضافية، بما في ذلك أدوية صحة الأم لإنقاذ الحياة، ووسائل منع الحمل، ومنتجات النظافة الصحية الخاصة بالدورة الشهرية.

 

منذ بداية الأزمة، وبدعم سخي من شركائنا الذين مولونا على مر السنين وبمساهمات إضافية من أستراليا، والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، والنرويج، والسويد، والمملكة المتحدة، تمكن صندوق الأمم المتحدة للسكان من زيادة عدد مرافقه وفرقه الصحية المتنقلة للوصول إلى الأشخاص المستضعفين النازحين بسبب الزلازل وتقديم الخدمات الأساسية.

في مخيم الشيخ بحر في ريف إدلب، سوريا، يوزع صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه حقائب الكرامة بما في ذلك منتجات النظافة للدورة الشهرية والصابون والمنظفات والملابس الدافئة. ©UNFPA/ كرم المصري
في مخيم الشيخ بحر في ريف إدلب، سوريا، يوزع صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه حقائب الكرامة بما في ذلك منتجات النظافة للدورة الشهرية والصابون والمنظفات والملابس الدافئة. © صندوق الأمم المتحدة للسكان/ كرم المصري

مع ذلك، لا تزال ملايين النساء والفتيات لا يتلقين الدعم الذي هن في أمس الحاجة إليه. في تركيا، يناشد صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهات المعنية للحصول على 19.7 مليون دولار لتوسيع نطاق تقديم خدمات الصحة الإنجابية والحماية. وحتى الآن، تم تقديم التمويل استجابة لهذا النداء بنسبة 39 في المائة. وفي سوريا، يناشد صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهات المعنية للحصول على مبلغ 24.8 مليون دولار، والذي لم يتلق منه سوى الثلث حتى الآن. لا يمكننا أن ننسى أن الزلازل قد أدت إلى تفاقم الأزمة الموجودة مسبقًا في سوريا، والتي يناشد صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضًا جهات التمويل للحصول على 141.2 مليون دولار من أجل دعم الاستجابة لها. في الوقت الذي يستضيف فيه الاتحاد الأوروبي والسويد مؤتمرًا للمانحين الدوليين لتأمين المساهمات المالية في أعقاب الزلازل، فإننا نحث على إبداء التضامن مع هذه القضية لضمان وصول الدعم دون تأخير – فالنساء والفتيات في سوريا وتركيا يستحققن كل الدعم الذي يمكننا تقديمه لهن.

 

*تم تغير الاسم للحفاظ على الخصوصية والحماية.