الرباط – في اليوم العالمي لعدم التسامح مطلقًا مع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، الذي يوافق السادس من فبراير من كل عام، تروي خمس نساء مهاجرات من إفريقيا جنوب الصحراء — قدمن من بوركينا فاسو وساحل العاج وغينيا — رحلتهن من المعاناة إلى الصمود، حيث يشاركن تجاربهن الشخصية حول هذه الممارسة الضارة وجهودهن لتعزيز الوعي بين المهاجرين حول مخاطرها وتداعياتها المدمرة.
"جاءت امرأة وأخذتنا إلى الغابة لتشويه أعضائنا بسكين"
مريم، المتزوجة الآن وأم لثلاثة أطفال، لا تزال تسترجع بمرارة ذلك اليوم الذي تعرضت فيه لتشويه أعضائها التناسلية. لم تكن تتجاوز الثامنة من عمرها حين أُخذت برفقة شقيقتها، التي تكبرها بأربع سنوات، إلى قريتهما في غينيا، حيث خضعتا لهذه الممارسة المؤلمة رغم معارضة والدتهما.
"نزفنا لثلاثة أيام وأصبنا بالمرض، ولم يكن هناك أي علاج أو دواء"، تقول مريم، مضيفة أنها واجهت مشاكل صحية طويلة الأمد، من التهابات مزمنة إلى صعوبات أثناء الولادة، بينما لم تتمكن شقيقتها من الإنجاب حتى اليوم.
مع تقدمها في العمر، قررت مريم أن تتحول إلى صوت توعوي بين صديقاتها وزميلاتها، محذرة من هذه الممارسة وآثارها الجسدية والنفسية. واليوم، وهي مقيمة في الرباط، تشارك بنشاط في ورشات التوعية المدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان، كجزء من الجهود المبذولة لحماية المهاجرين من هذه العادة الضارة.
"لقد دمرت هذه الممارسة حياتي"
في مدينة الناظور، على بعد أكثر من 500 كيلومتر عن الرباط، تعيش كادي، القادمة من بوركينا فاسو، وهي من ضحايا هذه الممارسة التي استسلمت لها عائلتها تحت ضغط المجتمع.
"لا أنصح أي شخص بفعل ذلك لابنته"، تقول كادي، التي باتت اليوم ناشطة في التوعية حول مخاطر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. من خلال مشروع مكتب صندوق الأمم المتحدة الاستئماني متعدد الشركاء للهجرة، حيث يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهود التي تهدف إلى توفير المعلومات والخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة الجنسية والإنجابية، إضافة إلى مساعدة الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي، وتمكين النساء المهاجرات من تقديم الدعم لمجتمعاتهن.
"إذا لم تخضع الفتاة للتشويه، فهي تُعتبر شخصًا سيئًا"
جورجيت، وهي امرأة إيفوارية تبلغ من العمر 31 عامًا، نجت من التشويه بصعوبة، لكنها عاشت طفولة مليئة بالضغوط الاجتماعية بسبب رفضها ووالدتها لهذه الممارسة.
"بدأت الضغوط عليّ منذ أن كنت في العاشرة من عمري"، تتذكر جورجيت، التي عانت من وصم اجتماعي في قريتها حيث يُنظر إلى الفتاة غير المختونة على أنها "فتاة سيئة". اليوم، تستعيد جورجيت ثقتها بنفسها بفضل برامج الدعم النفسي والاجتماعي، قائلة: "الآن أعرف أين أتوجه للحصول على خدمات الصحة الإنجابية".
"يأخذونك بالقوة.. ولا يمكنك الهروب"
مريم، وهي مهاجرة أخرى، لم يكن أمام عائلتها سوى الاستسلام للأعراف حين كانت في الثانية عشرة من عمرها.
"كانوا يقولون إن عدم تشويه الفتاة سيؤثر على صحتها، أو أنها ستصبح فتاة منحلة"، تقول مريم، التي لا تزال تحتفظ بذكريات يرافقها الألم العميق.
"يأخذونك بالقوة، ويمسكك شخصان أو أربعة حتى يثبتوكِ بقوة إلى أن يتم تشويهكِ"، تروي مريم، مشيرة إلى أن بعض القابلات غير المؤهلات يستخدمن شفرات أو مقصات، ويُتركن الفتيات ينزفن دون أي مسكنات أو علاج طبي.
نحو تعزيز الوعي وكسر الصمت
بينما تستمر الملايين من النساء والفتيات في مواجهة هذه الممارسة حول العالم، تقود نساء مهاجرات في المغرب حملات توعوية لكسر دائرة الصمت والضغط المجتمعي.
ريجينا، إحدى القياديات المدربات، نظمت عدة جلسات توعوية لمساعدة النساء المهاجرات في فهم حقوقهن والتعامل مع قضايا الصحة الجنسية والإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
"أصبحت النساء يعرفن حقوقهن ويعرفن أين يلجأن في حال تعرضهن للعنف"، تؤكد ريجينا، مشددة على أهمية توفير بيئة داعمة للناجيات وتمكينهن من بناء مستقبل أكثر أمانًا واستقلالية.
رسالة أمل ونضال
رغم الألم، تحولت هؤلاء النساء إلى أصوات قوية تنادي بوقف تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية. من خلال التوعية والتضامن، يساهمن اليوم في بناء مجتمع أكثر وعيًا بحقوق المرأة، حيث يكون لهن الحق في تقرير مصيرهن وحماية أجسادهن من الممارسات الضارة التي طالما قيدت أحلامهن ومستقبلهن.