أنت هنا

قطاع غزة، فلسطين:  "كنت أعتقد بأن الاحترام، والتواصل ذو الاتجاهين، والحب هم أساس الزواج الناجح.  للأسف، لقد كنت مخطئة."

تزوجت *إيناس، 28 عاما من قطاع غزة، قبل خمسة أعوام.  أعتقدت آن ذاك بأن زوجها هو حب حياتها.  إلا أن فرحها تحوّل إلى أسى بعد بضعة أشهر من الزواج بسبب تعنيف الزوج اللفظي والجسدي لها.  "لقد كان يضربني أمام عائلته أيضا" تقول إيناس لصندوق الأمم المتحدة للسكان.

بالرغم من خوفها على مستقبلها، إلا أن إيناس كانت مصممة على إيجاد المخرج من هذه الأزمة.

بعد تعرّضها لاعتداء سيء من قبل زوجها، قامت إيناس بزيارة أحد مراكز الإيواء في جباليا في قطاع غزة الذي تم تجهيزه عام 2017 بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بالشراكة مع جمعية عبد الشافي الصحية والمجتمعية ، وهو أحد مركزين في كل من مدينة غزة وشمال القطاع ، والتي تشكل ملاذاً آمناً للناجيات من العنف المبني على النوع الإجتماعي بالإضافة إلى خدمات اجتماعية وصحية وقانونية.

حفاظا على سلامتها، قررت إيناس ترك زوجها الذي كان يتعاطى المخدرات و يدمن الكحول.  إلا أن الوصمة في غزة تلاحق المرأة التي تسعى إلى  الانفصال عن زوجها ، وصمة تتعرض لها من المجتمع والأصدقاء والعائلة على حد سواء، وبالرغم من قلقها على مستقبلها، إلا أن إيناس كانت عازمة على إيجاد مخرجٍ لهذا المأزق.

بُعيد الاعتداء الذي تعرّضت له من قبل زوجها، قررت إيناس زيارة المساحة الآمنة في جباليا، في قطاع غزة، التي تم تجهيزها عام 2017 بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وجمعية عبد الشافي الصحية والمجتمعية.

جدير بالذكر أن مسحاً أجري عام 2019 كشف عن أن ثلثي عدد النساء المتزوجات في فلسطين يتعرّضن للعنف المنزلي، ولا يوجد أي قانون يُطبق في الوقت الحالي . في حين أن أكثر من نصف من تتعرَض للعنف الجنسي والعنف المبني على النوع الإجتماعي  قررن عدم الإبلاغ، ووجدت أغلبية النساء مبرراً لعنف أزواجهن ضدهن.

خدمة صحية كاملة

بعد مرور عدة أشهر من الزيارة الأولى، قامت إيناس بالانتقال إلى منزل أمها وإخوتها  - وبالرغم من صعوبة العيش فيه إلا أنه كان أكثر إستقرراً - وحينها أحسّت بوجود كتلة في الثدي.  تم تحويلها الى طبيبة من قبل موظفي المساحة الآمنة والتي بدورها  أكدت مخاوف إيناس: كان الورم سرطاني.

تلقّت إيناس العلاج المجاني الذي تضمن العلاج الهرموني، فيتامينات وفيتامينات مكملة من قبل الفريق الطبي العامل في المساحة الآمنة.  و أخضعت للجراحة والعلاج الكيماوي، بالإضافة إلى جلسات الدعم النفسي الفردي والجماعي مع نساء ناجيات من مرض السرطان.

حنان دياب، أخصائية نفسية تعمل في المساحة الآمنة تقول "في جلسات الدعم ، تتشارك النساء الألم والتجربة وقصص النجاح  والانتصار، والتي تمكنهن من التغلب على الشعور بالإحباط  والمشاعر السلبية ."

تتمكن النساء من السعي وراء أحلامهن من خلال التدريب المهني في الأشغال اليدوية والكروشيه  والتطريز. تقول سهى موسى، وهي أخصائية في مجال العنف المبني على النوع الاجتماعي،في جمعية عبد الشافي الصحية والمجتمعية "بذلت إيناس كل ما في وسعها لتعلّم التطريز.  فقد حصلت على منحة  صغيرة وفتحت مشروعها الذي كان ناجحا جدا."  

حلقة من الدعم

وتشكل هذه المبادرات جزءا من مشروع صندوق الأمم المتحدة للسكان الذي يكفل الحقوق الجنسية والإنجابية الشاملة والخدمات الصحية للنساء والشباب الأكثر ضعفا ويدعم الناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي. ويتم تمويل هذا المشروع الذي ينفّذ في القدس الشرقية وقطاع غزة والضفة الغربية من قبل حكومة كندا.

دعم الصندوق عام 2022  أكثر من 44,000  فلسطينيا من خلال خدمات  الاستجابة والحد من العنف المبني على النوع الإجتماعي في عشرة مساحات آمنة للنساء والفتيات.  وشاركت نحو 500 سيدة في تدريبات مهنية وحصلن على منح تمكنهن من الحصول على الربح المادي. 

تعافت إيناس من المرض ومن صدمة العنف المنزلي.  وهي الآن متطوعة ومدربة في المساحة الآمنة في جباليا، تدعم وتساعد الناجيات من العنف للنهوض مجدداّ.

لم تعد خائفة من أن ينبذها المجتمع فلها دور قيّم في الجمعية وهي مصدر إلهام للكثيرات.

"الضربة التي لم تقسم ظهري، جعلتني أقوى. لدي الوعي لأهمية لعب الدور الفعّال في حياة الآخرين" تقول إيناس.  "أنا أحرص على تمكين ودعم من يواجهن تحديات  مثل التحديات التي واجهتني" 

* تم تغيير الإسم للخصوصية والحماية