أنت هنا

في لقاء لها مع مختصة الدعم النفسي بعيادة في ريف دمشق مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان، الجهة الأممية المختصة بالصحة الجنسية والإنجابية، قالت أم عبدالله: "أشعر إنني إنسانة من جديد. كل ما كنت أحتاجه هو شخص يساعدني لأستعيد حياتي."

نجت أم عبدالله من العنف الزوجي المستمر على مدار خمسة عشر عامًا حيث أصبح جليًا أن زوجها يعاني من خلل نفسي يتسبب في موجات غضب غير عقلانية وجنون العظمة.

وذكرت أم عبدالله: "أصبح العنف حقيقة يومية بالنسبة لي لأعوام طويلة، ومؤخرًا، أصبح حقيقة يومية لابني أيضًا وهو يعاني من إعاقة جسدية تجعله أكثر عرضةَ للتهديد"

تزداد عرضة النساء والفتيات لخطر التعرض للعنف القائم على النوع الاجتماعي في سياق حالات الطوارئ الإنسانية. فبالمقارنة بالمعدل العالمي والذي يصل لـ35%، اختبرت 70% من النساء في الأزمات الإنسانية العنف القائم على النوع الاجتماعي. معظم الناجيات من هذا النوع من العنف يصرحن أن مرتكبي العنف هم الأقرب لهن: أفراد أٍسرهن أو شركاء حياتهن. العنف القائم على النوع الاجتماعي هو تعدي على حق من حقوق الإنسان كما أنه مهدد للحياة. على سبيل المثال، وصلت نسبة النساء اللائي تعرضن للقتل على يد أفراد أسرهن أو شركاء حياتهن للنصف تقريبًا من إجمالي عدد النساء من ضحايا جرائم القتل على مستوى العالم. أغلبية الناجيات من العنف يفضلن الصمت على طلب المساعدة.

حكت أم عبد الله قصتها الخاصة مع الصمت قائلة: "حاولت أن أتحمل المعاناة والإذلال بقدر ماستطعت. ظننت أن هذا هو الاختيار الصحيح لنفسي ولطفلي، ولكن أصبح من الواضح أن الموقف يتحول من سيئ إلى أسوأ."

أخيرًا، لجأت أم عبدالله لعيادة قريبة مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان بناءً على نصيحة من صديقة. خططت أم عبدالله هروبها بحرص وانتظرت الوقت المناسب لترحل مع ابنها دون أن يلاحظ زوجها. تذكرت أم عبدالله مشاعرها في تلك الفترة قائلة: "حتى بعدما اتخذت القرار بالرحيل، تنازعتني مشاعر الخوف والشك. بعد كل تلك الأعوام، يثير التغيير مشاعر طاغية حتى لو كان للأفضل. بعدما انتهيت من الفحوصات الطبية، شعرت براحة أكبر وطلبت رؤية مستشار قانوني للسؤال عن إجراءات الطلاق."

استطاع المستشار أن يساعد أم عبدالله في فهم الإجراءات القانونية للطلاق في حالتها وأوضح لها الاختيارات المتوفرة لها كما قدم النصيحة فيما يتعلق بالتحديات التي يمكن أن تواجهها خلال عملية إتمام الطلاق. منذ حينها، استطاعت أم عبدالله أن تنهي إجراءات الطلاق بنجاح واستعادت السيطرة على حياتها.

كما أصبحت أم عبدالله مشاركة معتادة في الجلسات التي يعقدها المركز لرفع الوعي حيث تشارك تجربتها الخاصة مع نساء أخريات ممن يعانين من ظروف مماثلة.

يوفر صندوق الأمم المتحدة للسكان خدمات أساسية في مجالي الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي للنساء والفتيات والفتيان المتأثرين بالأزمة السورية من خلال 124 مساحة آمنة للنساء والفتيات و 143 مرفق للرعاية الصحية الأولية و38 مركز للشباب.

أنهت أم عبدالله الحديث قائلة: "الأوقات الصعبة لا تدوم للأبد، لابد لها أن تنتهي في نهاية المطاف."

لمعرفة المزيد عن عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان في سياق الأزمة السورية يمكن الاطلاع على أحدث تقرير موقف عن الأزمة.