بيان المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية، الدكتور لؤي شبانة
اليوم العالمي للهجرة
18 كانون الأول/ديسمبر 2020
شهدت المنطقة العربية في السنوات الأخيرة مستويات غير مسبوقة فى الحراك البشري. ولا تزال تتميز بأنماط معقدة للهجرة، حيث تمثل فيها العديد من الدول العربية دول مصدر وعبور ومقصد. ففي عام 2019، تجاوز عدد المهاجرين الدوليين في المنطقة 40 مليونًا، حوالي 33 في المائة منهم من النساء، بينما هاجر أكثر من 31 مليون شخص، نصفهم تقريبًا داخل المنطقة.
توفر الهجرة فرصة لتشجيع التنمية العادلة والشاملة والمستدامة للمنطقة العربية. في عام 2019، تلقت المنطقة العربية 59.7 مليار دولار من التحويلات المالية، أي ضعف ما تلقته من المساعدات التنموية الرسمية، وضعف المبلغ الذي تلقته من الاستثمار الأجنبي المباشر.
بالنسبة للكثيرين، وخصوصاً الشباب والنساء والفتيات، يمكن أن تكون الهجرة تجربة إيجابية تؤدي إلى تعزيز سبل عيشهم واستقلاليتهم وتمكينهم. غير أن الهجرة يمكن أيضًا أن تضع الشباب والنساء والفتيات في أوضاع استضعاف حيث يواجهون فيها انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان الخاصة بهم.
إن النساء والفتيات المهاجرات تواجهن فى أغلب الأحيان أشكالًا متعددة ومتداخلة من التمييز في كل مراحل رحلة هجرتهن. ومن بين القضايا ذات الأهمية الخاصة التحديات التي تضعها الهجرة أمام النساء والفتيات، بما في ذلك توفير الخدمات الاجتماعية الأساسية والخدمات الضرورية، والتى تتضمن خدمات الصحة الإنجابية. كما يمكن أن يواجهن الإتجار والتهريب، والصعوبات المتعلقة بالهوية القانونية والعدالة بين الجنسين، والثغرات في حماية حقوق الإنسان الخاصة بهن، والتحديات التي تواجه العديد من جوانب الحياة بسبب تغير المناخ، والثغرات الخطيرة في إحصاءات الهجرة.
يحتفل صندوق الأمم المتحدة للسكان هذا العام باليوم العالمي للمهاجرين من خلال دعوة كل الأطراف المعنيين إلى التنفيذ الكامل للاتفاقية الدولية بشأن حماية جميع حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ومواءمة الجهود مع الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية.
تمثل الهجرة ركيزة أساسية لبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، لذلك يسعى صندوق الأمم المتحدة للسكان لتحقيق الالتزامات المتعلقة بالهجرة في خطة التنمية المستدامة لعام 2030 حتى لا يتخلف أحد عن الركب، بما في ذلك المهاجرين.
يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان في المنطقة العربية على حماية حقوق المهاجرين، بما في ذلك في الحالات الإنسانية، من خلال توفير الحماية للشباب والنساء والفتيات، وضمان الوصول الشامل إلى خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة، وتأمين مجموعات الكرامة (التي تحتوي على مستلزمات النظافة الشخصية) وتقديم المشورة والدعم النفسي والاجتماعي للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي. يواصل صندوق الأمم المتحدة للسكان الدعوة إلى البلدان ودعمها لجمع البيانات التفصيلية عن وضع الهجرة بحسب العمر والجنس، من أجل التحديد الأفضل لاحتياجات الأشخاص المتنقلين وضمان عدم ترك أي شخص خلف الركب.
إن المكتب الإقليمي للدول العربية التابع لصندوق الأمم المتحدة للسكان يدعو إلى حوكمة الهجرة المراعية لمنظور النوع الاجتماعي، والتي تعكس الحقائق المختلفة لواقع المهاجرين من النساء والفتيات والرجال والفتيان من خلال تعزيز وحماية حقوق الإنسان الخاصة بهم في كل مراحل الهجرة. ونعمل على ضمان أن السياسات والقوانين والبرامج والخدمات تعترف وتعالج الاحتياجات المحددة والتحديات ومواقف الضعف لكل المهاجرين، كما نعمل مع كل الأطراف المحاورة والداعية إلى تعزيز المساواة بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات.
يلتزم صندوق الأمم المتحدة للسكان بمعالجة دوافع الهجرة، والدعوة إلى تمكين الشباب من خلال التعليم والفرص الاقتصادية والتوظيف العادل في بلدانهم الأم. نحن نشجع نهجًا يرحب بالمهاجرين على المستويين الوطني والإقليمي، ودمج احتياجات وخصوصيات الأشخاص المتنقلين في مداخلاتنا، ومعالجة الحوارات السلبية، وإبراز قصص المهاجرين.
إن صندوق الأمم المتحدة للسكان يدعو الحكومات إلى تطوير وتطبيق سياسات هجرة محددة، في الوقت الذي نكرس فيه جهودًا كاملة لتقديم المناصرة والدعم الفني لضمان الاعتراف بالهجرة كعامل مهم في التنمية وحقوق المهاجرين، وخصوصاً النساء والفتيات.