الحديدة، اليمن – أعلن صندوق الأمم المتحدة للسكان أن تصاعد العنف في الحديدة، باليمن، يهدد النساء والفتيات الحوامل في المدينة، المقدر عددهن بـ 90 ألفًا. ومن المرجح أن يواجه ما يقرب من 14 ألفًا من أولئك النساء والفتيات مضاعفات تتعلق بالحمل تستلزم رعاية طارئة، لكن الحصول على الخدمات الصحية صار محدودًا بشدة جراء الأزمة المستمرة.
وقد تعرضت مستشفى الثورة، وهي مستشفى الإحالة الكبير الوحيد في المدينة، لهجوم وحشي في الشهر الماضي. قالت نهى، قابلة كانت تعمل في عنبر الولادة بالمستشفى عندما وقع الهجوم في الثاني من أغسطس/آب: "كنت أشعر وكأنني في الجحيم لهول ما رأيت."
وأضافت: "في ذلك اليوم، كنت أسمع طلقات المدافع منذ الصباح الباكر. في الخامسة صباحًا، سمعنا انفجارًا مدويًا للغاية عند بوابة المستشفى. هرعت لأرى ما يحدث."
قالت إن المذبحة كانت مروعة. "رأيت أشخاصًا يصرخون وينتحبون بصوتٍ عال. ذهبت لمساعدتهم، وهناك رأيت مشهدًا مرعبًا، وكأنه يوم القيامة."
يواصل مستشفى الثورة العمل، على رغم الهجوم، مقدمًا خدماته كمرفق كبير للرعاية التوليدية ورعاية حديثي الولادة في المدينة. يزود صندوق الأمم المتحدة للسكان المستشفى بالأدوية والمواد اللازمة للصحة الإنجابية، ويساعد على تأسيس عنبر أمومة إضافي وغرفة عمليات هناك.
كما ويقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان المستلزمات والدعم للقابلات وأطباء أمراض النساء في خمسة أحياء في الحديدة.
لكن الخوف وانعدام الأمن يمنعان المرضى من التماس الرعاية العاجلة اللازمة.
قالت نهى: "هذا المستشفى هو الأكبر من نوعه في الحديدة، وكان يقدم خدماته لآلاف المرضى. أما الآن فالنساء الحوامل يفضلن الولادة في المنزل، حيث يتعرضن لكثير من المخاطر والمشكلات. وهن لا يأتين للمستشفى خوفا على أرواحهن."
"غير قادرة على الوصول للرعاية الصحية"
يمر اليمن بأزمة إنسانية هي الأسوأ في العالم، مع احتياج 75 في المائة من السكان لشكل من أشكال المساعدة والحماية، بحسب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن. كما ويكافح البلد في مواجهة تفشي واسع النطاق لوباء الكوليرا بالإضافة لتهديد المجاعة.
لكن الأوضاع سيئة بشكل خاص بالنسبة للنساء والفتيات.
لدى اليمن واحدة من أعلى معدلات وفيات الأمهات في المنطقة؛ ففي 2015، قُدر عدد حالات النساء اللواتي فقدن حياتهن لأسباب تتعلق بالولادة بـ385 من بين كل 100,000 ولادة حية. واليوم، من المرجح أن يكون معدل وفيات الأمهات أعلى بكثير، بالنظر إلى أن النزاع قد تسبب بقطع سبل الحصول على الخدمات الصحية والأدوية والغذاء وسبل العيش.
قالت نهى: "تعجز الكثير من النساء في المناطق القريبة من الاشتباكات، مثل زبيد وغيرها، عن الحصول على الرعاية الصحية، وبخاصةً الحوامل منهن. والأكثر من هذا أن الأزمة الاقتصادية وتدهور الأوضاع يزيدان من معاناتهن."
الأوضاع قاسية في الحديدة
يعزز صندوق الأمم المتحدة للسكان جهوده لدعم المرافق الصحية في الحديدة وعدن وإب وصنعاء. ولكن الوضع في الحديدة بالغ القسوة.
يصل أكثر من 70 بالمائة من كافة المساعدة الإنسانية والواردات الغذائية عبر ميناء المدينة، الذي يعمل بطاقة محدودة. كما تضررت المدينة بشدة من أزمة الكوليرا.
ولقد أثار الهجوم على مستشفى الثورة قلق الخبراء والمسؤولين في مجال العمل الإنساني.
قال الدكتور لؤي شبانه، مدير صندوق الأمم المتحدة للسكان للمنطقة العربية: "يُحظر بشدة استهداف المرافق الطبية بموجب القانون الإنساني، كونه لا يؤدي إلا لحرمان الأشخاص، وبخاصة النساء والفتيات من خدمات منقذة للحياة هم أحوج ما يكونون إليها."
لكن مستشفى الثورة لم تكن أول مرفق صحي يتضرر بفعل النزاع.
فحاليًا لا يعمل من المرافق التي تقدم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن سوى الثلث، مع إغلاق العديد من العيادات بسبب العنف، والنزوح الجماعي، والانهيار الاقتصادي، ورحيل العاملين الصحيين ونقص الإمدادات.
عجزت أحلام، 32 عامًا، عن الحصول على رعاية ما قبل الولادة على مدار حملها بسبب تعطل الطرق. وخشت أن تغادر منزلها عندما جاءها المخاض قبل بضع أيام.
قالت لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "مكثت في منزلي حتى أصبت بالإعياء الشديد. أخذني زوجي لعيادة قديمة في المراوعة في الحديدة. خسرت الكثير من الأموال لكنهم لم يتمكنوا من فعل أي شيء لي لنقص الأجهزة والعاملين الصحيين لديهم."
أحيلت في النهاية إلى مستشفى الثورة يوم الإثنين. وهناك، أنقذت نهى حياتها، لكن كان الأوان قد فات بالنسبة إلى مولودها.
قالت أحلام: "فقدت طفلي."