مجموعة العمل الثالثة: أولويات التعافي المبكر
كلمة رئيسية تلقيها المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم
سعادة رئيس الوزراء،
أصحاب السعادة، الضيوف الكرام، الزملاء الأعزاء
أحييكم بتحية السلام – والسلام هو ما يحتاجه سكان غزة وهذه المنطقة والعالم بشدة.
من الصعب جدًا الحديث عن "التعافي المبكر"، نظرًا للوضع الإنساني المأساوي في غزة اليوم. فلا بد أولاً من وقف فوري لإطلاق النار، كما دعا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالأمس، وبعد ذلك، إطلاق عملية إنسانية ضخمة مع إمكانية الوصول الآمن ودون عوائق إلى جميع الأشخاص المحتاجين وخاصة النساء والفتيات.
عندما تتوقف القنابل - ويجب أن تتوقف في أسرع وقت - ينبغي التفكير مجدداً في الطريقة التي يمكننا التكيف معها لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر استضعافاً في غزة، ولابد أن يرتكز التعافي المبكر على القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان؛ وأن يكون مملوكا للفلسطينيين، ويستجيب لقضايا النوع الاجتماعي، ويتم بناءه من خلال المشاركة المجتمعية والتماسك الاجتماعي. إن الحمل فترة مقدسة – ويجب مواجهة الانتهاكات الصارخة ضد مستشفيات الولادة ومراكز خدمات الصحة الإنجابية وادانتها.
على وجه الاستعجال، يقترح صندوق الأمم المتحدة للسكان ثلاث دعوات للعمل:
أولا، إعطاء الأولوية للنساء والشباب، وإشراكهم بشكل هادف ونشط في كل مرحلة من مراحل عملية التعافي. من حقهم تشكيل مستقبلهم ومستقبل بلدهم. وهذا أمر ضروري لرفاههم والتعافي الشامل وإعادة بناء المجتمعات. الشباب هم كنز فلسطين. لذلك، فلنخطط لحشدهم بشكل كامل في عملية التعافي، والتي في حد ذاتها ستفيد المجتمع بينما توفر شكلاً من أشكال التعافي للشباب المشاركين.
ثانياً، إعطاء الأولوية للصحة العقلية والدعم النفسي الاجتماعي – وخاصة للناجين من العنف القائم على النوع الاجتماعي. وبمجرد أن تضع الحرب أوزارها، فلابد من معالجة الصدمة التي يعاني منها جميع سكان غزة. لقد ركز صندوق الأمم المتحدة للسكان، باعتباره وكالة التنسيق الرائدة لمنع العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة له، على الناجين من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. دعونا نهتم أيضًا بمقدمي الرعاية. لم نتمكن من تقديم خدماتنا المنقذة للحياة دون شراكة الممرضات والقابلات والمنظمات المحلية التي تقودها النساء. وفي الوقت الحالي، وصلت هذه المنظمات البطولية إلى نقطة الانهيار. إنهم يستحقون دعمنا الجماعي الكامل. وسيقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان خبرته في المجال النفسي والاجتماعي.
ندائي الأخير هو توفير موارد تتناسب مع المتطلبات الهائلة: ضمان التمويل لحماية النساء والفتيات والتعليم والتمكين الاقتصادي والرعاية الصحية - وخاصة رعاية الصحة الجنسية والإنجابية - وضمان إعادة أجنحة الولادة، بحيث تتمكن قابلاتنا المتفانيات للغاية اللاتي استثمرنا فيهن لسنوات من القيام بعملهن. إضافة إلى الاستثمار في القدرات المحلية، وخاصة في المنظمات النسائية التي ستقود جهود التعافي المحلية والمستدامة التي يقودها المجتمع المحلي.
الآن، حاولوا معي تخيل كيف وُلدتا مسك وليان، وهما طفلتان جميلتان ولدتا رغم كل الصعاب في مخيم للنازحين في المواصي، بينما كانت القنابل والصواريخ تنهمر. ويحظى المخيم بدعم من جمعية الثقافة والفكر الحر، وهي منظمة رائدة تقودها نساء وتتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان لتوفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية ومساحات مؤقتة للراحة للنساء والفتيات - على الرغم من عدم وجود مكان آمن في غزة.
والآن تخيلوا الطفلتين مسك وليان بعد 10 سنوات. وكيف سيكون الحال في غزة التي سيرثانها؟ هل ستعيشان حياة خالية من العنف والصراع؟ هل سيكونا قادرتين على إكمال تعليمهما واجتياز الطريق من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ بصحة جيدة، بأمل لا يشوبه الخوف؟ كل ذلك يعتمد على الالتزامات التي نتعهد بها اليوم. إن ذلك يعتمد على الاستثمارات التي سوف نقدمها لمستقبلهما نحو غزة عفية ومزدهرة ومستدامة.
كونوا على ثقة بأنه يمكنكم الاعتماد على الدعم الكامل الذي يقدمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في هذا الجهد. شكرًا لكم.