أنت هنا

يحتفل العالم في السادس من فبراير من كل عام باليوم الدولي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الاناث)، وتأتي هذه المناسبة للعام 2024 تحت شعار "صوتها.. مستقبلها: الاستثمار في الحركات التي تقودها الناجيات لإنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية"، فكل صوت لكل ناجٍية هو بمثابة دعوة للعمل الجاد والدؤوب، وكل خيار يتخذنه لاستعادة حياتهن يسهم في دعم الحركة العالمية لإنهاء هذه الممارسة الضارة ضد النساء والفتيات. وتقف جامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان موحدين في رفضهما لهذه الممارسة التي تعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان وتشكل تجاوزًا لكرامة النساء والفتيات وصحتهن البدنية والنفسية. كما تعد هذه المناسبة بمثابة فرصة هامة لإذكاء الوعي الدولي بأضرار هذه الممارسة الضارة التي تنتهك حقوق الانسان وتكرس العنف القائم على النوع الاجتماعي واللامساواة بين الجنسين،

على مدار الخمسة وعشرين عاماً الماضية تحققت الكثير من الإنجازات في خفض معدلات انتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث) على مستوى العالم؛ حيث تراجعت احتمالية خضوع الفتاة للختان بنسبة الثلث عما كانت عليه قبل 30 عامًا؛ إلا اننا كمنظمات إقليمية ودولية لا زلنا بحاجة ماسة لمواصلة الجهود والعمل المشترك لتوسيع الشراكات التي تدعم القضاء نهائياً على هذه الممارسة بحلول 2030.

وفي ضوء الإحصاءات الأممية الحديثة والتي تتوقع تعرض ما يقرب من 4.4 مليون فتاة للخطر في جميع أنحاء العالم خلال العام 2024 ما لم يتم تكثيف الجهود المبذولة لإنهاء هذه الممارسة؛ تعكف الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون والشراكة مع المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية على تنسيق الجهود فيما بينهما للقضاء على هذه الممارسة الضارة .

ويشكل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية انتهاكًا كارثيًا لحقوق الإنسان ويلحق ضررًا بالغاً بملايين الفتيات والنساء. كما أنه يستنزف  الموارد الاقتصادية الحيوية للبلدان. وبحسب تقديرات أجراها المكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية فإن مقابل كل دولار واحد يتم استثماره في القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 6 دول (جيبوتي، مصر، العراق، الصومال، السودان، واليمن). يمكن توقع عائد قدرة 5.02 دولار. 

وفي ضوء الالتزام بأهداف التنمية المستدامة واتفاقيات حقوق الإنسان، تركز الأطراف الشريكة (وبخاصةً البرنامج العالمي المشترك ما بين صندوق الأمم المتحده للسكان واليونسيف  لتسريع القضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والذي تأسس منذ عام 2008)، جهودها خلال الفترة الآنية في العمل والتنسيق مع الدول على تعزيز التشريعات التي تحظر تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتطبيق القوانين بشكل صارم وتنظيم حملات توعية لتغيير الأفكار المغلوطة التي تدعم هذه الممارسة ودعم من تعرضن لهذه الممارسه من خلال تقديم الرعاية الطبية والنفسية اللازمة ودمج التوعية بمخاطر هذه الممارسة في البرامج التعليمية والصحية وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لمشاركة أفضل السياسات والممارسات للقضاء على هذه الظاهرة بحلول 2030.

وإدراكاً من الامانة العامة لجامعة الدول العربية بأهمية تحقيق الأمن الصحي للمواطن العربي كأحد أولويات المنطقة العربية، فقد قامت من خلال آلياتها المعنية بالصحة وفى مقدمتها مجلس وزراء الصحة العرب ومكتبه التنفيذي بإعداد الخطة الاستراتيجية العربية متعددة القطاعات حول صحة الأمهات والأطفال والفتيات (2019-2030)؛ وكذلك بإعداد الاستراتيجية العربية للنهوض بمهنتي التمريض والقبالة بوصفهما العمود الفقري للنظم الصحية،  والذي من شأنه أن يسهم إسهامًا كبيرًا في تعزيز النظم الصحية والنهوض بالرعاية الصحية الشاملة والأمن الصحي في البلدان العربية؛ وايضاً قامت بتنظيم اجتماع إقليمي عالي المستوى بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسيف للقضاء علي إضفاء الطابع الطبي على تشويه الاعضاء التناسلية للإناث "الختان" خلال شهر أكتوبر 2023، دعا لإنهاء هذه الممارسة من خلال مداخلات وطنيه متعدد القطاعات.

هذا وتؤكد الامانة العامة لجامعة الدول العربية وصندوق الأمم المتحدة للسكان على أهمية الحوار المجتمعي وتمكين المجتمعات من العمل بشكل جماعي لإنهاء هذه الممارسة الضارة، وأيضًا على أهمية التعاون مع المؤسسات الدينية والتي تقوم بدور كبير في تقديم التوجيه الشرعي والأخلاقي للمجتمعات المتأثرة بهذه العادة، وضرورة معالجة احتياجات الصحة الجنسية والإنجابية للنساء والفتيات اللواتي يعانين من عواقبها،

وكذلك أهمية عقد شراكات مستدامة مع الرجال والفتيان الذين يمكن لأصواتهم وجهودهم تغيير الأعراف الاجتماعية الضارة و المتجذرة، ما يسمح بإعمال حقوق النساء والفتيات في الصحة والتعليم وفرص العمل والمساواة. إن الإشراك العادل للنساء في الأدوار القيادية أمر أساسي لتسريع التقدم المرغوب، فضلا عن المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية العادلة وضمان عدم ترك أي فتاة أو امرأة خلف الركب.