أنت هنا

إدلب، الجمهورية العربية السورية – قالت الدكتورة إكرام حبوش، مديرة مستشفى إدلب للولادة في شمال غرب سوريا: "لقد اختبرت شخصيا العواقب الوخيمة للنزاع على الرعاية الصحية".

الدكتورة حبوش هي أول طبيبة توليد تقود هذا المرفق، الذي يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان، وكالة الصحة الجنسية والإنجابية التابعة للأمم المتحدة، وتديره الجمعية الطبية السورية الأمريكية (SAMS). وهي أيضًا واحدة من العديد من العاملات الصحيات الصامدات اللواتي كرسن أنفسهن لضمان رفاه النساء والفتيات السوريات على الرغم من 13 عامًا من الصراع والنزوح الجماعي والزلازل وانعدام الأمن المتفاقم.

وقالت حبوش لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "هدفي هو إحداث تغيير إيجابي داخل مجتمعي، وحماية حياة النساء والفتيات في واحدة من أكثر مناطق العالم تضررا من الأزمات".

إن انتشار عدم الاستقرار والنقص الحاد في التمويل نجم عنه عدم قدرة نحو  ثلث المرافق الصحية في سوريا على العمل بكامل طاقتها. أما بقية المراكز الصحية فتعاني في كثير من الأحيان من نقص الإمدادات والإرهاق، وفي كثير من الحالات لا تكون قادرة على دعم المرضى الذين يواجهون حالات طوارئ صحية وخيمة. وفي شمال غرب سوريا، أدى عدم الاستقرار والنقص الحاد في التمويل إلى مواجهة عدد مأساوي من النساء الحوامل حالات ولادة طارئة وفقدان حياتهن، وفي العديد منهن حدث ذلك أثناء نقلهن بين المستشفيات التي تفتقر إلى الإمدادات الحيوية مثل الأدوية والدم.

في مستشفى الولادة حيث تعمل الدكتورة حبوش، أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان وشركاؤه بنكا للدم ساعد العام الماضي في إنقاذ حياة ما يقدر بنحو 2,000 امرأة. المستشفى قادر على دعم الولادات المعقدة وعالية الخطورة، بما في ذلك ما معدله 150 ولادة قيصرية شهريا. كما تقدم خدمات الرعاية الشاملة لحالات التوليد الطارئة ورعاية الأطفال حديثي الولادة، بالإضافة إلى توفير خدمات الحماية المتكاملة والعنف القائم على النوع الاجتماعي.


الدكتورة إكرام حبوش، مديرة مستشفى إدلب للولادة في شمال غرب سوريا، هي أول طبيبة توليد تقود المرفق المدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. © صندوق الأمم المتحدة للسكان/دينا علي


الدور الحيوي لمقدمات  الخدمات 

ووسط التهديدات الأمنية المتزايدة في المناطق الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية والوسطى من سوريا – ومع النقص الحاد في التمويل الذي يؤثر على النظام الإنساني بأكمله – اضطرت العديد من مرافق التوليد الطارئة ورعاية الأطفال حديثي الولادة لتعليق خدماتها.

وفي شمال غرب سوريا وحدها، تظهر بيانات صندوق الأمم المتحدة للسكان أن هذه التحديات تركت أكثر من 2 مليون شخص يحصلون بالكاد على أي دعم حيوي، وحوالي 500,000 امرأة وفتاة لديهن وصول محدود فقط لخدمات الصحة الجنسية والإنجابية الحيوية.

لسد هذه الفجوة، تدخلت مقدمات الرعاية الصحية في سوريا، اللواتي تسعى إليهن النساء والفتيات للحصول على التعاطف والدعم ليس فقط أثناء الحمل والولادة، ولكن أيضا استجابة للممارسات الضارة مثل العنف القائم على النوع الاجتماعي.

يمكن أن تكون الصدمة الناجمة عن مثل هذه التجارب منهكة، مما يجعل الدعم النفسي والاجتماعي أولوية لمقدمي الرعاية الصحية في سوريا. يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان تدريب القابلات في جميع أنحاء البلاد لضمان رعاية النساء الحوامل والأمهات والأطفال حديثي الولادة بشكل صحيح وتلقي الدعم الاستشاري للقضايا النفسية مثل اكتئاب ما بعد الولادة - وهي حالة أصبحت منتشرة بشكل متزايد مع استمرار الأزمة في البلاد.

"تفضل النساء والفتيات في مجتمعنا بقوة أن يفحصن من قبل أطباء التوليد الإناث بدلا من الذكور" ، أوضحت الدكتورة نجوان خيزران، التي تعمل في مستشفى إدلب.

تقول القابلة آمنة مرعي التي تعمل في مستشفى قاح في إدلب، المدعوم  من صندوق الأمم المتحدة للسكان وسامز: "بصفتي قابلة تتمتع بخبرة 30 عاما، تعلمت أن دعم الأمهات الجدد خلال اكتئاب ما بعد الولادة أمر بالغ الأهمية. وبالإضافة إلى تقديم المشورة، يمكن للقابلات إحالة الحالات للحصول على الدعم النفسي وتقديم توصيات لمساعدتهن على اجتياز هذه المرحلة الصعبة".


"هدفي هو حماية حياة النساء والفتيات في واحدة من أكثر مناطق العالم تضررا من الأزمات،" قالت الدكتورة إكرام حبوش لصندوق الأمم المتحدة للسكان. © صندوق الأمم المتحدة للسكان/دينا علي


 

تمكين النساء في مجال الرعاية الصحية

في العام الماضي، ضمنت برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان حصول ما يقرب من 1.9 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وتلقى أكثر من 880,000 شخص دعمًا للوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والاستجابة له. ومع ذلك، كان عام 2023 واحدًا من أسوأ الأعوام بالنسبة للنساء والفتيات السوريات منذ ما قبل الوباء - ويعني نقص التمويل أن الأمور ستزداد سوءًا في عام 2024 حيث يحتاج 16.7 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية.

في الأزمات الممتدة مثل سوريا، تواجه العديد من النساء والفتيات أعرافا اجتماعية ضارة مثل الزواج المبكر وزواج الأطفال، فضلا عن عدم المساواة بين الجنسين الراسخة التي تجبرهن على القيام بأدوار تقديم الرعاية بدلا من إعطاء الأولوية لوظائفهن أو إمكاناتهن الأكاديمية.

وعلى الرغم من الصعاب التي تراكمت بشكل متزايد ضد النساء والفتيات في سوريا، قالت ليلى بكر، المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية: "إن صمود النساء والفتيات  استثنائي. لقد تجاوزت الكثيرات ظروفهن، وأصبحن رائدات مجتمعيات وناشطات وصاحبات أعمال، يسعين جاهدات من أجل مستقبل أفضل لأنفسهن ومجتمعاتهن".وأضافت بكر:" وتعبر هذه المثابرة على عزيمتهن التي لا تتزعزع على أهمية ليس فقط تلبية الاحتياجات الفورية ولكن أيضا الاستثمار في رفاههن وتمكينهن على المدى الطويل".

بالنسبة للدكتورة حبوش، فإن رسالتها إلى زميلاتها السوريات هي أن يكن شجاعات. "عندما تكوني مدفوعة بقضية تؤمنين بها إيمانا راسخا، لا تشكي للحظة في قدرتك على إحداث التغيير لمجرد أنك امرأة."