أنت هنا

الرباط ، المغرب - تتذكر السيدة نجاة بالوي، وهي قابلة في الدار البيضاء، التفاصيل الكاملة لكل الأخطاء الفظيعة التي أحاطت بإحدى الولادات. تقول السيدة بالوي: "كانت ولادة طبيعية تسير بشكل طبيعي لكن بعد عدة ساعات توقف كل شيء فجأة."
أدركت السيدة بالوي تعرض الحالة لخطر تمزق الرحم، وسارعت لإدخال المريضة إلى غرفة العمليات لإجراء عملية قيصرية طارئة. وتذكر السيدة  "أثناء التدخل الطبي، أكد الطبيب أن الرحم قد بدأ في التمزق."لحسن الحظ فقد نجت المرأة هي وطفلها. ولكن لو جرت هذه الحادثة قبل 20 عامًا ، ربما كانت النهاية مختلفة تمامًا.
لقد كانت معدلات وفيات الأمهات في المغرب أعلى بكثير في عام 2000، حيث توفيت 188 إمرأة من بين كل 100,000 ولادة حية. ولكن هذا الواقع تغير بحلول عام 2017، حيث انخفضت وفيات الأمهات بنسبة 63 في المئة وفقاً لآخر إحصائيات الأمم المتحدة. فيما يظهر المسح الوطني المغربي حول صحة السكان والأسرة انخفاضا بنسبة 68 في المائة في وفيات الأمهات في الفترة بين 1997 و 2018.
تلعب القابلات دورًا رئيسيًا في نجاة الأمهات، وباتت الولادات أكثر أمانا  مع دخول المزيد من القابلات المحترفات إلى القوة العاملة، واليوم، تساعد القابلات المحترفات حوالي 89 في المائة من الولادات في المغرب.
 

القابلات في قلب الرعاية الصحية الإنجابية


أرادت نعيمة رواني أن تصبح قابلة بعد تجربتها الإيجابية في تلقي الرعاية من قابلة. "لقد أدى هدوئها وتوافرها ليلاً لتلبية احتياجاتي وأسئلتي إلى اختيار هذه المهنة التي غيرت حياتي" © صندوق الأمم المتحدة للسكان

تقوم القابلات بأكثر من مساعدة النساء أثناء الولادة.
أوضحت السيدة نعيمة رواني، وهي قابلة منذ أكثر من 20 عاما وتدرس القبالة، أن رعاية القبالة تشمل تدابير وقائية وفحص الحالات غير الطبيعية عند الأمهات والأطفال وطلب المساعدة الطبية عند الضرورة. وتضيف أن القبالة تلعب دورًا مهمًا في التثقيف الصحي للنساء وجميع أفراد الأسرة."
وتقول السيدة خديجة بهزاد، وهي أيضا قابلة منذ زمن طويل، "إن القابلة توفر خدمات تنظيم الأسرة والتطعيم والتعليم الصحي وإدارة انقطاع الطمث وما بعده".

توفر القابلات رعاية سرية وبدون أي عنصرية للنساء والفتيات المهمشات.

وقالت السيدة بهزاد لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "في مسيرتي المهنية، الأمهات العازبات اللاتي ساعدتهن أثناء الولادة كان لهن التأثير الأكبر على. غالباً ما يتم رفضهن من قِبل عائلاتهن، لم يتم مراقبة حالات حملهن من قبل متخصصي الرعاية الصحية. لقد أتين وحدهن وأحيانًا لم يكن لديهن ملابس لأطفالهن. شعرت بهذه المسؤولية تجاههن لتوفير الرعاية المناسبة لاحتياجات هؤلاء النساء، من أجل إعطائهن الثقة وضمان رفاهيتهن ورفاهية مواليدهن."
تعاني القابلات وخدمات القبالة من نقص الموارد في جميع أنحاء العالم. قالت السيدة بهزاد: "غالباً ما يتم تجاهل دور القابلة."
اليوم، يمكننا وقف من ما يقرب من 75% من وفيات الأمهات في المغرب؛ وتحدث أكثر من ثلثي هذه الوفيات في المناطق الريفية، حيث تقوم القابلات بالتوعية. ويمكن للقابلات المساعدة في تجنب غالبية هذه الوفيات إذا تم توفير الدعم والموارد والتدريب بشكل أكبر.

"القبالة فن"

بدأ الصندوق دعم برامج القبالة في المغرب عام 2000  بالشراكة مع وزارة الصحة ومجموعات القبالة المحلية بما في ذلك الجمعية المغربية للقابلات والرابطة الوطنية للقابلات.

هذه الشراكات مستمرة فالسيدات بالوي ورواني وبهزاد يساعدن في تيسير برامج التثقيف والتدريب في مجال القبالة التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان. وقد تم الوصول إلى أكثر من 100 قابلة مغربية في هذه الدورات التعليمية في عام 2019، بالإضافة إلى طلاب القبالة والمعلمين من خمس دول عربية وإفريقية من خلال دورة التعلم عن بعد التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان من الرباط.

تقول نجاة بالوي: "لقد صاغت مهنة القبالة صبري وحكمتي"

تتناول هذه الدروس رعاية التوليد في حالات الطوارئ  وخدمات الصحة الإنجابية وحقوق الإنسان والطوارئ الإنسانية  والأخلاقيات ومهارات التواصل وغيرها من المواضيع الهامة، ويأمل مدربون القبالة أن تزيد جهودهم من تحسين صحة النساء وأطفالهن. وتقول السيدة بهزاد لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "أحلم باليوم الذي لا نسمع فيه عن وفيات الأمهات والمواليد الجدد في بلدنا."
أعلنت جمعية الصحة العالمية عام 2020 السنة الدولية لكادر التمريض والقِبالة اعترافا بأهمية هذه المهن، لكن بالنسبة للقابلات مثل السيدة بالوي ، فإن أكبر مكافأة هي العمل نفسه.
وقالت: "في كل مرة أساعد فيها امرأة، أشعر بالفخر لأنني شاهدة على اللحظات الأولى من حياة إنسان. أنا شخصياً أعتقد أن القبالة فن."