أنت هنا

"عبور ذلك الجسر كان بمثابة معجزة لا أعرف كيف  تمكنت من القيام بها"، تقول القابلة هاجر، التي تتذكر كفاحها للوصول إلى امرأة جاءها المخاض وسط فيضان قوي في بني حسان، المغرب.

"انقطعت الكهرباء وتقطعت بالناس السبل، وولم تتوفر أي وسيلة لنقل تلك المرأة عبر ذلك الجسر الصغير،  لذلك كان علي أن أصل إليها لأساعدها على الولادة في المنزل."

في المناطق النائية، غالبًا ما تكون القابلات نقطة التواصل الأولى والوحيدة مع نظام الرعاية الصحية للعديد من النساء والفتيات. وتضاعف الكوارث من صعوبة  الوصول إليهن.


القابلة هاجر جلسة توعية في مركز ولادة. ©صندوق الأمم المتحدة للسكان في المغرب

رغم التحديات الكبيرة، سهرت هاجر لتضمن أن تتم الولادة في أفضل الظروف الممكنة، باستخدام حقيبة الولادة لضمان نجاة الأم ومولودها.

إلى ما بعد الولادة

 "لقد ساعدتني هذه الرحلة الشخصية على تعزيز تعاطفي وسمحت لي بخلق تواصل أكثر ودية مع الناس."، تقول هاجر، التي تعمل اليوم على تدريب  القابلات الأخريات.

من خلال تجربتها الشخصية في الولادات ومشاركة القصص الإنسانية، تُظهر هاجر كيف يمكن نشر الوعي بما يتجاوز تجربة الوضع من أجل مساعدة النساء والفتيات والمجتمعات على معالجة مجموعة من قضايا الصحة الجنسية والإنجابية طوال الحياة.

في جميع أنحاء المغرب، يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان مع القابلات مثل هاجر ومجموعة من الشركاء لنشر المعلومات حول الصحة الجنسية و الإنجابية، وتنظيم الأسرة، وصحة الأمهات، والإدارة الصحية للعادة الشهرية، ومواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وغيرها من القضايا في المجتمعات التي تواجه صعوبة في الوصول إلى المعلومات.

"نحن نسد الفجوة بين المجتمعات ونظام الرعاية الصحية، ونضمن أخذ احتياجات ووجهات نظر النساء والفتيات في الاعتبار عند التخطيط والاستجابة"، تقول القابلة خديجة.


خديجة، إحدى القابلتين اللتين قامتا بإدارة الجلسة التعريفية حول الصحة الجنسية والإنجابية. ©صندوق الأمم المتحدة للسكان المغرب/حسن الشابي

تساهم القابلات كذلك في مكافحة العنف ضد النساء والممارسات الضارة مثل زواج الطفلات و تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية (ختان الإناث).

"أنا سعيدة بأن أكون سفيرة للصحة الإنجابية والتزم بمشاركة المعلومات الأساسية حول تنظيم الأسرة ورعاية الأمهات والوقاية من السرطان والوقاية من العنف ضد النساء والفتيات"، تقول عائشة، التي شاركت في أولى ورشات التوعية التي تم تنظيمها في العيايدة، في الشمال الغربي بالمغرب، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان.


عائشة خلال مشاركتها في الجلسة التعريفية حول الصحة الجنسية والإنجابية التي نظمتها القابلات.©صندوق الأمم المتحدة للسكان المغرب/حسن الشابي

تأثير على نطاق واسع

حقق المغرب تقدماً ملحوظاً في خفض معدل وفيات الأمهات في السنوات الأخيرة، حيث أن هذا المعدل لا يتجاوز إلا بشكل طفيف هدف 70 وفاة لكل 100،000 نسمة والذي تصبو أهداف التنمية المستدامة إلى تحقيقه بحلول عام 2030.

"تلعب القابلات دوراً حاسماً في نجاح المغرب في تقليل معدلات وفيات الأمهات والمواليد على مر السنين، ويفخر صندوق الأمم المتحدة للسكان بدوره الرئيسي في ذلك منذ 1975. الاستثمار في القابلات ينقذ الأرواح، ويقوي المجتمعات، ويحقق مكاسب اجتماعية واقتصادية أوسع بكثير"، تقول مارييل ساندر، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في المغرب.

أظهرت دراسة حديثة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان في المغرب أن كل دولار يتم استثماره في مهنة القابلة، يوفر  16 دولاراً  في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.