محافظة إب، اليمن- خلود البالغة 28 عاماً ليست غريبة على الصدمات النفسية.
في طفولتها، تعرضت خلود للأذى الجسدي والإساءة اللفظية من قبل زوجة والدها التي كانت تحرمها من الطعام. قررت خلود أن تصبح قابلة اجتماعية فأكملت تعليمها المدرسي لكن فرصة الفرار كانت لا تُقاوم في سن السابعة عشرة رغم المخاطر.
توضح خلود: " لم أكن أعرف أي شيء عنه لكني وافقت على الزواج منه من أجل الهروب من هناك."
تصاعد النزاع في اليمن بعد ثلاث سنوات من زواج خلود فأخذت الأمور منحاً قاتماً. اضطرت العيادة التي كانت تعمل فيها خلود على الإغلاق، وفقد زوجها عمله.
تقول خلود:" بدأ زوجي باستغلالي." اولاً بمصادرة كل أموالي وبيع ممتلكاتي من أجل فتح عيادة خاصة بي لأعمل بها." " ثم بعد ذلك بدأ يستحوذ على كل المال الذي أتقاضاه وإجباري على العمل ليلاً ونهاراً وترك الأطفال معي للعناية بهم أثناء عملي."
بعدما أصابها اليأس، لجأت خلود إلى والدها لكن مخاوفها على سلامة اطفالها أجبرتها على العودة إلى زوجها.
تقول خلود:" لقد حطمني الاستغلال والإهانة حتى أصبحت حالتي أسوأ من أي وقت مضى."
ارتفاع احتياجات الصحة العقلية والنفسية
لقد أثر الصراع والحرمان بشكل كبير جداً على الصحة النفسية لليمنيين خاصة النساء والفتيات. فلا تزال خدمات الرعاية الصحية النفسية شحيحة ويتعرض المرضى الذين يعانون من الأمراض النفسية للوصمة الاجتماعية.
بينما يحتاج نحو سبعة مليون شخص للرعاية الصحية النفسية، يتمكن فقط 12000 ألف شخص من الوصول لهذه الخدمات دون عراقيل. ولا يوجد سوى عدد قليل جداً من الأخصائيين النفسيين في اليمن بمعدل أخصائي واحد لكل 700,000 ألف شخص.
وتعاني النساء والفتيات من أثر أكبر على صحتهن النفسية والعقلية مع تزايد مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي في أوقات الأزمات.
وتحتاج حوالي 7.1 مليون من النساء والفتيات في اليمن لخدمات الوقاية والعلاج من العنف القائم على النوع الاجتماعي بينما تنعدم هذه الخدمات.
ونتيجة لخيارات الإيواء المحدودة وانهيار آليات الحماية، يزداد تعرض الفتيات أيضاً لزواج الأطفال والاتجار بالبشر والتسول وعمالة الأطفال.
مساحة آمنة للعلاج
سمعت شقيقة خلود لأول مرة عن الدعم المجاني للصحة النفسية عبر الإذاعة ، وعلى الفور أخبرت خلود التي حجزت لنفسها موعداً لليوم التالي.
وبمجرد وصول خلود إلى مركز رعاية الصحة النفسية المدعوم من الاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية، تم إحالتها فوراً لأخصائي الرعاية النفسية وحصلت على الأدوية مجاناً.
تعافت خلود بشكل تام بعد خمسة أشهر من العلاج، فتم إحالتها إلى مساحة آمنة يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان من أجل الحصول على الدعم القانوني لتتمكن من الطلاق وحضانة أطفالها.
تقول خلود:" في اللحظة التي تفقد فيها كل الأمل والإرادة لتعيش يأتي الفرج فجأة. بهذه الطريقة أنقذ مركز الرعاية الصحية النفسية حياتي."
يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان ستة مراكز للرعاية الصحية النفسية والعقلية في اليمن بتمويل من حكومة كندا والاتحاد الأوروبي للمساعدات الإنسانية والنرويج ومكتب المساعدات الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وصلت خدمات الدعم النفسي الاجتماعي التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان لأكثر من 100,000 ألف شخص في العام 2023. في حين شكلت الناجيات من العنف القائم على العنف الاجتماعي ثلاثة أرباع الحالات التي استفادت من هذه الخدمات.
تقول خلود التي استأجرت منزلاً صغيراً بالقرب من أختها: "الآن أعتني بالصحة العقلية والنفسية لي ولاطفالي بعيداً عن الاستغلال والإساءة والإرهاق."
لقد ساعدها العاملون في مركز الصحة النفسية كذلك في الحصول عمل في أحد المستشفيات القريبة.
تختم خلود بالقول: "يقدر الناس عملي ويحترمونني وهذا سبب رغبتي بأن أكون قابلة، وها أنا أخيراً أحصل على ما استحقه."