أنت هنا

الأمم المتحدة/ صنعاء – تزوجت رحمان* في عمر الخامسة عشر من رجل عنيف. وتتحدث رحمان لصندوق الأمم المتحدة للسكان في محافظة حجة، "عشت حياة صعبة للغاية في عام زواجنا، كانت حياة مليئة بالعنف والإساءة "

أصبحت ظاهرة زواج الأطفال بمثابة أداة للتكيف تلجأ إليها أعداد مقلقة من الأُسَر في اليمن كوسيلة لمواجهة حالة عدم الاستقرار المتصاعدة. فمع الصراع الدامي المستمر الذي أجحف باليمن لأكثر من ثمانية أعوام، يعاني الأهالي من النزوح القسري الجماعي، علاوة على الأزمة الاقتصادية الوخيمة وانهيار الكثير من الخدمات الاجتماعية ونظم الحماية الحيوية. حاليًا، تُجبر ثلثا الفتيات في اليمن على الزواج قبل سن الثامنة عشر.

لم يوفر الزواج لرحمان حياة الدعم والاستقرار الدائمة، بل عند فرارها هي وزوجها هربًا من الحرب، عانت من عنف زوجها كمن استجار من الرمضاء بالنار، ولسخرية القدر جاء العون والراحة في تخلي زوجها عنها. أضافت رحمان، "قرر زوجي أن يطلقني بحجة أنه لا يستطيع توفير الطعام لي بعد النزوح". 

تنحدر الأوضاع في اليمن إلى الأسوء مع تزايد القيود على حرية النساء والفتيات والتشديد عليهن في مناطق عديدة في اليمن. في بعض مناطق شمال اليمن، على سبيل المثال، لا تستطيع المرأة أن تعمل باستقلالية بسبب نظام المٍحرم الذي يُجبر المرأة أن يرافقها رجل (مٍحرم) في السفر. إن حوالي 12,6 مليون امرأة في حاجة اليوم إلى الخدمات الضرورية لبقائهن على قيد الحياة كخدمات الصحة الإنجابية وخدمات الحماية.

وصرحت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، ناتاليا كانيم، قائلة: "لم تترك الحرب في اليمن خلفها سوى الدمار التام ا، فالنساء والفتيات هن ضحايا عواقبها الوخيمة"،. 

التمييز القائم على النوع الإجتماعي يزهق الأرواح

حوالي ثلاثة أرباع النازحين البالغ عددهم 4,5 مليون في اليمن من النساء والأطفال، حيث تعيل النساء 26% من الأسر النازحة، ومع ذلك تستمر القوالب النمطية للتمييز القائم على النوع الاجتماعي في إعاقة قدرة النساء على إعالة أنفسهن وأُسرهن. أما بالنسبة لنظام المٍحرم، فكان السبب في تقييد دور العاملات في مجال المساعدة الإنسانية من أجل توفير الخدمات والدعم الحيويين.

إن قرابة 7,1 مليون امرأة في اليمن تحتاج للوصول بشكل ضروري إلى الخدمات التي تمنع العنف القائم على النوع الإجتماعي والتصدي له، ولكن للأسف تلك الخدمات محدودة للغاية ومنعدمة تمامًا في بعض المناطق.

حالف الحظ رحمان عندما علمت بوجود المساحة الآمنة المخصصة للنساء والفتيات التي يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان في مخيم النزوح.

في هذا المكان تلقت المعونة النقدية كما وُجهت إلى المنشأة الصحية. قالت رحمان، "بدأت أشعر بتحسن".

ثم أضافت "سأشارك قريبًا في برنامج دعم سبل العيش الذي توفره المساحة الآمنة حتى أتعلم حرفة وأبدأ حياة جديدة بلا عنف او اساءة"


تشمل خدمات الحماية المساحات الآمنة وخدمات التوجيه، بالإضافة إلى التدريب على مهارات سبل العيش مما يُمكِن النساء من إعالة أنفسهن وأسرهن. ©صندوق الأمم المتحدة للسكان اليمن


وصول احتياجات الصحة الإنجابية لمستويات حرجة 

إن النظام الصحي في اليمن في حالة يرثى لها، وتعتبر معدلات وفيات الأمهات الأعلى في المنطقة، حيث تموت امرأة كل ساعتين أثناء الولادة لأسباب يمكن تجنبها.

"سُمية"  25 عامًا المقيمة في مدينة تعز، كانت على وشك أن تصبح إحدى هذه الضحايا. كانت سُمية في الشهر السادس من الحمل عندما طردها زوجها من المنزل مع أطفالها الخمسة. اضطرت سُمية للعمل في إحدى المزارع والقيام بأعمالها الشاقة مما أدى إلى تدهور صحتها. 

شَخص الأطباء حالة سُمية بمضاعفات حادة مرتبطة بالحمل ونصحوها بالتوجه إلى المساحات الآمنة المخصصة للنساء والفتيات كي تتلقى الدعم اللازم. حصلت سُمية على معونة نقدية لتلقي رعاية التوليد. ولكن للأسف الشديد، عاشت سُمية مأساة الإملاص، وتلقت بعدها الرعاية الطبية والنفسية اللازمة من أجل التعافي.

قالت سُمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "لم أعد أشعر بالحزن والقلق الشديدين".

إن رعاية الولادة التي كان لها الفضل في إنقاذ حياة سُمية محدودة بشكل كبير في اليمن.

أقل من نصف عمليات الولادة في اليمن تجريها فرق طبية متمرسة، وواحدة من كل خمس منشآت صحية قائمة حتى الآن توفر خدمات صحة الأم والطفل.

صندوق الأمم المتحدة للسكان هي الجهة المانحة الوحيدة التي توفر أدوية الصحة الإنجابية اللازمة للعيش في البلاد، ولكن نقص التمويل المزمن يعيق من تقديم هذه الرعاية. فحوالي 93 منشأة صحية على وشك الإغلاق في حين تعاني المنظمة من قلة التمويل.



يتحدث فريق الحماية مع النساء والفتيات من أجل تلبية احتياجاتهن. ©صندوق الأمم المتحدة للسكان اليمن

المناشدات مازالت جارية

في 27 من شباط/ فبراير، أطلق صندوق الأمم المتحدة للسكان مناشدة للحصول على 70 مليون دولار أمريكي لاستكمال برامجه المتعلقة بالصحة الإنجابية وحماية النساء والفتيات.

وعلى الرُغم من نقص التمويل المستمر لعمليات المساعدة الإنسانية في اليمن، استطاع صندوق الأمم المتحدة للسكان أن يُلبي نداء أكثر من 2.7  مليون امرأة وفتاة في عام 2022. شاركت جهات داعمة في هذا العمل مثل كندا و الصندوق المركزي للاستجابة لحالات الطوارئ والدنمارك والاتحاد الأوروبي وآيسلندا ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية وهولندا والنرويج وقطر، والسويد، وسويسرا، بالإضافة إلى مكتب الإغاثة الإنسانية التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) وصندوق التمويل الإنساني في اليمن.

إن توفير المساعدات والمعونات في عام 2023 سيشكل تحديًا كبيرًا مقارنة بالعام الماضي. ويجب علينا ألا نترك النساء والفتيات في اليمن يتخلفن عن الركب، وتقول ناتاليا كانيم: "يجب التحرك الآن لإنقاذ حياة النساء والفتيات وتقديم الدعم اللازم الذي تشتد الحاجة إليه وتوفير الفرص لضمان مستقبل أفضل".

*تم تغير الأسماء للحفاظ على الخصوصية والحماية.