أنت هنا

الأمم المتحدة، نيويورك – هيمنت المآسي على عناوين الأخبار. وقد بلغت الحرب والاضطهاد مبلغا جديدا مروعا هذا العام: فقد ازداد عدد الأشخاص النازحين والمشردين من ديارهم أكثر من أي وقت سابق في تاريخ البشرية، بحسب ما أعلنت وكالة الأمم المتحدة للاجئين في يونيو/حزيران. ويبدو التقدم بطيئا بصورة مؤلمة. تموت أكثر من 800 إمرأة كل يوم لأسباب تتعلق بالحمل، ومعظم هذه الوفيات من الممكن الوقاية منها. وتجد ملايين الفتيات أنفسهن محاصرات في دائرة من الفقر المدقع وزواج الأطفال والحمل فى سن المراهقة – وهي محن مستمرة على مر الأجيال.

من السهل أن يشعر المرء بالاستسلام. إلا أن التغيير ممكن.

وقد شهد صندوق الأمم المتحدة للسكان آلاف الأمثلة على التغيير الذكي والشجاع والفعال والإيجابي، من فتيات ينقذن قريناتهن من زواج الأطفال إلى شباب يبتدعون حلولا جديدة تماما لمشكلات ضاربة في القدم.

إليكم 10 قرارات للعام الجديد، مُستلهمة من أشخاص حقيقيين يعملون كل يوم من أجل تغيير العالم.

1.ابدأ في وطنك

 

صبا وأمها ترفعان صوتهما ضد زواج الأطفال. صورة مستوحاة من صور مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان-الأردن/سيما دياب

تبدو مشكلات العالم ضخمة للغاية، ويمكن أن يكون من الصعب أن يعرف المرء من أين يبدأ. ولكن في بعض الأحيان يكون أفضل مكان للبدء هو مجتمع المرء ذاته. وهذا هو ما قامت به ازدهار وابنتها صبا، صاحبة الـ15 عاما.

إرتفع معدل زواج الأطفال بين اللاجئين السوريين في الأردن بشكل كبير حيث تكافح الأسر لمواجهة الفقر وانعدام الأمن. "إذا كان هناك أسرة تعيش بكاملها داخل كرافان – الأم والأب والعديد من الأطفال – حينئذ يكون من الأسهل أن ترسل الأسرة إحدى أطفالها كعروس لأسرة أخرى." قالت ازدهار التي تعيش في مخيم الزعتري.

بدأت هي وصبا التدخل بمحاولة إقناع الفتيات برفض زواج الأطفال وحث الآباء على إرسال بناتهم إلى المدرسة بدلا من ذلك.

قالت صبا: "عندما تحصل الفتاة على التعليم والشهادة الدراسية، يكون لديها فرصة للحصول على وظيفة جيدة بدلا من زوج يتحكم بها."

 

2. العمل معا

الدكتور جوزيه لويس بالما فيليز على متن "القارب الصحي". صورة مستوحاة من صور صندوق الأمم المتحدة للسكان/جوزيه أنطونيو غواياسامين

 

يمكن التغلب على التحديات الضخمة من خلال العمل كفريق. وهذا ما أثبته سكان القرى في مجتمعهم البعيد في غابات الأمازون المطيرة.

لطالما كانت النساء الحوامل في المنطقة تعانين من أجل الحصول على الرعاية الصحية. لذا اجتمع أفراد المجتمع معا لشراء زورق قديم وقاموا بتعديله ليصبح عربة إسعاف مائية. ويستخدم الزورق الذي يُطلق عليه اسم "زورق الصحة" في نقل النساء إلى أقرب مستشفى أوعيادة طبية.

قالت الدكتورة بالما فيليز، من مركز بويرتو إل كارمن الصحي: "إذا تخلفت إحدى النساء عن موعد متابعة ما قبل الولادة، فمن السهل الوصول إليها وإعطاءها الدعم المناسب بحيث تتمكن من الحصول على الرعاية الطبية التي تحتاجها."

3. ثق في نفسك

بدءاً من عبوة للمقرمشات، أنشأت سيبونغيل ماجاورا مشروعا مزدهرا. صورة مستوحاة من صور مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان-زيمبابوي/نيكيتا ليتل

 

 

ثق في قدرتك على تغيير العالم. إن أي عمل حتى ولو كان صغيرا يمكن أن يكون له تأثير كرة الثلج لإحداث فارق هائل.

عندما كانت سيبونغيل ماجورا في عامها الـ11، كانت تتغيب عن مدرستها بانتظام بسبب عدم سداد الرسوم المدرسية. ولكنها بمساعدة مرشدة أحد أندية الفتيات، افتتحت مشروعها الخاص. فقد بدأ الأمر عندما أعطت المرشدة سيبونغيل عبوة من المقرمشات من منتجات الذرة. قامت سيبونغيل بمقايضة المقرمشات بالذرة الخام الذي باعته بـ15 دولارا. ثم استخدمت هذا المبلغ لشراء دجاجتين واللتين أنتجتا بدورهما كتاكيت باعت الواحد منها بـ5 دولارات. وفي غضون شهر، كانت كسبت من المال ما يكفي لدفع مصاريف المدرسة وشراء الزي والأدوات المدرسية.

واليوم، تكسب ما يكفي لدفع مصروفات المدرسة لنفسها ولشقيقها ولشراء الأدوات الأساسية لأسرتها.

قالت والدتها: "ما فعلته ابنتنا هو بمثابة معجزة بالنسبة لنا."

4. كن رائدا

قضى دارسوا التكنولوجيا النايمبيون يوما للتوصل إلى 8 طرق مبتكرة لمعالجة العنف ضد المرأة. صورة مستوحاة من صور مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان – ناميبيا/إيما مبيكي

 

أحيانا يكمن السر في قليل من التفكير الإبداعي.

في مسابقة أقيمت بناميبيا، أمضت مجموعة من الشباب المهتمين بالابتكارات التكنولوجية، 24 ساعة في محاولة ابتكار وبناء أساليب تستند إلى التكنولوجيا لمكافحة العنف القائم على النوع. وفي غضون يوم واحد واحد فقط، كانوا قد ابتكروا 8 مشاريع تقنية متطورة لمساعدة النساء على الإبلاغ عن العنف، وتسجيل الأدلة لتقديمها إلى السلطات، وتنسيق عمل وكالة معنية برفاهية الحياة الفعلية.

قال بيتون نياماباندي، أحد الشباب المشاركين في المسابقة التقنية: "يمكن للتكنولوجيا أن تكون قوة نافذة تتيح فرصا مدهشة."

5. استمع أكثر

زوجان يظهران جهازا جديدا يساعد على الولادة بوضع منتصب القامة، صورة مستوحاة من صور بانوراما/كارلوس جوميز.

تظهر المشاكل – والحلول - عندما نعطى وقتا للاستماع.

حتى وقت قريب، كانت النساء من السكان الأصليين في بلدة فيلكاشوامان في بيرو يضطررن إلى التخلي عن تقاليدهن المتعلقة بالولادة عندما يتوجهن لإحدى العيادات للولادة. ونتيجة لذلك كانت النساء تشعرن بأن النظام الصحي لا يرحب بهن وأن المعاملة اللاتي كن يلقينها كانت تحط من كرامتهن. قالت كليليا ريفيرا، زعيمة إحدى جمعيات النساء الأصليات: "عندما تتوجه إحدى النساء للولادة يُطلب منها خلع ملابسها. لكن ليس سهلا بالنسبة إلى سيدة من السكان الأصليين أو من الريف أن تتجرد من ملابسها أمام الغرباء."

عملت الجمعية مع صندوق الأمم المتحدة للسكان من أجل إقناع المسؤولين الصحيين بعمل تغييرات تلائم تقاليد السكان الأصليين. واليوم، بمقدور النساء الحصول على الرعاية بلغتهن الأم كما يمكنهن شرب مشروب المتّة  أثناء الولادة، بل ويمكنهن الولادة وهن منتصبات القامة وهي "أسرع وأكثر سلامة وأقل ألما وأكثر إنسانية" بحسب الدكتورة مارلين سايرا، وهي طبيبة توليد محلية.

6. اجعل حياتك الخاصة مصدرا للإلهام

تساعد الدكتورة نوزت الناجيات من الانتهاك والعنف بدافع من تجربتها الشخصية كنازحة. صورة مستوحاة من صور مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان فى العراق/تورشينكوفا
 

 

هذا ما قامت به نغم نوزت. ففي 2014، ومع تضييق تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الخناق على مدينة سنجار العراقية، اضطرت طبيبة النساء والتوليد التى تبلغ من العمر 38 عاما إلى الفرار من ديارها. كانت تجربتها الشخصية مروعة، لكنها سرعان ما علمت بأن كثيرا من النساء والفتيات واجهن مصيرا أسوأ بكثير.

حيث أفادت تقارير بحدوث انتهاكات بدنية وعنف بل وعبودية جنسية خاصة بين المنتميات للأقلية الإيزيدية.

كرست الدكتورة نوزت نفسها لمساعدة أولئك النساء والفتيات، وكان دافعها "ليس فقط لأنه واجبي كطبيبة، بل لأنني شهدت أيضا ما تمر به الناجيات عندما نزحت خارج بلدتي."

اليوم تعمل الدكتورة نوزت في مركز بدهوك فى العراق، متخصص في رعاية الناجيات من كافة أشكال العنف القائم على النوع.

 

 

7. كن صديقا جيدا

نساء تعملن معا في مشروع بناء في جمهورية أفريقيا الوسطى. صورة مستوحاة من صور صندوق الأمم المتحدة للسكان

 

يمكن للصداقة أن تكون منقذة للأرواح. ففي مخيم للنازحين في جمهورية أفريقيا الوسطى التي مزقتها الحرب، كانت ماتيلدي تكافح لإعالة نفسها مع عدم وجود شريك أو أبوين – وبعد ذلك اكتشفت أنها حامل. قالت ماتيلدي لصندوق الأمم المتحدة للسكان: "لقد مات والد الطفل وأنا يتيمة ولم تكن لدي الوسيلة لرعاية حملي."

لكنها وجدت المساعدة من برنامج متفرد اسمه "إيتا أوالي" والتي تعني "أقرب الأصدقاء لي". حيث اصبحت إحدى المرشدات بالبرنامج صديقة مساندة لها وساعدتها على الحصول على الرعاية بل والعثور على عمل. قالت ماتيلدي: "اليوم أبيع الكعك، وهذا يكفي لرعاية طفلي."

 

8. البحث عن الدعم في الأماكن غير المتوقعة

المنجم والكاهن ديف دوتا بهاتا يناضل ضد زواج الأطفال. صورة مستوحاة من صورمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان فى نيبال/سانتوش تشيتري 

 

يمكن لأي شخص أن يكون حليفا لك. في أقصى نيبال الغربية، تكاتف المنجمون والشامانون والمعالجون الروحانيون والكهنة الهندوسيون لمواجهة زواج الأطفال. قال الشامان شيام بهادور بهاندري: "لا نساعد الناس على التخلص من الأرواح الشريرة والمرض فحسب، بل نناضل أيضا ضد الشرور الإجتماعية كزواج الأطفال." 

ويستعمل المنجم والكاهن ديف دوتا بهاتا الـ"شينا" - خريطة النجوم الخاصة بالفتاة – لتحديد عمرها، ثم يحث والديها على الانتظار حتى تبلغ الفتاة 20 عاما قبل الترتيب للزواج. وقد قال: "تاريخ الميلاد المذكور في الشينا دائما ما يكون حقيقيا وهو ينبهنا إلى احتمال حدوث زواج الأطفال – والحاجة للوقوف ضد حدوثه."

9. لا تستسلم للخوف

قابلة تولد طفلا في مركز صحي في جوبا. صورة مستوحاة من صور مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان فى جنوب السودان/أرلين كالاجويان ألانو

 

حضرت القابلة آبر إيفالين لأداء عملها في مستشفى جوبا التعليمي، في جنوب السودان، قبل ساعات من نشوب المعركة التى اجتاحت المدينة. حيث وجدت نفسها وزملائها محاصرات دون وجود أي من الموظفين لإغاثتهم.
قالت السيدة آبر: "خشيت على حياتي،" لكن هذا لم يثنها عن عزمها،  فقد عملت مع طالبتين تتدربان على القبالة وطبيبة تخدير والمسؤول الطبي على مدار 5 أيام متوالية – ليلا ونهارا – فيما كانت الرصاصات تمرق عبر الشوارع بالخارج.

وتمكنت بمعاونة فريقها من إجراء 60 ولادة طبيعية و7 ولادات قيصريةلتنقذ أرواحا كثيرة.

 

10. تمرد على اليأس

خضعت فاطمة أحمد للختان وزواج الأطفال، لكن ما كان لهذين الأمرين إلا أن منحاها الدافع لمكافحة هذه الممارسات الضارة. صورة مستوحاة من صور صندوق الأمم المتحدة للسكان/أبراهام جيلا

كانت كل الأسباب تدعو فاطمة إلى اليأس: تعرضت للختان وهي طفلة ثم تزوجت وعمرها لم يجاوز 13 عاما. جعلت آثار الختان عملية الولادة شديدة الألم ومازات ذكريات الألم تطاردها. كما عانت مضاعفات خطيرة بعد الولادة ثم هجرها زوجها.

لكن فاطمة لم تسمح لتلك الظروف بإحباطها. فقد عادت للمدرسة وقامت بتربية ابنتها كأم عزباء. وانضمت لنادي للفتيات المتزوجات حيث ترفع هي وغيرها من العرائس الصغيرات السابقات أصواتهن ضد الختان وزواج الأطفال.

قالت فاطمة: "أنا مثال حي على الأضرار التي لا تحصى للختان وزواج الأطفال. وسأواصل تثقيف مجتمعي ليجنبوا فتياتهم هذه المحنة."