النساء على خط المواجهة
دوران الشاشة
لمحة عن الوضع في المنطقة
تغلب دوما صور الموت و العنف ومشاهد المنازل التي تتهدم بينما ترتفع مدن كاملة من الخيم في أوقات الحروب. وقد تغطي أصوات القذائف والعويل على غيرها من الأصوات فتصبح معاناة النساء والفتيات غير مرئية وتنسحب احتياجاتهن للوراء باعتبارها احتياجات ثانوية.
ويقع عدد من أسوأ مناطق النواعات في العالمية في منطقة الدول العربية ، وقد تم في العام الماضي الإعلان عن اليمن أسوأ كارثة إنسانية من صنع الإنسان. كما تدخل الأزمة السورية عامها التاسع وتتصدر سوريا ترتيب الدول كأكبر مصدر للاجئين على المستوى العالمي. وتعاني فلسطين من الآثار المدمرة لاحتلال استمر عقودًا وحصار يعزل قطاع غزة عن العالم. وتطول القائمة لتشمل ليبيا والعراق والصومال، فيما أدى قرب دول مثل لبنان والأردن من النزاع السوري لأزمة لاجئين طاحنة.
تستعرض سلسلة الأفلام الوثائقية القصيرة التي تعرض هنا تحت عنوان "لا زلت إمرأة" قصص حقيقية تستكشف الوجوه والحيوات المختبئة خلف الأرقام، وتُظهِر لمحة من تجارب النساء في النزاعات والأزمات الإنسانية. فتضطر النساء أحيانًا للهروب وهن حوامل، مما قد يتضمن السير لعدة ساعات في ظروف تهدد حياتهن. كما قد يضطررن للولادة دون الحصول على الرعاية الطبية المناسبة. وترتفع عرضة النساء لخطر العنف الجنسي، كما يضطررن لاحتمال الشعور بالإهانة وفقدان الكرامة الذي ينتج عن كثير من التجارب المختلفة في الشدة والقساوة أقلها المرور بالحيض دون القدرة على الحصول على فوط صحية.
عالميًا، تقع ثلثي وفيات الأمهات في مناطق الكوارث الإنسانية وسياقات الهشاشة حيث تموت أكثر من 500 إمرأة كل يوم لأسباب تتعلق بالحمل والولادة. فحتى في ظل تلك الأزمات، يُقدَّر عدد النساء الحوامل بأربعة في المائة من عدد السكان الكلي بغض النظر عن السياق والتوقيت. وحال عدم توفر الدعم المناسب، قد تتحول تجارب الحمل والولادة لأخطار تماثل في تهديدها لحياة المرأة خطر القذائف والرصاص.
في عام 2018، استطاع صندوق الأمم المتحدة للسكان تقديم الخدمات والمعدات والأدوية والمعلومات الخاصة بالصحة الإنجابية والمنقذة للحياة في ما يزيد عن 55 دولة متأثرة بالأزمات الإنسانية على المستوى العالمي، بما يتضمن منطقة الدول العربية. يركز عمل الصندوق في الكوارث الإنسانية على دعم المرافق الصحية الموجودة لتوفير رعاية التوليد الطارئة، وإرسال الفرق والعيادات الطبية المتنقلة للمناطق المحرومة، وتدريب القابلات للعمل في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وتوفير أدوية ومعدات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة، وإدارة المساحات الآمنة للنساء والفتيات لتوفير خدمات الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي والدعم للناجيات، بالإضافة للعمل مع شركاء العمل الإنساني والشركاء الوطنيين و الإقليميين للدفع من أجل وضع احتياجات النساء والفتيات على قائمة أولويات العمل الإنساني.
حياة جديدة من بين الركام
كانت دلال طفلة عندما اندلعت الحرب في سوريا. اليوم، في العشرين من عمرها، دلال نازحة داخليًا في سوريا، وأرملة فقدت زوجها في الحرب، ومعيلة وحيدة لابنها.
تحكي دلال عن مخاوفها الخاصة بابنها قائلة: "أحمل الكثير من الهم وأسأل نفسي: كيف سأربيه؟ أخشى من عدم تمكني من منحه ما يستحق."
بينما تدخل الأزمة السورية عامها التاسع، تحاول السوريات ممن تماثل ظروفهن ظروف دلال أن تتعامل مع أدوارهن الجديدة كمعيلات وحيدات لأسرهن. واحدة من كل ثلاث أسر في سورية تعولها إمرأة في سياق اقتصادي تقل فيه الفرص كثيرًا وتزداد فيه عرضة النساء للاستغلال والفقر. كما تزداد صعوبة قدرة النساء على إيجاد عمل بسبب اضطرار أمثال دلال لترك الدراسة بسبب الحرب.
تمنت دلال في طفولتها أن تنهي تعليمها وتصبح طبيبة. ولكنها تزوجت في عمر السادسة عشرة بعد إندلاع الحرب. لم تكن دلال وقتها تشعر أنها صغيرة على الزواج، وأحبت زوجها كثيرًا، لكنها اليوم ترى أنه لو عادت بها عقارب الساعة للوراء لأكملت تعليمها قبل من الزواج: "كان محبًا ومتفاهمًا وحنونًا، شخص لا يعوضه أي شخص آخر. فقدت زوجي، وتيتم ابني، والآن عليّ أن أقوم بدور الأم والأب معا."
في البداية، لم يكن لدى دلال الوقت للتعامل مع حزنها على زوجها حيث تحولت مدينتها، حمورية، لساحة قتال واضطرت للهرب مع ابنها طلبا للنجاة:
"آخر يوم لنا بحمورية كان وكأنه آخر يوم في حياة الجميع، كأنه لم يعد لدينا ملاذ. البعض هربوا من منازلهم دون أن يرتدوا كامل ملابسهم ، وآخرون هربوا دون أخذ أي شئ من بيوتهم."
تقول دلال إن تجربة النزوح بمثابة مراقبة المستقبل يتلاشى شيئًا فشيئًا دون أن تملك من أمرك شيئًا لتوقف ما يحدث: "سبع سنين من عمرنا ذهبت هباءً."
وعندما استقرت دلال في الغوطة الشرقية، بدأت أخيرًا في التعامل مع حزنها فانعزلت وشعرت بنفسها تنزلق نحو الاكتئاب، تضيف: "أعرف أشخاصًا تعرضوا لنفس ما تعرضت له يقضون اليوم في البكاء دون الخروج من غرفهم، هناك الكثير ممن لم يتمكنوا من الخروج من تلك الحالة."
أثناء تردد دلال على مساحة آمنة للنساء والفتيات يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان لتلقي خدمات الصحة الإنجابية، علمت بإمكانية تلقيها خدمات الدعم النفسي أيضًا وكان لديها من القوة ما يكفي لطلب المساعدة مما مكنها في نهاية الأمر من التعامل مع وضعها وإيجاد وظيفة. تتذكر دلال واحدة من الاخصائيات في المساحة الآمنة قائلة:
"ساعدتني الآنسة رشا كثيرًا وأخرجتني من حالة الكآبة التي كنت أعيشها. أقنعتني أن أعمل حتى أستطيع أن أوفر حياة كريمة لابني. معظم السوريين بحاجة للدعم النفسي، نساءً ورجالاً على حد سواء."
بعد معاناة، عطاء لا يتوقف
تحدثت سحر سالم في منزلها الصغير بعدن عن الحرب في اليمن، عن الخوف، وعن الدكاكين التي أقفلت أبوابها، والمخابز الخالية من الخبز، والصنابير الصامتة التي افتقدت جريان المياه. ذكرت سحر أيضًا المستشفى الوحيد في المنطقة، وبُعد المسافة الذي يتسبب أحيانًا في عدم قدرة الحوامل على الوصول إليها في حالات الطوارئ إلّا بعد فوات الأوان.
كما تحدثت سحر عن عملها كقابلة ودورها كمعيلة وحيدة لأسرتها المكونة من ابنتها الوحيدة، سندس، وأخيها وأمها، بعد تجربة مؤلمة انتهت بالطلاق من والد ابنتها. لم تكن تعلم سحر حين امتهنت القبالة أن مهنتها ستصنع الفرق بين الموت والحياة بالنسبة لملايين النساء اليمنيات ممن فقدن قدرتهن على الوصول لخدمات الصحة الإنجابية المنقذة للحياة بعد الحرب.
كانت تجربة سحر الشخصية في الولادة صادمة، حيث أصيبت بناسور الولادة أثناء ولادة ابنتها سندس. والناسور الولادي هو ثقب بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم، وهو إصابة تنتج عن التعرض لمخاض طويل أو صعب دون القدرة على الوصول للرعاية الطبية الملائمة في الوقت المناسب. النساء المصابات بالناسور يعانين من تسرب البول أو البراز أو كليهما، وتتسبب الإصابة في مشكلات طبية مزمنة، كما تؤدي للاكتئاب والعزلة والمزيد من الفقر.
تتذكر سحر تلك المرحلة الصعبة من حياتها قائلة: "عندما علم زوجي بشأن الناسور، قال إنه لم يعد يحتاجني. قال إنني ناشز وطلقني."
في البداية، أصاب سحر بعض اليأس بعد أن أخبرها الأطباء أن حالتها تستدعي العلاج خارج اليمن نظرًا لعدم قدرتها على تحمل التكاليف. ولكنها علمت بعد ذلك أن صندوق الأمم المتحدة للسكان يدعم المصابات بالناسور لإجراء الجراحة اللازمة للعلاج بالمجان. عندما أجرت سحر الجراحة بنجاح، حاول زوجها إعادتها مرة أخرى، ولكنها رفضت بشدة.
بررت سحر رفضها قائلة: "أقسمت ألّا أعود إليه مرة أخرى لأنه تخلى عني ولم يدعمني، لا بالعلاج ولا بالكلمة."
بعد إجراء الجراحة، قررت سحر أن تمارس دورًا أكثر إيجابية في البريقة حيث تعيش حتى لا تضطر النساء في مجتمعها على تحمل ما تحملته هي في ولادة ابنتها. أصبحت سحر واحدة من 163 قابلة يدعمهن صندوق الأمم المتحدة للسكان في اليمن لتحويل منازلهن لعيادات مجتمعية تقدم خدمات الصحة الإنجابية في المناطق المحرومة خاصة بعد توقف ثلثي مرافق الصحة الإنجابية باليمن عن العمل نتيجة للحرب. في هذا السياق، تتضاعف أهمية القابلات المدربات مثل سحر لأن باستطاعتهن الحيلولة دون ثلثي حالات الوفاة أثناء الولادة الممكن تجنبها.
ولكن حتى مع الخدمة التي تقدمها، لازالت سحر تؤمن أن الأثر السلبي الذي خلّفته الحرب على حياة النساء والفتيات سيستمر لأجيال قادمة:
"أذكر تلك الفتاة التي أتت عندي لتنجب طفلها، المسكينة وضعت طفلها الأول في عمر 12 سنة."
نزفت الفتاة كثيرًا بمنزل سحر قبل أن تعود أخيرًا لمنزلها بالطفل.
تتمنى سحر أن يكون مستقبل ابنتها سندس مختلفًا، مليئًا بالفرص وأكثر رحمةً بالنساء.
حياة وحصار
وُلِدت سحر النباهين في أزمة إنسانية لم تزدها السنين إلا سوءً. فبالإضافة للعنف والخوف وغموض المستقبل المصاحبين لتجربة الحياة في غزة، تسبب الحصار الذي استمر عقدًا كاملاً في أزمة اقتصادية طاحنة، ونسبة بطالة بين الشباب وصلت لـ60
وُلِدت سحر النباهين في ظل أزمة إنسانية لم تزدها السنين إلا سوءًا. فبالإضافة للعنف والخوف وغموض المستقبل المصاحبين لتجربة الحياة في غزة، تسبب الحصار الذي استمر عقدًا كاملاً في أزمة اقتصادية طاحنة، ونسبة بطالة بين الشباب وصلت لـ60 في المائة. في خضم الكارثة الإنسانية المستمرة، قد يصبح من السهل إغفال تنظيم الأسرة باعتباره احتياجا ثانويا بالمقارنة بالمشاكل التي تعانيها غزة.
كان لعدم قدرة سحر على الوصول لمعلومات وخدمات عالية الجودة لتنظيم الأسرة بشكل منتظم أكبر الأثر على حياتها وأسرتها على حد سواء. اليوم، تبلغ سحر من العمر 31 عامًا ولديها من الأطفال ستة، وزوج عاطل عن العمل على الرغم من بحثه المستمر، مثله مثل آلاف الشباب في غزة.
كما أدى الحصار لصعوبة توفير بعض المستلزمات الطبية الأساسية. أثر ذلك أيضًا على سحر، فهي مريضة ثلاسيميا، وهو من أمراض الدم المزمنة، ويحتاج في حالة سحر للعلاج المستمر على مدار حياتها، كما تحتاج أحيانًا لنقل الدم أثناء الحمل، قد يتسبب مرض الثلاسيميا في الأنيميا أو مضاعفات الحمل والولادة ويحتاج رعاية طبية خاصة في فترة الحمل.
علقت سحر قائلة: " أحيانًا أذهب للمستشفى لتلقي العلاج فلا أجد الأدوية الخاصة بحالتي. ولكنني أستطيع التحمل، بينما هناك آخرون لا يقدرون تحمل الانتظار."
ولعلمها بالوضع في غزة ووضعها الصحي، أرادت سحر الانتظار بعد ولادة طفلتها الأولى، ولكن إحدى قريباتها الأكبر سنًا أخبرتها أنها قد لا تحتاج وسائل تنظيم الأسرة وأن بعض النساء لا يحملن أثناء الرضاعة. انتظرت سحر بناءً على النصيحة، ولم تسع لاستشارة طبية، وكانت النتيجة هي ولادتها لطفلتها الثانية بعد عام من ولادة الطفلة الأولى.
بعد الطفلة الثانية، قررت سحر ألّا تدع الأمر للصدفة، فذهبت لعيادة متخصصة للحصول على وسيلة موثوق بها لتنظيم الأسرة. إلا أنها حملت للمرة الثالثة بالرغم من التزام زوجها باستخدام الواقي الذكري. بعد الولادة الثالثة، حاولت سحر الانتظام في استخدام وسائل تنظيم للأسرة أكثر استدامة، ولكنها واجهت عقبات تتمثل في عدم توافرها أحيانًا، أو عدم توافرها بانتظام في أحيان أخرى مما أدى لثلاثة تجارب إضافية من الحمل غير المرغوب فيه.
في الوقت الحالي، تتردد سحر على مساحة آمنة للنساء والفتيات يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان، حيث تحصل على وسيلة تنظيم للأسرة أكثر فاعلية، بانتظام، وبالمجان. كما تحصل سحر على تدريب مهني تتمنى أن يمكنها من المساهمة في تحصيل دخل لأسرتها.
تتمنى سحر أن يكبر أطفالها في واقع مختلف عما عايشته هي، فينهون تعليمهم ويجدون وظائف دون معاناة. بابتسامة هادئة، أنهت سحر اللقاء قائلة أن التفكير في المستقبل بشكل عام هو رفاهية لا تتحملها:
"يكفي التفكير برزق اليوم قبل أن نبدأ في التفكير في الغد."
طفلة تسعى للأمان مع ابنائها
لم يزد عمر نادية عن السادسة عشرة عندما اضطرت للهرب من بلدتها بالعراق تحمل طفلاً في أحشائها في شهره الخامس، ورضيعًا على ذراعها بالكاد أكمل عامه الأول. كانت داعش قد سيطرت على بلدتها (الحويجة) قبل ذلك بعامين، وفي تلك الليلة، استمر القصف فترة طويلة مما دفع بالعديد من الأسر للهروب من منازلهم في منتصف الليل في محاولة للوصول لمخيم ديبكة للنازحين، وهي المسيرة التي تستغرق خمسة عشر ساعة.
كانت أحلام نادية تختلف كثيرًا عن تلك الصورة القاتمة، فعاشت طفولة هادئة يؤنسها حلم واحد بسيط: أن تصبح مدرسة. ولكنها اضطرت لترك المدرسة بعد اندلاع الحرب في بلدتها، وبعد عام من بدء القتال تم تزويجها.
يظهر الغضب على ملامح نادية الشابة بشكل خاطف حين تتذكر زواجها الأول قائلة: "لم أوافق على هذا الزواج، بل أُجبِرت عليه. كنت طفلة، كان عمري خمسة عشر عامًا."
بعد ثمانية أشهر من الزواج، اختطف مقاتلو داعش زوجها ولم تسمع أي خبر عنه منذ اختفائه. كانت حاملاً بطفلها الأول حين اختفى، ولكن لم يطل بها الوقت حتى تم تزويجها مرة ثانية، وكانت في السادسة عشرة عندما حملت للمرة الثانية واضطرت للهروب لمخيم ديبكة للنازحين مع مجموعة كبيرة من أهل بلدتها.
ولكن، في منتصف الطريق، سيطر عليهم الخوف فعلقوا في منطقة نائية في المسافة بين الحويجة ومخيم ديبكة لمدة شهور، يمنعهم الخوف من استكمال الطريق أو العودة. بمرور الوقت، أصبح مكان إقامتهم النائي أكثر خطرًا عليهم من الاستمرار أو العودة. تقول نادية: "خفت أن أجهض حملي، ولم يعد معي حليب للرضيع. معظم العائلات أصابها الدمار."
كما اقترب موعد ولادة نادية فقررت وزوجها ومجموعة أخرى محاولة العبور واستكمال الطريق برغم الخوف.
بعد وصولها لمخيم ديبكة، ولدت نادية طفلتها في عيادة الصحة الإنجابية لصندوق الأمم المتحدة للسكان والتي تخدم النازحات في المخيم. كما تتردد نادية على مساحة آمنة للنساء والفتيات مدعومة من صندوق الأمم المتحدة للسكان حيث تتلقى دروسًا في الخياطة وتختلط بالأمهات الأخريات في المخيم مما يساعدها في تفادي العزلة.
تؤثر الأزمات الإنسانية بشكل غير متكافئ على الفتيات، فهن أكثر عرضة لترك المدرسة من الفتيان وقت اندلاع الأزمات، كما أن خطر تسربهن من الدراسة يزيد بنسبة 90 في المائة عن غيرهن من الفتيات ممن يعشن في بلاد لا تعاني من الأزمات الإنسانية. كما يزيد خطر تعرضهن لزواج الأطفال. ويزيد خطر تعرض النساء لوفيات الأمهات في تلك الظروف، فتموت أكثر من 500 امرأة كل يوم لأسباب تتعلق بالحمل والولادة في الأزمات الإنسانية والسياقات الهشة.
بعد مرور أربعة أعوام على بدء القتال في بلدتها، تجد نادية ذات الثمانية عشر ربيعًا الحديث عن المستقبل صعبًا:
"لا أعلم كيف أُوَصِّف لك أحلامي. الحياة بالمخيم جيدة أحيانًا وسيئة أحيانًا ولكن أحلم أن نعود لبلدتنا."
حياة غيرت الحرب مجراها
حاولت ريم* ذات الستة وعشرين عامًا أن تبني حياة من الخراب الذي انتهت إليه سنين مراهقتها، ولكنها لازالت تصارع شعورًا عاصفًا بالقلق المستمر حول مستقبلها كلاجئة سورية.
تقول ريم: "أخاف أن أفقد أهلي في سوريا في أي لحظة. أتمنى أن يعود الأمان لبلدي وأن نستطيع العودة إليها ولكن أخاف من التشرد مرة أخرى أو من أن يتم إجباري على العودة ولا أجد دخلاً لتوفير احتياجات أطفالي."
فمنذ نزوحها من درعا، لم يفارق ريم شعور الخطر الذي لازمها قبل رحيلها عن سوريا.
تحكي ريم عن رحلتها للمخيم قائلة: "بدأ الأمر كمزحة عندما كنا نشاهد مخيمات اللاجئين في الأردن على شاشات التلفاز، ثم تحولت المزحة للواقع الذي نعيشه. قالوا إننا لن نستطيع أن نحمل الكثير من الأغراض للحدود، فلم أحضر معي سوى ثياب قليلة. كان لدي ألبوم صور يمثل طفولتي وندمت كثيرا على تركه."
تقر ريم أن الوضع في مخيم الزعتري أكثر أمانًا وتتذكر كيف أصبح كل شئ مخيفًا في سوريا قبل نزوحها. تحدثت عن وجود حاجز تفتيش قريب من منزل أسرتها في درعا، وعن خوف والديها عليها وعلى أختها مما دفعهم للإفراط في حمايتهما: "أغلقوا علينا الأبواب والنوافذ حتى لا يرانا أحد."
تقر ريم أن الوضع في مخيم الزعتري أكثر أمانًا وتتذكر كيف أصبح كل شئ مخيفًا في سوريا قبل نزوحها. تحدثت عن وجود حاجز تفتيش قريب من منزل أسرتها في درعا، وعن خوف والديها عليها وعلى أختها مما دفعهم للإفراط في حمايتهما: "أغلقوا علينا الأبواب والنوافذ حتى لا يرانا أحد."
كما أشارت ريم في حديثها إلى "ما قد يفعلونه بالفتيات" أكثر من مرة في إشارة لخوفها وأسرتها من خطر العنف الجنسي ضد النساء والفتيات والذي عادة ما يتزايد في أوقات النزاع والأزمات الإنسانية. كما تذكر ريم أن هذا الخوف على وجه الخصوص كان سببًا رئيسيًا في اضطرارها لترك المدرسة، حيث كانت مدرستها الثانوية في قرية مجاورة وكانت تضطر لركوب الحافلة مع أختها للوصول لمدرستهن. تقول مريم، "سمعنا أنهم يهاجمون القرى والحافلات ويختطفن الفتيات."
أثناء تجارب اللجوء والنزوح، يصبح كل شئ أكثر صعوبة بالنسبة للنساء والفتيات. فتضطر الفتيات لترك المدرسة أكثر من الفتيان أثناء الأزمات الإنسانية، كما أن معدل تركهن للدراسة أكثر بـ90 في المائة من معدل ترك الفتيات للدراسة في البلاد غير المتأثرة بالنزاعات. كما تزيد الأزمات الإنسانية من عرضة النساء لوفيات الأمهات والأمراض والمضاعفات المتعلقة بالحمل والولادة.
استطاعت ريم ولادة طفليها بشكل آمن في عيادة الولادة الخاصة بصندوق الأمم المتحدة للسكان، والذي تقصده أيضًا للحصول على خدمات تنظيم الأسرة بانتظام. اليوم، تنظر لحياتها بمشاعر مختلطة:
"كان طموحي أكبر من ذلك. كنت أتمنى استكمال تعليمي. ولكن بمنتصف الطريق تغير كل شئ وتزوجت ولم أكن أتوقع أن يحدث لي كل ذلك. أحلم الآن بأن أرى أطفالي كبارًا، وأن أرى بقية عائلتي مرة أخرة."
منذ افتتاح عيادة الولادة الخاصة بصندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2013، شهد مخيم الزعتري للاجئين 10 آلاف ولادة دون حالة واحدة من وفيات الأمهات.
* تم تغيير الاسم للحفاظ على الخصوصية
كيف أستطيع المساعدة
دعم عمل الصندوق لإنقاذ الأرواح في حالات الطوارئ الإنسانية
-
2 حقيبة كرامة
تحتوي كل حقيبة كرامة على ملابس داخلية، فوط صحية، صابون، معجون أسنان، وفرشاة أسنان. وتكفي كل حقيبة احتياجات النظافة الشخصية لامرأة أو فتاة لاجئة أو نازحة لمدة شهر.
$20 -
10 حقائب للولادة النظيفة
في مقابل 50 دولار، يمكنك دعم شراء 10 حقائب للولادة الآمنة للوقاية من خطر وفيات الأمهات والمواليد.
$ 50 -
ادعم قابلة لمدة 30 يوم
في مقابل 100 دولار، يمكنك دعم قابلة لمدة شهر لتقديم الرعاية المنقذة للحياة للنساء الحوامل.
$ 100