أنت هنا

حاولت ريم* جاهدة أن تبني حياة من الخراب الذي انتهت إليه سنون مراهقتها، ولكنها لازالت تصارع شعورًا عاصفًا بالقلق المستمر حول مستقبلها كلاجئة سورية.

اليوم، ريم في السادسة والعشرين من عمرها، وقد حاولت أن تقوم بكل الخيارات الصحيحة. عندما اندلعت الحرب، انتظرت ولم تنزلق لزواج الأطفال الذي يبتلع طفولة ثلث الفتيات السوريات في مجتمعات اللجوء من حولها. بعد ولادة طفلها الثاني، بدأت ريم في استخدام وسائل تنظيم الأسرة للمباعدة بين الولادات ولتخطط مستقبلها ومستقبل أطفالها بشكل مسؤول. بعد وصولها لمخيم الزعتري للاجئين، بدأت ريم في تلقي دورات التدريب المهني  في مساحة آمنة للنساء والفتيات يدعمها صندوق الأمم المتحدة للسكان لتحصل على منا تستطيع تحصيله من التعليم بعد اضطرارها لترك المدرسة في سوريا. ولكن كل تلك الاختيارات المثالية لم تمنع شعور ريم المستمر بالخوف ونقص الثقة. 


"تزوجت في خيمة في بداية الأمر ثم تحسنت الظروف واستطاع زوجي توفير كارفان"

تقول ريم: "أخاف على أهلي في سوريا أن أفقدهم بلحظة. أتمنى أن يعود الأمان لسوريا وأن نستطيع العودة إليها ولكن أخاف من التشرد مرة أخرى أو من أن يتم إجباري على العودة ولا أجد دخلاً لتوفير احتياجات أطفالي."

تجربة التهجير التي مرت بها ريم تجعلها غير قادرة على الشعود بالاستقرار. تحاول ريم شرح شعورها قائلة أن حتى تزيين وتأثيث الكارافان الذي تحيا به مع أسرتها يعد حلمًا غير واقعي لخوفها من أن يضطروا لتركه بعدها. فمنذ هربها من درعا، لم يفارق ريم شعور الخطر الذي لازمها قبل رحيلها عن سوريا.

تحكي ريم عن رحلتها للمخيم قائلة: "بدأ الأمر كمزحة عندما كنا نشاهد مخيمات اللاجئين في الأردن على شاشات التلفاز، ثم تحولت المزحة للواقع الذي نعيشه. قالوا أننا لن نستطيع أن نحمل الكثير من الأغراض للحدود فلم أحضر معي سوى ثياب للتغيير. كان لدي ألبومًا للصور، كانت طفولتي. ندمت على تركه كثيرًا."

تقر ريم أن الوضع في مخيم الزعتري أكثر أمانًا متذكرة كيف أصبح كل شئ مخيفًا في سوريا قبل هربها. تحكي ريم عن وجود حاجز تفتيش قريبًا من منزل أسرتها في درعا، وتتذكر خوف أهلها عليها وعلى أختها والذي دفعهم حتى "أغلقوا علينا الأبواب والنوافذ حتى لا يرانا أحد." كما أشارت ريم في حديثها ل"ما قد يفعلونه بالفتيات" أكثر من مرة في إشارة لخوفها وأسرتها من خطر العنف الجنسي ضد الفتيات والذي عادة ما يتزايد بشكل مقلق في أوقات النزاع والأزمات الإنسانية. كما تذكر ريم أن هذا الخوف على وجه الخصوص كان سببًا رئيسيًا في اضطرارها لترك المدرسة حيث كانت مدرستها الثانوية في قرية مجاورة وكانت تضطر لركوب الحافلة مع أختها للوصول لمدرستهن. ولكن، تقول مريم، "سمعنا أنهم يهاجمون القرى والحافلات ويختطفن الفتيات."

أثناء تجارب اللجوء والنزوح، يصبح كل شئ أكثر صعوبة بالنسبة للنساء والفتيات. فتضطر الفتيات لترك المدرسة أكثر من الفتيان أثناء الأزمات الإنسانية، كما أن معدل تركهن للدراسة أكثر بـ90 في المائة من معدل ترك الفتيات للدراسة في البلاد غير المتأثرة بالنزاعات. كما تزيد الأزمات الإنسانية من عرضة النساء لوفيات الأمهات والأمراض والمضاعفات المتعلقة بالحمل والولادة.

 استطاعت ريم ولادة طفليها بشكل آمن في عيادة الولادة الخاصة بصندوق الأمم المتحدة للسكان والذي تقصده ريم أيضًا للحصول على خدمات تنظيم الأسرة بانتظام. اليوم، تنظر ريم لحياتها بمشاعر مختلطة:

"كان طموحي أكبر من ذلك. كنت أتمنى استكمال تعليمي. ولكن بمنتصف الطريق تغير كل شئ وتزوجت ولم أكن أتوقع أن يحدث لي كل ذلك. أطمح الآن أن أرى أطفالي كبارًا، وأن أرى بقية عائلتي مرة أخرة."

منذ افتتاح عيادة الولادة الخاصة بصندوق الأمم المتحدة للسكان في عام 2013، شهد مخيم الزعتري للاجئين 10 آلاف ولادة دون حالة واحدة من وفياة الأمهات.  

* تم تغيير الاسم بناء على طلب ريم.