أنت هنا

الأمم المتحدة، نيويورك/بيروت، لبنان – أفادت دراسة مسحية جديدة أجراها صندوق الأمم المتحدة للسكان والجامعة الأمريكية في بيروت وجمعية سوا للتنمية والإغاثة، بحدوث زيادة مقلقة في نسبة زواج الأطفال بين الفئات الأكثر استضعافا من اللاجئين السوريين في لبنان.

وتوصلت الدراسة المسحية التي شملت نحو 2,400 من النساء والفتيات اللاجئات في البقاع الغربي إلى أن ما يزيد على ثلث من شملهن المسح و اللاتى تتراوح أعمارهن بين 20 و24 عاما، قد تزوجن قبل بلوغهن 18 عاما.

كما تزوجت 24 في المائة من الفتيات اللاجئات اللائي تتراوح أعمارهن حاليا بين 15 و17 عاما، بحسب الدراسة.

قبل اندلاع النزاع المدمر في سوريا، كان زواج الأطفال أقل شيوعا إلى حد كبير بين السوريات. تتفاوت التقديرات، ولكن بعضها أظهر أن معدلات زواج الأطفال صارت أعلى بواقع أربعة أضعاف بين اللاجئين السوريين مقارنة بما كانت عليه  بين السوريين قبل الأزمة.  ويشير هذا إلى أن النزوح وعدم الاستقرار والفقر هم العوامل الدافعة وراء الزواج دون السن القانونية.

حتى أن عددا من جامعي البيانات الذين تم اختيارهم من المجتمع الذي تشمله الدراسة يعانون من  الضغوط الواقعة عليهم لتزويج فتياتهم.

رنيم أبراس، 16 عاما، لاجئة سورية في منطقة الشوف بلبنان، تعمل مع برنامج شبابي يهدف لزيادة الوعي بأضرار الزواج المبكر. قالت رنيم: "أقول لأصدقائي إن الزواج في وقت مبكر سيحرمهن من طفولتهن". © صندوق الأمم المتحدة للسكان لبنان/سيما دياب

قالت إيمان*، لاجئة سورية كانت من بين جامعي البيانات: "أنا مقتنعة بأنه لا ينبغي لأي فتاة أن تتزوج قبل بلوغها 18 عاما. لكن الأمر يختلف عندما نأتي لأرض الواقع."

وأوضحت أن كونها أرملة والعائل الوحيد لأسرتها، فهى تواجه متاعب في إعالة أطفالها الثلاثة ووالدها المسن قائلة: "لهذا السبب أراد ابن عمي، من وازع نيته الطيبة، أن يساعد من خلال خطبة ابنتي ودعمنا ماليا."

وتبلغ ابنتها 15 عاما.

التوعية مطلوبة
أُجريت الدراسة المسحية في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول 2016 في بر الياس وقب الياس والمرج بالبقاع الغربي، وهي مناطق تم اختيارها بسبب عدد  اللاجئين الكبير فيها ومستويات ضعفهم العالية.

أظهر المسح أن نسبة الالتحاق بالمدرسة تنخفض بين الفتيات كلما ازدادت أعمارهن، حيث تصل نسبة الفتيات الملتحقات بالمدرسة وتبلغ أعمارهن 9 سنوات إلى 70 في المائة  بينما تنخفض النسبة إلى 17 في المائة بين الفتيات اللاتي تبلغن  16 سنة. كما أشار التقرير إلى أن الفتيات الأقل تعليماً يكن أكثر عرضة لأن تصبحن زوجات طفلات.

وقد تزوج ما يقرب من 35 في المائة من اللاجئات اللاتي شملتهن الدراسة وتتراوح أعمارهن بين 20 إلى 24، قبل بلوغ 18 عاما. ويمكن النظر للأرقام من زاوية أخرى – من حيث نسبة السيدات المتزوجات – وسيظهر هذا أن 47 في المائة من النساء المتزوجات بين 20 و24 عاما كنَ زوجات طفلات.

كما قدمت الدراسة توصيات واضحة للتصدي لهذا الاتجاه. على سبيل المثال، دعت الدراسة إلى تحسين نسب التحاق الفتيات بالمدرسة، خاصة عند انتقالهن للمرحلة الثانوية، وإنفاذ سياسات أفضل تحظر زواج الأطفال.

عرف محمد، لاجئ سوري (غير محمد الذي يتحدث في هذه القصة) بأضرار الزواج المبكر من برنامج للشباب يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان. © صندوق الأمم المتحدة للسكان لبنان/سيما دياب

كما وأوصت الدراسة برفع الوعي حول تبعات الزواج المبكر في أوساط اللاجئين. وتشمل هذه التبعات والعواقب خطرا متزايدا بتعرض الفتيات لمضاعفات الحمل ونتائج صحية واقتصادية أسوأ لأنفسهن ولأطفالهن.

ويمكن أن تكون مثل هذه المعلومات ذات قوة مؤثرة.

ويقول  أحد الآباء الذي عرف عن زواج الأطفال من برنامج التوعية الذى يدعمه صندوق الأمم المتحدة للسكان في مدينة صيدا الجنوبية: "بسبب ما عرفته وجربته، من المستحيل بالنسبة لي أن أسمح بزواج ابنتي في سنٍ مبكرةٍ."

الشباب يرفضون زواج الأطفال
تقوم برامج التوعية هذه بإشراك الآباء وقادة المجتمع والعاملين على الرعاية الصحية وغيرهم. كما يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان المساحات الآمنة والمشورة القانونية والرعاية النفسية للنساء والفتيات المستضعفات، بما في ذلك المتضررات من الزواج المبكر.

ويتم تمكين الشباب لمناصرة التغيير. فمن خلال برنامج شبكة تثقيف الأقران الذى يدعمه  صندوق الأمم المتحدة للسكان، يعمل الشباب – بما في ذلك اللاجئون – على نشر التوعية بأضرار زواج الأطفال بين أصدقائهم وأقرانهم.

وقد أظهر قادة الشباب حماستهم للدخول فى التحدي.

قالت سارة، عضوة ببرنامج تثقيف الأقران في بعلبك: "بيدنا نشر الوعي حول الآثار السلبية (لزواج الأطفال) في أسرتنا وبين أصدقائنا."

كما قال محمد (محمد آخر غير الذى فى الصورة)، الذي تلقى تثقيفا عن طريق برنامج تثقيف الأقران في بيروت: "تألمت كثيراً عندما رأيت ابنة عمي تتزوج وعمرها 15 عاما. كان على الرجل أن يشتري لها لعبا للأطفال بدلاً من فستان الزفاف."

*تم تغيير الأسماء حمايةً للخصوصية