أنت هنا

أديبة داخل وحدة علاج الناسور في مستشفى الثورة، ديسمبر/كانون الثاني 2017. © صندوق الأمم المتحدة للسكان اليمن

حجة، اليمن – تزوجت أديبة وهي في الـ24 من عمرها. شعرت بسعادة غامرة عندما أصبحت حامل. ومع هذا، فعندما جاء موعد ولادتها، ظلت تواجه آلام الولادة ليومين في منزلها.

تتذكر أديبة، قائلة: "كان الأمل يفوق الاحتمال. كان علينا أن نتوجه إلى المستشفى. وتضيف: "سافرنا إلى مستشفى عبس، الذي يبعد 3 ساعات عن مدينة حجة، للحصول على المساعدة. وعندما وصلت هناك كان الألم قد تراجع بشكل كبير مع فتح الرحم وخروج رأس الجنين."

وفي المستشفى، كانت عاملة طبية، لا تعرف أديبة ما إذا كانت قابلة أم طبيبة، تحاول تحفيز انقباضات الرحم لمساعدة أديبة على الولادة، إذ كان المولود عالقا.

وفي النهاية وضعت أديبة مولودها، لكنه كان ميتا، وكانت هناك تهتكات كبيرة قامت العاملة الطبية بخياطتها. وبقلب كسير عادت أديبة إلى منزلها، حيث شعرت بأن هناك مشكلة في تبولها.

كان زوج أديبة حزينا بشدة لما حدث لمولوده وزوجته، لكنه قرر أن يقف بجانبها وأن يساعدها على الحصول على العلاج. قالت: "أخذني زوجي إلى المستشفى في مدينة حجة حيث خضعت لأول عملية والتي لم أشعر بعدها بأي تغيير. استمرت مشكلة عدم قدرتي على التحكم ببولي، وبدأنا نفقد الأمل."

لم تكن أسرة أديبة تستطيع تحمل نفقات نقلها للعلاج في صنعاء، حتى وإن كانت تعتقد بأنها قد تجد رعاية طبية أفضل هناك.

فالنزاع المستمر منذ أكثر من 3 سنوات فاقم سوء الأحوال المعيشية لملايين اليمنيين، ومن بينهم زوج أديبة، الذي لم يتحصل على أي راتب منذ نحو عامين.

قالت: "كنت منهارة، أبكي كثيرا. كان من الصعب أن أتخيل أنني سأعيش حياتي كلها بهذا الوضع."

انفصلت أديبة عن زوجها والتمست المساعدة من أسرتها لنقلها إلى صنعاء. قالت: "لم أشأ أن أستسلم. كنت أستميت في سعيي لاستعادة حياتي الطبيعية."

وكان على أسرتها في النهاية أن تبيع ما لديها من حلي والاستدانة من أجل الوصول لحل لمشكلتها.

وفي صنعاء، خضعت أديبة لثاني عملية جراحية لها، والتي لم تكلل بالنجاح كذلك. 

قالت: "كان الرعب يتملكني وظننت لفترة أن حالتي ميئوس منها. وفي ذلك الوقت تذكرت بمرارة كل تضحياتي أسرتي التي ضاعت كلها هباء للتو."

لكن أديبة كانت عازمة على أن تجد حلا لوضعها. وفي أثناء بحثها، قابلت الدكتور سعود في مستشفى الثورة الذي شخص إصابتها بالناسور.

والناسور الولادي هو أحد الإصابات الخطيرة والمأساوية التي تحدث أثناء الولادة. وتنجم هذه الحالة عن الولادة المطولة والعسيرة من دون الحصول على العلاج الطبي عالي الجودة وفي الوقت المناسب. وهو يؤدي لتسرب البول أو البراز أو كليهما، ويؤدي في كثير من الأحيان لمشكلات طبية مزمنة والإصابة بالاكتئاب والعزلة الاجتماعية.

طمأن الدكتور سعود أديبة بأن هناك الكثير من حالات الناسور مثلها والتي تم علاجها بنجاح في وحدة الناسور في مستشفى الثورة في صنعاء. كانت قلقة بشأن تكلفة العملية. لكن مخاوفها تبددت عندما عرفت بأن الجراحة مجانية.

ويقدر بأن هناك أكثر من مليوني امرأة في أفريقيا جنوب الصحراء وآسيا والمنطقة العربية وأمريكا اللاتينية والكاريبي، يتعايشن مع الناسور، فيما هناك ما بين 50,000 إلى 100,000 حالة جديدة تظهر سنويا. ومع هذا فمن الممكن تماما الوقاية من الناسور.

ولقد ساعد صندوق الأمم المتحدة للسكان في تأسيس وحدتين لعلاج الناسور الولادي في اليمن. وعلى سبيل المثال، فقد تم إجراء 28 جراحة ناجحة ومجانية لعلاج الناسور في مستشفى الثورة في صنعاء خلال الشهور الأخيرة.

وفي جنوب البلاد، 90 في المائة من جراحات الناسورتمت بنجاح  وذلك بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان. وفضلا عن هذا، فقد أنشأ صندوق الأمم المتحدة للسكان ودعم إنشاء شبكة تضم المتطوعين المجتمعيين والقابلات وخبراء الصحة الإنجابية والنواسير الولادية  في غالبية المحافظات لمساعدة النساء اللواتي يعانين من الناسور على الحصول على الخدمات داخل وحدات معالجة الناسور الولادي.

خضعت أديبة لجراحة ناجحة في منتصف ديسمبر/2017 وصُرح لها بمغادرة المستشفى في بداية 2018.

قالت: "شعرت بأنني ولدت من جديد في 2018."