أنت هنا

تبني حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة في عام 2018 على الزخم المتصاعد في الأعوام السابقة مع تنامي حملات مثل #MeToo (أنا أيضًا) والتي ساهمت في تسليط الضوء بقوة على شتى أنواع العنف القائم على النوع الاجتماعي. هذا العام، تحاول منظمات الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني في المنطقة العربية وحول العالم مساعدة الناجيات في كسر دوائر الصمت والمطالبة بالتغيير في إطار حملة عالمية بعنوان #اسمعني.

وتجدر هنا الإشارة لسياقات النزاع والأزمات الإنسانية بشكل خاص لما لها من تأثير على زيادة معدلات العنف القائم على النوع الاجتماعي مع تزايد عرضة النساء لخطر العنف بسبب تجارب النزوح والفقر ومع انهيار الأطر المجتمعية والقانونية القادرة على تقديم الخدمات والدعم. في غياب الخدمات الأساسية والأطر المجتمعية والقانونية المناسبة، يصبح من المرجح أن يتحول العنف القائم على النوع الاجتماعي لدوائر مفرغة تعيد إنتاج نفسها ويصعب كسرها، خاصًة عندما يستهدف العنف الفتيات الأصغر سنًا.

المنطقة العربية تشهد بعض من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم بما يتضمن الأزمة السورية حيث أصبحت سوريا اليوم أكبر مصدر للاجئين في العالم. وكثيرًا ما تتزامل تجارب الفقر وعدم القدرة على الحصول على التعليم مع تجارب الصراعات والنزوح، مما يساهم في رغبة العديد من الأسر في تعجيل زواج فتياتهم للتخلص من العبء المادي الزائد ولاعتقادهم أن الزواج قد يمنح الفتيات نوعًا من الحماية.

نرجس ذات الثمانية عشر ربيعًا هي واحدة من العديد من الفتيات السوريات اللاتي اضطررن لقضاء فترة مراهقتهن بالكامل كلاجئات. أتت نرجس من القامشلي بسوريا، وهي الآن تعيش في العراق.

تقول نرجس: "أخرجوني من المدرسة وأنا في الرابعة عشر من عمري وأرغمت على الزواج من رجل عمره ضعف عمري. كنت أكرهه."

وقبل أن يمر العام على زواجهم، طلقها زوجها الأول لاعتقاده أنها غير قادرة على الإنجاب. تزوجت نرجس مرة ثانية بعد طلاقها لرجل يكبر الأول بعدة سنوات وسرعان ما حملت بطفلها الأول وهي الآن أم لصبي في شهره السادس قبل أن تتم عامها الثامن عشر.

وتحكي نرجس عن طفلها قائلة: "أنا أحبه من كل قلبي، ولكنه أيضًا السلسلة الخفية التي سوف تقيدني مدى الحياة لرجل لا أشعر تجاهه بأي شئ ولحياة لم أخترها."

تتلقى نرجس خدمات الدعم النفسي وبناء القدرات في مركز مدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، وهو الجهة الأممية المعنية بالصحة الجنسية والإنجابية.

بحسب البيانات المتوفرة، ارتفعت نسبة زواج الأطفال بين اللاجئات السوريات لتبلغ أربع أضعاف ما كانت عليه قبل بداية الأزمة في سوريا. على المستوى العالمي، 90% من ولادات المراهقات في عمر 15-19 عام تقع داخل إطار الزواج، كما تعتبر المضاعفات الطبية الناتجة عن الحمل والولادة المبكرين السبب الرئيسي في وفيات الفتيات في نفس المرحلة العمرية.

فرح لاجئة سورية في الخامسة والثلاثين تعيش في تركيا، وهي أم لفتاة في الخامسة عشر وصبي في الرابعة عشر. بعد طلاقها وبسبب عدم قدرتها على تحمل نفقات أبنائها بمفردها، فاز طليقها بحضانتهم وتزوج مرة أخرى. وقد علمت فرح حديثًا أن ابنتها تتعرض للكثير من الضغط والإساءة الجسدية والنفسية لإجبارها على قبول الزواج.

فرح ليست من المؤمنات بالزواج المبكر، خاصة في حالة ابنتها التي دائمًا ما كانت لديها أحلام كبيرة لمستقبلها. وكما تشرح فرح فإن "سلمى فتاة ذكية وطموح، فهي نشيطة في المدرسة ودائما ما تشارك في الأنشطة خارج المنهج المدرسي. وهذا (الزواج) سيكسرها ويدمر مستقبلها."

تتلقى فرح الدعم النفسي من مركز مدعوم من صندوق الأمم المتحدة للسكان كما تتلقى الدعم القانوني لمحاولة استعادة حضانة أطفالها.

يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان خدمات أساسية في مجالي الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي للنساء والفتيات والفتيان المتأثرين بالأزمة السورية من خلال 126 مساحة آمنة للنساء والفتيات، 132 مرفق للرعاية الصحية الأولية، و 41 مركز للشباب.

لقراءة المزيد عن نرجس وفرح وغيرهن من السوريات المستفيدات من خدمات صندوق الأمم المتحدة للسكان، يمكن قراءة أحدث تقرير موقف عن الأزمة السورية من هنا.