أنت هنا

إن إتاحة وسائل تنظيم الأسرة الطوعية الآمنة حق من حقوق الإنسان. فإن تنظيم الأسرة يعد أمرًا محوريًا لتحقيق  المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة، وهو عامل أساسي للحد من الفقر. ففي عام 2019، تم التقدير أن حوالي 60.5٪ من النساء العربيات المتزوجات يرغبن في تجنب الحمل في العامين المقبلين، و40٪ منهن لا يستخدمن  وسائل تنظيم الأسرة الآمنة والفعالة. وتتراوح أسبابها بين عدم إمكانية الحصول على المعلومات أو الخدمات، والافتقار إلى الدعم من شركائهن أو مجتمعاتهن.

يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على دعم تنظيم الأسرة من خلال: ضمان الإمداد الثابت والموثوق به من وسائل تنظيم الأسرة الحديثة عالية الجودة؛ وتعزيز النظم الصحية الوطنية؛ والدعوة إلى سياسات داعمة لتنظيم الأسرة؛ وجمع البيانات اللازمة لدعم هذا العمل. كما يقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان بدور ريادي عالمي في زيادة إتاحة خدمات تنظيم الأسرة، من خلال دعوة الشركاء - بما في ذلك الحكومات - لوضع السياسات الداعمة، ومن خلال تقديم المساعدة البرامجية والفنية والمالية للبلدان النامية.

على الصعيد الإقليمي المنطقة العربية، قدم صندوق الأمم المتحدة للسكان الدعم لجامعة الدول العربية لتطوير الاستراتيجية العربية لصحة المرأة والطفل والمراهقات التي تبلغ مدتها 11 عامًا (2019 حتى عام 2030)، وذلك لضمان إتاحة خدمات الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة لكل امرأة، واختيارهم  لوسيلتهن المفضلة بما يتماشى مع جدول أعمال أهداف التنمية المستدامة وبرنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية. إضافة إلى ذلك، أجرى صندوق الأمم المتحدة للسكان دراسة عن حالات الحمل غير المرغوب  فيه في الدول العربية لتحديد التحديات التي تواجهها النساء والفتيات للحصول على معلومات وخدمات ووسائل  موثوق بها لتنظيم الأسرة. إن معالجة تلك العوائق سيسهم في تقليل حالات ومضاعفات الحمل غير المرغوب فيه مثل الإجهاض غير الآمن أو الانقطاع عن الدراسة أو قتل الأطفال.

تنظيم الأسرة ينقذ الأرواح

 تمنع وسائل تنظيم الأسرة حالات الحمل غير المرغوب فيه، وتقلل من عدد حالات الإجهاض، وتقلل أيضاً من حالات الوفاة والعجز المتعلقة بمضاعفات الحمل والولادة. يعد الواقي الذكري والأنثوي عند استخدامهما بشكل صحيح وباستمرار الوسيلة الوحيدة لتوفير حماية مزدوجة ضد كل من الحمل غير المرغوب فيه وكذلك العدوى المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية. إذا تمكنت كل النساء والفتيات اللاتي لديهن احتياجات غير ملباة لوسائل تنظيم الأسرة من استخدام الأساليب الحديثة، لكان من الممكن منع مليوني عملية إجهاض إضافية في شمال إفريقيا وحدها، ثلثاها غير آمنة. بالإضافة إلى ذلك، كان من الممكن منع ما يقرب من 70،000 حالة وفاة للرضع. إجمالياً، حوالي 15 ٪ من النساء والفتيات في الدول العربية اللاتي تتراوح أعمارهن بين 15-49 سنة لديهن حاجة غير ملباة لتنظيم الأسرة. إن حق النساء والمراهقات  فى الحصول على معلومات وخدمات وسائل تنظيم الأسرة متأصل فى حقوق الإنسان الأساسية. وقد أعترف برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية "بحق الرجال والنساء في المعرفة والحصول على الوسائل الآمنة والفعالة ومعقولة التكلفة والمقبولة التي  يختارونها". ويؤسس  هذا الاتفاق للكثير من أعمال صندوق الأمم المتحدة للسكان.

مع حصول النساء والمراهقات  على الخدمات الصحية وخدمات تنظيم الأسرة اللازمة، فإن ذلك يؤدي إلى خفض في حالات الحمل غير المخطط له بنسبة 70٪، وانخفاض حالات الإجهاض غير الآمن بنسبة 67٪. وتنخفض  وفيات الأمهات بنسبة 67٪ مقارنة بمعدلات عام 2014، بينما سينخفض ​​معدل وفيات حديثي الولادة بنسبة 77٪.

إن زيادة إتاحة الحصول على وسائل تنظيم الأسرة الحديثة بين المراهقين تعتبر نقطة انطلاق حاسمة من أجل تحسين صحتهم على المدى الطويل. كما أنها تكون ضرورية أيضاً لتحسين صحة الأمهات وحديثى الولادة. ففي المنطقة العربية، تعد المضاعفات الناتجة عن الحمل والولادة من أسباب وفيات المراهقات (من 15 إلى 19 سنة). كما يواجه أطفالهن أيضا خطر الموت بدرجة أعلى من أطفال النساء الأكبر سنا. ومع ذلك، يواجه المراهقون عوائق هائلة في الوصول إلى معلومات وخدمات الصحة الإنجابية.

تنظيم الأسرة يُمكِن النساء

يعد الحصول على المعلومات والخدمات المتعلقة بوسائل تنظيم الأسرة أساسياً لتحقيق المساواة بين الجنسين. فعندما يتم تمكين النساء والأزواج من التخطيط  للإنجاب ، تتمكن النساء بشكل أفضل من إكمال تعليمهن؛ وتزيد استقلاليتهن داخل أسرهن، وتتحسن قدرتهن على كسب الرزق. وهذا يعزز أمنهم  الاقتصادي ومستوى رفاهتهن وعائلاتهن. وإجمالاً، فإن هذه المنافع تسهم في الحد من الفقر وتحقيق التنمية المستدامة.

تنظيم الأسرة له مزايا اقتصادية

هناك مزايا اقتصادية واضحة للاستثمار في تنظيم الأسرة. ففي عام 2015، قاد صندوق الأمم المتحدة للسكان في جمهورية مصر العربية إجراء تحليل  للمردود الاقتصادي من الاستثمار في برامج تنظيم الأسرة، وأبرزت النتائج أنه مقابل كل جنيه مصري يتم استثماره في برنامج تنظيم الأسرة يوجد عائد على هذا الاستثمار يساوي أكثر من 56 جنيهًا مصريًا خلال الفترة من 2014 إلى 2050.

يمكن لتنظيم الأسرة أيضًا أن يساعد البلدان على تحقيق "مكاسب ديموغرافية" خاصة أن الهيكل السكاني للمنطقة العربية في هذه الحقبة الزمنية يتميز حاليًا بظاهرة تسمى بطفرة الشباب، وهى زيادة الإنتاجية الاقتصادية التي تحدث عندما يكون هناك تزايد فى أعداد الأشخاص في القوى العاملة  وانخفاض فى أعداد المُعالين.

التغلب على عوائق  تنظيم الأسرة

تتضمن الأسباب الشائعة وراء عدم استخدام النساء لوسائل تنظيم الأسرة عدم إمكانية الحصول عليها بسبب مشاكل لوجستية، مثل صعوبة الوصول إلى المرافق الصحية أو نفاذ الإمدادات بالعيادات الصحية. ويمكن أن يكون عدم القدرة على الحصول عليها بسبب العوائق الاجتماعية والثقافية، مثل معارضة الشركاء والخرافات المحلية والمعتقدات الخاطئة، والضغط من العائلات أو الأقران. كما يلعب نقص المعرفة أيضًا دورًا رادعًا، حيث ينقص العديد من النساء الإدراك أنهن قادرات على الحمل، ولا يعرفن ما هي وسائل تنظيم الأسرة المتاحة، معتمدات على طرق تنظيم الأسرة التقليدية، أو لديهن تصورات خاطئة حول المخاطر الصحية للوسائل الحديثة.

هناك عدد من التحديات أمام إتاحة معلومات وخدمات تنظيم الأسرة. ويجب على الجهود المبذولة لزيادة الإتاحة أن تراعى السياقات الثقافية والدينية والوطنية، وأن تأخذ فى الحسبان ايضاً الاختلافات الاقتصادية والجغرافية والعمرية داخل البلاد.

إن الفقراء والأقل تعليماً وأولئك الذين يعيشون في المناطق الريفية غالباً يحصلون على خدمات تنظيم الأسرة بدرجة أقل. كما إن بعض المجموعات – التى تتضمن ولا تقتصر على المراهقات، والنساء غير المتزوجات، وفقراء الحضر، وسكان الريف، واللاجئون، والمهاجرون، والأشخاص النازحين  داخليًا، والأشخاص ذوي الإعاقة، والمصابون بفيروس نقص المناعة البشرية – تواجه أيضاً عديد من العوائق أمام حصولهم على رعاية الصحة الإنجابية وتنظيم الأسرة. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى معدلات أعلى من الحمل غير المرغوب فيه، وزيادة خطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية والأمراض الأخرى المنقولة عن طريق الاتصال الجنسي، واختيار محدود أو غير مناسب من وسائل تنظيم الأسرة، ومستويات أعلى من الحاجة غير الملباة لتنظيم الأسرة. لذا، وجب إيلاء اهتمام خاص بتعزيز حقوقهن الإنجابية، وإتاحة وسائل تنظيم الأسرة، وغيرها من خدمات الصحة الجنسية والإنجابية.

نشاط صندوق الأمم المتحدة للسكان

يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على جميع المستويات من أجل تحسين الحصول على خدمات  ووسائل تنظيم الأسرة وتمكين الخيارات الفردية، بالشراكة مع الحكومات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدينية ومجموعات الشباب والقطاع الخاص. ويساعد صندوق الأمم المتحدة للسكان مع شركائه على تعزيز خدمات الصحة الإنجابية المجتمعية والملائمة للشباب، وتوفير هذه الخدمات أثناء الأزمات الإنسانية. كما يخصص صندوق الأمم المتحدة للسكان في المنطقة العربية قدرًا كبيرًا من الاهتمام والموارد لجمع واستخدام الأدلة من أجل المناصرة وإعداد السياسات المبنية على الأدلة وجهود التخطيط الوطنية سواء من خلال الدعم المباشر للشركاء الوطنيين أو من خلال المنصات الإقليمية بما في ذلك جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي وغيرهم. كما يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان أيضاً ويدعو إلى تعزيز دمج رعاية الصحة الجنسية والإنجابية فى الرعاية الصحية الأولية لضمان حصول النساء والمراهقات إلى الرعاية التي يحتاجونها وتطوير أدوات المساعدة الفنية لدعم وزارات الصحة لتقييم العناصر المختلفة للخدمات الصحية التي تتطلب الدمج ورصد تقدم الجهود الوطنية في هذا الشأن.

ومن خلال برنامج الإمدادات  الخاص بصندوق الأمم المتحدة للسكان، يعمل الصندوق مع الشركاء والحكومات لضمان الحصول على إمدادات موثوق بها من وسائل تنظيم الأسرة المختلفة والأدوية والوقاية من الأمراض المنقولة جنسياً وخدمات صحة الأم. كما يعمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على دمج خدمات تنظيم الأسرة بالرعاية الصحية الأولية، حتى تتمكن النساء والفتيات من الحصول على المعلومات ووسائل تنظيم الأسرة بغض النظر عن المرفق الصحي الذي يذهبون إليه.

و للاستجابة لاحتياجات تنظيم الأسرة العاجلة خلال الأزمات الإنسانية، يقدم صندوق الأمم المتحدة للسكان حقائب  الصحة الإنجابية ووسائل تنظيم الأسرة الطارئة إلى وزارات الصحة وجميع الشركاء غير الحكوميين الذين يقدمون خدمات الصحة الإنجابية في البلدان العربية المتضررة. تحتوي حقائب الصحة الإنجابية سابقة التجهيز على وسائل تنظيم الأسرة بما في ذلك الواقي الذكري، ووسائل تنظيم الأسرة الرحمية، وحبوب تنظيم الأسرة والحقن.