أنت هنا

نتاليا كانيم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان

هل يكون التعذيب مقبولا إذا ما أضفي عليه طابعً طبيً "آمن" في عيادة طبيب؟ من الواضح ان الإجابة هي لا.

قبل مغادرتها منصبها وقعت الرئيسة الليبيرية إلين جونسون-سيرليف أمرا تنفيذيا بوقف العنف المنزلي. شمل الأمر حظرا لمدة عام على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وهي ممارسة لا داعي لها ويخطئ البعض في النظر إليها باعتبارها طقسا من طقوس عبور الفتيات لمرحلة البلوغ. 

إن هذه الممارسة لا تؤدي لأخطار صحية جسيمة لمن يتعرضن لها فحسب، وإنما هي أيضا تنتهك حقوقهن الإنسانية.

فهناك ما يقدر بـ 4 ملايين فتاة – وامرأة – يتعرضن لخطر التشويه في 2018. وفي حين تشهد الممارسة أكبر انتشار لها في أفريقيا، إلا أنها موجودة في كل مكان تقريبا، بما في ذلك أوروبا الغربية والأمريكتين.

ويعتبر الأمر التنفيذي الصادر في ليبيريا خطوة مهمة تجاه حماية صحة وحقوق فتيات في البلاد. ومع هذا، فإن مثل هذه التحركات ليست كافية وحدها لإنهاء ختان الإناث. فهذه الممارسة لن تختفي إلا عندما ترى المجتمعات بنفسها قيمة التخلي عنها. ولحسن الحظ هناك المزيد والمزيد من المجتمعات يعلنون التخلي عنها.

يدعم صندوق الأمم المتحدة للسكان الجهود المجتمعية المبذولة في العديد من البلدان لنبذ هذه الممارسة.

إن المجتمعات التي قررت حماية فتياتها من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، إنما قررت ذلك بعد أن اكتسبت فهما أكبر للمخاطر الصحية، وللطرق العديدة التي تنتهك فيها حقوقهن الأساسية،  ولحقيقة أن هذه الممارسة تنبع من استمرار ترسيخ عدم المساواة بين الجنسين.

ونتيجة لمثل تلك الجهود المجتمعية التي بُذلت في 2017 وحده، أعلن 2,959 مجتمعا في أفريقيا يصل عدد أفرادها لنحو 6 ملايين شخص إنتهاء هذه الممارسة.

وبينما تقول آلاف المجتمعات لا، هناك البعض، ومن ضمنهم من يعملون في الخدمات الطبية، يقولون نعم ويعيدوننا للخلف.

عندما يقول الأطباء إن الإجراء يجب السماح به فقط طالما تم بـ"طريقة آمنة" وبـ"أدنى درجة"، على يد أحد المهنيين الصحيين الماهرين، فإنهم بذلك يتجاهلون مغزى الأمر وهو أن الختان ممارسة تضر بالفتيات وتنتهك حقوقهن. لا يوجد انتهاك "أقل ضررا" أو "آمنا" لحقوق الإنسان.

هل يمكن التفكير بالمنطق ذاته عند تناول تأثير الانتهاكات الأخر لحقوق الإنسانى؟ فهل يمكن القبول بالتعذيب على سبيل المثال إذا أُجري بطريقة طبية "آمنة" في عيادة طبيب؟ من الواضح ان الإجابة هي لا.

دعونا لا نغفل حقيقة أن ما يقرب من 200 مليون فتاة على قيدة الحياة اليوم قد عانين من الصدمة البدنية والنفسية لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث. ومن دون تدخلنا الفعال، ستكون الملايين من الفتيات الأخريات عرضة للخطر في السنوات القادمة.

في هذا اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، أدعو الحكومات والمجتمع الطبي والمؤسسات التعليمية والدينية وكذلك وكالات الإغاثة بدعم الآلاف من المجتمعات الذين توحدوا لتغيير الأعراف الاجتماعية من أجل إنهاء هذه الممارسة. كما أدعو الرجال والفتيات إلى أن يكونوا جزءا أكبر من الحل.  كل منا له دور عاجل عليه أن يلعبه في مسيرتنا للأمام. معا نستطيع الوصول إلى عالم لا تخضع فيه أي فتاة لتشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتحظى كل فتاة فيه بالتقدير وتتمتع بحقها في انتقال آمن وصحي من المراهقة إلى مرحلة البلوغ.